لا يكاد يفصل بين قرار المحكمة الأردنية بسجن الجندي الأردني معارك أبو تايه وبين حادثة استشهاد الأردنيين الاثنين في السفارة الاسرائيلية سوى بضعة أيام ، ما يدعونا الى التساؤل حول امكانية افتعال حادثة السفارة الاسرائيلية وترتيبها بالتنسيق بين أمريكا واسرائيل لتحقيق شيء ما ؟ .
ففي الوقت الذي شغلت فيه قضية الجندي معارك أبو تايه الذي أطلق النار على الأمريكيين في قاعدة جوية جنوب الأردن نوفمبر الماضي ،فقتل ثلاثة منهم وحكم عليه بالمؤبد ، فان قبيلة الحويطات ( احدى أقوى القبائل الأردنية ) هددت باجراءات تصعيدية الى حين تخفيف هذا الحكم .
ووقعت الحكومة الأردنية في حيرة من أمرها ، فهي من جهة لا تريد اغضاب الأمريكيين ،حيث سمحت لذوي الجنود القتلى حضور جلسات المحاكمة ، ومن جهة أخرى لا تريد أية قلاقل أو اشكالات مع عشيرة ترى في الحكم الصادر على أحد أفرادها بأنه ظالم ، حسب وجهة نظرهم .
يبدو ان الحكومة الأردنية وضعت الأمريكان في صورة ما يجري ، ويبدو أنها أطلعتهم على أفكار أو نوايا بتخفيف الحكم الصادر عن الجندي معارك أبو تايه لامتصاص غضب قبيلة ” الحويطات ” ، الأمر الذي قوبل بالرفض الشديد من قبل الحكومة الأمريكية ، لاعتقادها بأن أبو تايه قتل الجنود الأمريكان بدم بارد وخالف كل التعليمات .
في هذا الوقت بالذات ،ودون أية مبررات يصعق الشارع الأردني بخبر اطلاق أحد حراس أمن بالسفارة الإسرائيلية النار بدم بارد وبقتل أردنيين اثنين أحدهما يعمل فنيا لتركيب الأثاث والآخر يعمل طبيبا ، الأمر الذي يزيد في تأزيم الوضع القائم ويفاقم المشكلة ويعقدها أكثر ، فالحكومة تصر على عدم مغادرة الحارس للسفارة ، في حين تفلح اسرائيل في اجلاء كافة موظفي السفارة دون اجراء أية تحقيقات مع الجاني ، استنادا الى بنود القانون الدولي الذي يكفل الحصانة لموظفي السفارات ، ضاربة بعرض الحائط مطالبات الحكومة الأردنية بالتحقيق مع الحارس القاتل قبل السماح له بالمغادرة .
ازاء ما ورد من معطيات ، وربط الحادثتين ببعضهما البعض ، لاسيما انهما متزامنتان ،فلا يكاد يفصل بين الحكم الصادر على الجندي معارك أبو تايه ، وخبر استشهاد الأردنيين على يد أحد حراس أمن السفارة الاسرائيلية سوى أيام ، فمن المنطقي أن يأخذنا التفكير الى ان حادث السفارة الاسرائيلية يبدو مفتعلا أساسا ولا يوجد له أية تبريرات سوى وجود نوايا مبيتة لدى طرف ما أو عدة أطراف في تحقيق شيء ما ، ربما تسويات معينة ؟ أو ربما تشديد احكام الضغط على الحكومة الأردنية ؟ اذ يبقى باب التكهنات مفتوحا على اتساعه حول سبب افتعال حادثة السفارة الاسرائيلية .