كان يمكن لتغريدة مغرضة أن تسمم العلاقات بين الشعبين الأردني والكويتي، زعم مطلقها كذبا أن الأردن ودول عربية أخرى امتنعت عن التصويت للكويت في انتخابات مجلس الأمن التي جرت قبل أيام ونالت الكويت نتيجتها عضوية المجلس لمدة عامين.
لم يكن لأحد من المسؤولين في البلدين أن يلتفت لمثل هذه الاشاعات، لولا أن صفحات لهواة ومغرضين على مواقع التواصل الاجتماعي، تداولت هذه الأخبار الكاذبة حتى غدت وكأنها حقيقة في نظر آلاف المتابعين.
أول من بادر لنفي هذه الأكاذيب مندوب الكويت لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي، أكثر الأشخاص بحكم موقعه وعمله اطلاعا على مجريات التصويت. وذكّر العتيبي في تصريحه بأن الدعم الذي تلقته الكويت من المجموعة العربية والإسلامية في الجمعية العامة، كان له الدور الحاسم في نيل الكويت عضوية مجلس الأمن. ووصف تلك الإشاعات بأنها محاولة للإساءة لعلاقات الكويت مع الدول الشقيقة.
عدد من المغردين النابهين لم يصدقوا تلك الإشاعة وتوجهوا بالسؤال لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، الذي رد عليها فورا بالنفي، وتأكيد موقف الأردن بدعم ترشح الكويت. وكان الوزير الصفدي قد بادر بعد فوز الكويت إلى الاتصال بنظيره الكويتي وتهنئته. لا بل إن الصفدي تلقى قبل أسبوع رسالة شكر من وزارة الخارجية الكويتية على الدعم والمساندة من البعثة الأردنية لدى الأمم المتحدة، وما بذلته سفيرة الأردن الدكتورة سيما بحوث من جهود إلى جانب الأشقاء الكويتيين وحشد التأييد لهم في أوساط المندوبين الأمميين.
علاقات الأردن مع الكويت هي أفضل ما يمكن أن تكون عليه العلاقات بين الدول العربية. وفي المحطات المفصلية كان البلدان يجدان نفسيهما دائما في نفس الخندق والموقف؛ الحكمة والاعتدال والشعور بالمسؤولية العالية حيال جميع القضايا التي تشغل العالم العربي.
وعلى المستوى الثنائي حافظت العلاقات على مستوى متقدم على جميع المستويات، وظل الأردن على الدوام يشعر بالامتنان لسياسة الكويت الملتزمة بدعم الأردن اقتصاديا، وحرصها على الاستثمار في السوق الأردني، والشواهد على ذلك لا تخطئها العين.
ويبدو أن هذه العلاقات المميزة بين البلدين كانت هدفا لمطلقي الإشاعات المغرضة، وقد راهن هؤلاء على وسائل التواصل الاجتماعي لتعميم الخبر الكاذب، على أمل أن يتحول إلى حقيقة، والأخطر من ذلك جر جمهور من غير المتابعين للشأن السياسي للدخول في مهاترات واتهامات متبادلة عادة ما تحفل بها تلك المواقع، بما يؤدي في نهاية المطاف لتسميم الأجواء واختلاق أزمة دبلوماسية بين البلدين.
لحسن الحظ أن التيار العريض من المتفاعلين على الطرفين كانوا أكثر حكمة من أن ينساقوا وراء أخبار مفبركة، لمعرفتهم الأكيدة بطبيعة العلاقات بين البلدين وعلى المستويين الرسمي والشعبي. كما أن سرعة التحرك من طرف المسؤولين في البلدين لنفي الإشاعات المغرضة، لم يترك لمروجيها فرصة بيع بضاعتهم الفاسدة على جمهور المتابعين، فدفنت الرواية المفبركة في مهدها.