عروبة الإخباري – كتب سلطان الحطاب- حين تجهل الشيئ ربما تعاديه، فالمعرفة هي السبيل الى التقييم الصحيح ،ومن خلال التجربة بالمعاينة تقدمت البشرية وترسخ العلم، أقول هذا بصدد اطلاق احكام كثيرة من قبل بعض الأشخاص على مسألة ما أو حتى خدمة ما أو على شخص أو مجموعة أشخاص، ويكون من المعيب ان كانت تلك الأحكام تطلق من قبل كاتب أو صحفي يستوجب الحقيقة فيه أن يتوخاها وأن يحسب حسابا لما يكتب أو يقول.
حين غادر صديقنا جميعا مروان قطيشات الجوازات العامة والأحوال المدنية وقد شغل رأس المؤسسة فيها لسنوات طوال اتبع فيها سياسة الأبواب المفتوحة وارتبط اسمه بالارتياح حين غادر اشفقت أن لا تظل المؤسسة التي تميزت في الاردن بسرعة الأداء ودقته منذ زمن نصوح محي الدين الذي وضع الكثير من اسسها الادارية وجعلها على مدرج الاقلاع واعتقدت اننا لن نجد من يملأ المكان مثل مروان قطيشات، ولكنني وقد اختبرت اداء الجوازات العامة بحالة أو حالتين أدركت أن الدائرة مازالت بخير وأنها تواصل انطلاقتها تطويرا وتحديثا وانفتاحا وقدرة على الاجابة على كثير من الأسئلة وحتى تحريك القضايا المعلقة أو التي كان يجري عدم مناقشتها أو التي تحد القوانين والأنظمة الموضوعة من التعامل معها وتحتاج الى تشريعات جديدة أو تشكيل لوبيات نيابية فاعلة.
وجدت الباشا فواز الشهوان يقوم بذلك ويعمل في سبيل ذلك والرجل الذي خبر المؤسسة العسكرية الأمنية وخبرته ادرك تماما أن تعميق المواطنة و الانتماء اليها لايكون الآّ من خلال خدمة المواطن واسناده في حل مشاكله خاصة المتعلقة بمهمات الدائرة.
لا يدعي الشهوان أنه جاء الى الدائرة عالما ولكنه قال أنه جاء يتعلم وأن خلفيته الحقوقية قد خدمته وساعدته كثيرا ولذا ظل يضع الى جانبه مجموعة من الذين عملوا مع الباشا قطيشات من قبل وقد تكونت لديهم خبرات ادارية وقانونية عميقة ولم يبخل عليهم في ابداء الرأي والشراكة في القرار وما أسماه حماية ظهره حين طلب منهم ذلك وهو يتخذ قرارات يغلب عليها الطابع الانساني.
رأيته يتعامل مع أكثر من قضية معقدة ويدعو مساعديه ومستشاريه ويطلب منهم أن يطبقوا القانون وأن يكونوا بجانب المواطن، واستمعت الى شكوى سيدة متأثرة الى درجة البكاء جاءت من أحد مراكز الأيتام أو من هم في حالتهم من فاقدي الأهل أو النسب وكانت تشكو أن عندها منهم من غير الأردنيين من جارت عليهم الظروف الصعبة التي تعيشها مجتمعات عربية كثيرة وطلبت لهم وثائق بعضهم كان سجل بأسماء آباء أردنيين ليسوا آباءهم أو انتسبوا لأسر ليست أسرهم وحملوا شهادات ميلاد لا تمت بصلة لذويهم، استوقفه ذلك ، طرح اسئلتة واكتسب اجابات ووقفت السيدة ترجو ولكن الاجابة ليست عنده وانما تكمن في قرار لاتملكه الأحوال المدنية باعتبارها جهازا تنفيذيا يطبق القوانين، ولما كانت التشريعات لاتجيب أو قاصرة عن الاجابة عن مثل هذه الحالات طالب بردها الى وزارة التنمية والى مجلس الوزراء ليتخذ فيها قرارات لأنه صاحب الولاية ولأن منح الجنسية هي من مسائل السيادة .
وكشف الشهوان كثيرا من القضايا التي تحتاج الى تشريعات وحسم ومن هنا ظل يعتقد بضرورة أن تكون صلة الدائرة قوية مع مجلس النواب من خلال الحكومة ليظل السادة المشرعون مطلعون على كثير من النواحي التي يستطيعون التغيير فيها سيما وأن التشريعات في هذا الجانب قد تطورت أخيرا وبشكل كبير في استقلالية المرأة في اصدار جواز سفرها دون اذن الزوج أو حتى في السفر بمفردها ان أرادت وانها تستطيع أن تمنح جنسيتها لأولادها ان كانت مطلقة وهم في حضانتها مالم يكن الأولاد لاب غير أردني وهذه مسألة من المسائل التي اثارها، وقد صادف انني استمعت لمشكلة من هذا النوع حين كانت الشكوى من عدم قدرة امراة مطلقة من رجل يحمل الجنسية الأردنية وله منها أولاد وهي لاتحمل الجنسية الأردنية في عدم قدرتها على استدعاء أولادها من الخارج ليكونوا معها في حضانتها الى أن يوافق الزوج على منحهم الاذن باعطائهم جواز سفره الأردني.
لم نتحدث في هذا ولكنني استمعت اليه وقد كنت أريد اثارة مسألة طلابنا الدارسين في الخارج ومعاناة تجديد جوازات سفرهم عبر السفارات والوقت المستغرق سيما وأن بعض الدول لاتقبل استعمال جواز السفر ومدت صلاحيتة أقل من ستة أشهر ، وما يترتب على الطلاب أو على غيرهم من المغتربين الأردنيين رجالا ونساء من مشقة ومعاناة وطول وقت وارتفاع كلفة، وجدت الباشا يعرض لهذه المشكلة ويبحثها قبل أن أثيرها ويطالب بالربط الالكتروني بين الدائرة والسفارات والبعثات الأردنية في الخارج وبينها وبين الخارجية الأردنية اذ يستطيع الربط الالكتروني، أن يقوم بهذه المهمة وبسرعة كبيرة تماثل سرعة حصول الأردنين المقيمين في المملكة على جوازاتهم اذ أن ذلك لايكلف وقتا ولا جهدا، وقد كان الباشا متحمسا لذلك وقال أنه سيعرض ذلك بشكل تفصيلي على الجهات التي يعنيها الأمر فهل تستجيب كل تلك الجهات لفكرته الرائدة أم أنها ستؤجل أو تبطئ وان فعلت ذلك فالمطلوب أن يعرف المواطن أين يكمن الابطاء خاصة وأن جلالة الملك دعا ويدعو الآن الى ثورة ادارية بيضاء والى دحر المعطلين والمتقاعسين عن أعمالهم واستبدالهم بغيرهم ليكون الأردن نموذجا في الخدمة والادارة بعد أن تراجع في هذا المجال الى درجة لفتت انتباه جلالة الملك الذي بادر الى نقد الاداء الحكومي في أكثر من موقع ومناسبة.
اذن قضية الربط الالكتروني واحدة من أبرز الانجازات والخطوات التي تعمل الدائرة على اتخاذها لينتقل الى الأمام بشكل حاسم وواضح، وهذه فكرة يعود الفضل فيها ان نفذت الى الباشا الشهوان الذي قال أنه جاهز بعد أن استطاعت الدائرة أن تنجز بكفاءة أكثر من (1.800)مليون وثمانمائة ألف بطاقة أحوال مدنية حديثة من أصل (5)خمسة ملايين هم مجموع من هم في سن الحصول على البطاقة اي من هم فوق (18)سنة وقد جعلني ذلك استنتج فورا نسبة تقديرية لعدد سكان المملكة اذ نعلم أن 70% من سكان المملكة من الأردنيين هم تحت ال (18)سنة فمعنى ذلك أن عدد هؤلاء 7.5 مليون اضافة الى الملايين الخمسة وهذا يدلل على أن عدد السكان في بلدنا يزيد عن (11) مليون غير الوافدين الاّ يلفت ذلك الانتباه ويرتب اجراءات جديدة والتعامل مع وقائع وتحديات جديدة ، اذن الربط الالكتروني خطوة علمية ايجابية تقربنا من الحكومة الالكترونية التي بشرنا بها كأول بلد عربي ولكنني نمناعن البشارة وحولناها الى حلم صيفي بقينا نراه ليلا ولا يصاحبنا في النهار وسارت الأمم من أمامنا ونحن نتلفت لأن القرار مرهون لؤلائك الذين لايعتقدون بضرورة أن نتطور وانما يرهنونا لمستوى تفكيرهم ومصالحهم ورغباتهم.
ولأن بعضنا لايحب التغيير ويرى فيه الضرر ويقول كما قال القدامى الذين داهمتهم رسالة النور المحمدية “انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على آثارهم مقتدون”
فقد قام من يكتب ويستنكر دعوة الباشا الشهوان الى تقصير فهل حصول بعض القادرين من المراجعين للدائرة على خدمة أفضل مدفوعة الثمن وهذه الخدمة تقصير المهلة معمول فيها في كثير من دول العالم وقد رأيتها في اللبنان اذ يستطيع المراجعون من رجال الأعمال أوالمستعجلين من المواطنين بالسفر أو حجز تذاكر أو لأسباب طارئة أن يدفعوا لهذه الخدمة رسوما اضافية منصوص عليها ، وهذه الخدمة لن تكون على حساب خدمة المواطن العادي أو وقته أو حقه على الحصول على الخدمة لأنها الان تقع حين يقوم موظف بخدمة احدهم بتوصية أو بمعرفة فيمد أحدهم يده الى جيبه ويكافؤه بمبلغ نظير الخدمة على ادعاء أن ذلك هدية وهي رشوة بعينها لايجوز استعمالها أو اقرارها الآّ بتشريع أو تعليمات منصوص عليها ونافذة وهنا تستفيد الدائرة في اثراء موازنتها وتحسين ادائها أليس لدينا مايسمى بالتعليم الموازي ، أليس هنا درجات في ركب الطائرة يدفع الذي يريد أن يميز نفسة عليها مبلغا اضافيا .
أنحاز الى دعوة الباشا الشهوان في تأسيس هذه الخدمة وفرز موظفين لها والبدء فيها في الأماكن التي تفترض وجودها فيها كالمطار مثلا حيث الاستعجال حيث ربما يكتشف المسافر أن جوازه قد انتهى او أن اجراءات تحتاج الى مراجعة دائرة الأحوال قد استوجبت ولايستطيع السفر بدونها فيقوم المكتب في المطار أو مكتب واحد في العاصمة غير مركز الدائرة أو على الحدود أن يقوم بذلك وبسرعة على مدار الساعة وحتى ليلا فما يضير في ذلك .
الباشا الشهوان يرصد جديد ونافع وكل تغير يضع الدائرة التي يقودها حيث يجب أن تكون تطويرا واستجابة للنداءات الملكية للتطوير وقد ذكر لي أن هناك جهاز أكبر من الهاتف الخلوي قليلا وهو متنقل باليد وثمنه حوالي أربعة آلاف دينار يستطيع أن ينجز البطاقة التي يتزاحم المواطنون لاستخراجها في الدائرة أو في المراكز التي خصصت من خلال السيارات المتنقلة ومثل هذا الجهاز يوفر الكثير ويستعمله الموظف في زيارات متصلة للدوائروالمؤسسات الحكومية وحتى المدن والقرى والبوادي لاستكمال اجراءات منح البطاقات التي حددت لها مهل أخيرة في شهر حزيران وقد تمدد بعد ذلك.
اذن مسألة الخدمة السريعة من جانب الدائرة لمن يحتاجونها ويرغبون في دفع ثمنها لابد أن توفر بسرعة وأن تصدر تعليمات أو تشريع سريع بذلك وهي لابد أن تستجلب التأييد والرضى لا التحريض والاعاقة والنقد السلبي من أطراف لاتدرك المدى الذي وصل اليه العالم أو أن الله جعل الخلق بعضهم على بعض درجات دون أن يحرم الانسان من حق المساواة في حقوقه الأساسية.
لدى الشهوان افكار خلاقة افدت منها كثيرا وأنا استمع اليه خلال الساعة التي زرته فيها واطلعت على نشاط الدائرة التي يقودها وادركت حجم رضى الموظفين الذين يعملون بنشاط وافر وأيضا لم أجد أي شكوى أو تعطيل يشتكي منه المراجعون الذين تجولت بينهم وسألت سيدتين منهما احدهما كانت تسير بصعوبة وشخص آخر يحمل طفلا رضيعا أراد اضافته لجواز سفر أمه المسافرة.
الخطة في ذهن الشهوان واضحة وهو يرى أن البرامج للربط الالكتروني سهلا من خلال أن كل الملفات والوثائق متوفرة ولذا يمكن لمؤسسة طلال أبو غزالة أن تنجز ذلك وأن يجري الاستغناء عن كتابنا وكتابكم وردنا وردكم وفاكسكم غير الواضح والحقيبة التي تأخرت أو التي لم تأتي أصلا وربما لاتعود في وقتها والمراجع ينتظر أو ينتقل من بلد في المهجر الى بلد آخر فيه السفارة وفي رحلات بالطائرة مكلفة جدا.
ويرى الباشا أن استعمال الرقم الوطني في المعاملة يكفي لكشف كثير من المعلومات واستعمالها في الربط الالكتروني والتعرف على الشخصية المعينة ، وأن استعمال الرقم الوطني من جانب صاحبه يوفر له النموذج الذي عليه ان يملأه ويعيد ارساله الكترونيا ليحصل على الخدمة المطلوبة دون ازعاج أطراف أو اشغال أطراف عديدة ليست مهمتها الأساسية ذلك ، وهذا الأسلوب من الخدمة لايحتاج الى كتاب استدعاءات وأكشاك وطوابع تلصق واجور تدفع ومعرفين وأختام ومزابط ومرافقين ووفود تأتي وأخرى تذهب واشغال للدائرة وردهاتها.
أحسست والشهوان يتكلم أننا في رحلة ادارية قفزت بنا عن مشاهد عديدة ووقائع مختلفة وأننا نتخاطب الكترونيا بلغة صامتة لا جدل فيها ولا محاولات اقناع أو استدرار رضى أو موافقة وانما حقوق وواجبات ومواطنة، ادركت أن في مثل هذه الأفكار والرؤى التي طرحها مدير عام دائرة الأحوال المدنية والجوازات تكمن الاجراءات الصحيحة واللحاق بالعصر والتزام المصداقية فيما نقول بعد أن وعدنا مواطنينا بحكومة الكترونية منذ عقد من الزمن لم يزد الزمن في انتظارها الاّ تراجعنا وكثرت شكوانا ولعل نموذج القضاء شاهد على ذلك رغم كل القصائد التي كتبناها في مدحه وحث مؤسساتة على الاستعجال .
وخلاصة ما وصلنا لقد اسمعت لوناديت حيا!!
على هامش زيارتي للأحوال المدنية والجوازات (وضوح العنوان في مبادرات الشهوان)
20
المقالة السابقة