عروبة الإخباري- خاص- هيثم حسان- فتحت حماس لشيطان غزة محمد دحلان باب مسجدها ومحرابها، ما يمهد لدخوله في مقبل الأيام إلى دار خلافتها “المقدسة”، بل ربما تنصبه خليفة أو أميرا للمؤمنين، تحت باب “فقه الضرورة”!!.
فبصفقتها الأخيرة مع دحلان فتحت حماس للجنرال الفار من القطاع كوة في الجدار الفلسطيني الذي كان معزولا عنه لمدة عقد كامل، وقبلت الحركة الإسلامية أن يتوضأ الشيطان من بحر غزة.
بدأت الحكاية بصفقة من وراء حجب، وفيديو كونفرانس في إطلالة غير بهية على المجلس التشريعي بغزة، ولن تنتهي بأن تطأ قدما الشيطان أرض غزة، التي أثخن فيها الجنرال المهزوم مؤامرات وقتل وسحل.
وخلال العشر سنوات الاخيرة عاش دحلان مقصى عن صناعة القرار الفلسطيني، بل ممنوع من الخوض فيه، ولاسيما بعد فصله من حركة فتح وملاحقته قضائيا واضطراره للفرار من الضفة الغربية، الأمر الذي حدا به لأن يجترح العديد من المؤسسات الإعلامية التي تجعل اسمه على قيد الحياة، بعدما توارى عن الأنظار، واصبح رجل الظلام الذي يحيك المؤامرات السياسية في الخفاء.
ورغم محاولاته الدؤوبة لاقتحام المشهد السياسي الفلسطيني بين الفينة والأخرى، استنادا إلى علاقاته الوثيقة مع بعض الدول إلا أنه فشل فشلا ذريعا.
أصبح دحلان من منفاه يراقب تطورات المشهد الفلسطيني الداخلي المتأزم بين حماس وفتح، ولم يجد ظرفا أكثر مثالية للتدخل المباشر من الظروف العصيبة الراهنة التي يمر بها قطاع غزة، فكان التدخل، والصفقة، تمهيدا للدخول إلى القطاع الذي سلمه وهرب منه في إحدى ليالي عام 2007.
وشكلت صفقة حماس/دحلان مفاجأة كبيرة تردد صداها على الساحة الفلسطينية بشكل عام، ليس بسبب عنصر المباغتة، وإنما لما شكلته من انتقال قسري ومفاجئ في طبيعة علاقة حماس وموقفها وسلوكها تجاه دحلان، في ظل الإرث الدامي الذي صبغ طبيعة هذه العلاقة سابقا.
وتشير المعلومات أن الصفقة التي تم إنجازها بين حماس ودحلان تشتمل على أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية، وتندرج تحت إطار خطة سريعة لتلافي آثار الحصار المفروض على القطاع، وحل أزماته المستعصية التي أرهقت كاهل أبنائه طيلة العقد الماضي، وتتضمن توريد السولار الصناعي الخاص بتشغيل محطة الكهرباء، وفتح معبر رفح بشكل شبه دائم.وتدشين منطقة تجارية حرة في الجانب المصري من الحدود المصرية/الفلسطينية، وتفعيل ملف المصالحة المجتمعية عبر إنشاء صندوق وطني يتكفل دحلان بتمويله بمبلغ قدره 150 مليون دولار، وفقا لبعض التسريبات.
أما الجانب الأخطر من التسريبات الذي يحجم الطرفين عن الخوض فيه؛ فيتعلق بدور دحلان السياسي وآليات التعاون السياسي والأمني بينه وبين حماس خلال المرحلة المقبلة.
إذ أشارت المعلومات عن تشكيل لجنة لإدارة غزة بالتوافق، بحيث تتم دعوة كل الفصائل والشخصيات للمشاركة فيها، وإسناد مهمة إدارة العلاقات الخارجية والشأن الدبلوماسي وإدارة المعابر لدحلان، فيما يتم إسناد الدور الأمني لحماس، دون الإتيان على ذكر سلاح المقاومة والخوض فيه.
لا يختلف اثنان أن دحلان يعتبر الرابح الأكبر من وراء الصفقة المبرمة مع حماس، وأن هذه الصفقة توصف بأنها “ضربة معلم” أو مكسب إستراتيجي لدحلان بكل معاني الكلمة، لكنها بالمقابل تحمل مخاطر جمة على حركة حماس والمجتمع الغزي، وكذلك الشعب الفلسطيني برمته، بل والقضية الفلسطينية، في ظل طموح لاينتهي لدحلان ولن يكون أقله السيطرة على القطاع، بحجة انه “اليسوع المخلص” للقطاع من آلامه، ولعل أدواره الأمنية وعلاقاته المشبوهةوامتلاكه سطوة المال يضفي الكثير من الشكوك على إمكانية استقرار علاقته طويلا مع أحد.
فالجنرال الفار يعتبر صفقته مع حماس مدخلا لتصفية حساباته مع خصومه السياسيين، وجسرا للعبور إلى بحر طموحاته الواسعة في اعتلاء سدة الرئاسة والحكم.
والحقيقة، أن هذه الصفقة ستقضي تماما على فرص استعادة الوحدة السياسية والجغرافية بين شقيْ الوطن الفلسطيني، وترسخ فكرة “غزة كيانا مستقلا”.
أخيرا، ربما تنهي صفقات السياسيين العداء الدامي بينهم، لكن هل ينتهي هذا العداء بين أولياء الدم، وهل إذا تسامح القتلة يعني موافقة المقتولين أو ذويهم على الغفران وطي صفحة الماضي وعدم الثأر، وكثير منهم يرفض العفو وينادي بالقصاص أو الثأر.
حماس تحالفت مع الشيطان، فهل يؤتمن جانب دحلان؟!.