عروبة الإخباري- هيثم حسان- بعض الرجال تتكيء عليهم الجبال، يحيدون عن طريق الممكن لتحقيق المستحيل، يحترفون المشي بين حبات المطر ولا يبتلّون، يسيرون في دروب شاقة وطويلة ولا يتعبْون.
موسى عبدالعزيز محمد شحادة من تلك الخامة النادرة من الرجال، التي بنت نفسها بنفسها، لم تتكيء على إرث عائلي أو موالاة مقبوضة الثمن، كان رجلا عصاميا، ولم يكن عظاميا في يوم من الايام، وهو ما أهله لتبوء أعلى المناصب في عالم الصيرفة، بل أصبح رقما صعبا فيه، ورائدا من رواد الصيرفة الإسلامية.
كانت صرخته الأولى في قرية بير ماعين في فلسطين عام 1941، وهي بلدة مشهورة بكثرة المقامات والأولياء وبالزراعة، وربما كان لذلك أثر ما في شخصية الرجل.
ولد الفتى في أسرة كبيرة، كمعظم الأسر في ذلك الزمان، فقد انجبت والدته الحاجة آمنة نحو 17 من الأبناء عاش منهم 10 أبناء.
تلقى موسى تعليمه الابتدائي والاعدادي في مدرسة القرية في بير ماعين لمدة سنتين ثم انتقل عام 1948 الى مدرسة صفا؛ حيث أكمل فيها الدراسة الابتدائية والإعدادية سنة 1956، في حين تلقى تعليمه الثانوي في مدرسة الرشيدية في القدس وحصل على الثانوية العامة “المترك” في العام 1959.
وبعد حصوله على الشهادة الثانوية العامة، بدأ العمل مبكراً لمساعدة عائلته؛ حيث التحق بالبنك العربي في القدس عام 1961، ثم في البنك الأهلي الاردني في عمان عام 1966، وأثناء عمله في البنك العربي انتسب موسى الى جامعة بيروت العربية، التي دخلها طالبا في كلية التجارة في العام 1963، ليمضي فيها قرابة 5 سنوات ويتخرج من بعدها يحمل درجة البكالوريوس في التجارة تخصص محاسبة في العام 1969.
واصل موسى شحاده تعليمه للمراحل الأخرى، وكانت هذه المرة في الولايات المتحدة الاميركية التي غادر اليها عام 1977 لدراسة إدارة الأعمال؛ حيث استكمل متطلبات الحصول على درجة الماجستير في العام 1979 من جامعة سان فرانسيسكو.
وفي العام ذاته عاد إلى عمان ليبدأ مشوارا عملياً ناجحاً ومتميزا امتد منذ العام 1980 حتى أيامنا هذه وذلك في خدمة وبناء مؤسسة مصرفية عريقة نشأت وقامت على اساس الاحتكام الى قواعد وأحكام وتعاليم الشريعة الاسلامية فكان البنك الاسلامي الأردني هو المحطة التالية والاهم في حياة موسى عبدالعزيز شحاده.
كانت لأبي صفاء في البنك الإسلامي الأردني بصماته الواضحة في مسيرة البنك وتطوره، وكان له دوره الكبير فيما وصل إليه البنك حاليا من مكانة مرموقة بين البنوك عامة على مستوى العالم العربي والاسلامي.
وتجربة البنك الاسلامي الاردني جرى استنساخها ومحاكاتها من قبل بنوك أخرى في المملكة أدت إلى ولادة بنوك مثل البنك العربي الاسلامي الدولي وبنك الاردن دبي الاسلامي ومصرف الراجحي الاسلامي، كما جرى استنساخها ومحاكاتها من قبل مصارف اسلامية اخرى خارج الاردن.
وبدأت مسيرة موسى شحاده في البنك الاسلامي بوظيفة مساعد مدير عام واستمر بها حتى 1981 ثم تدرج في البنك فتسلم منصب نائب مدير عام في العام 1982، ومن ثم تبوأ منصب مدير عام البنك في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 1982، وأضيف إليه منصب آخر هو نائب رئيس مجلس الادارة في عام 1995 وتنفيذاً لتعليمات الحاكمية المؤسسية التي تمنع أن يكون المدير العام عضواً في مجلس إدارة البنك احتفظ موسى شحادة بمنصب المدير العام الرئيس التنفيذي للبنك ولم يترشح لعضوية مجلس الادارة وذلك عام2015.
في موقعه، نهج ابو صفاء مبادئ في الادارة ادى تطبيقها بمنتهى الموضوعية والتعامل مع الجميع على اساسها الى اعتلاء البنك للمستوى الذي هو عليه الان ومن تلك المبادئ الصدق والشفافية والعدل والمساواة ومتابعة تفاصيل العمل والاستماع الى الآراء المتعددة من مختلف المستويات الادارية والحرص على مصالح جميع الاطراف من مساهمين وعملاء وموظفين.
موسى شحادة اسم حاضر في عدة هيئات ومؤسسات محلية؛ فهو بالاضافة الى عمله الرئيس نائباً لرئيس مجلس ادارة البنك الاسلامي الاردني ومديره العام، فهو رئيس مجلس ادارة شركة التأمين الاسلامية المساهمة العامة، ورئيس مجلس ادارة شركة الأمين للاستثمار المساهمة العامة، ورئيس مجلس ادارة الشركة العربية لصناعة المواسير المعدنية، ورئيس هيئة مديري شركة السماحة، كما انه عضو مجلس ادارة في بنوك اسلامية خارج الاردن ومنها بنك البركة/البحرين، ورئيس وعضو مجلس ادارة لعدد من الشركات المساهمة العامة في الاردن والخارج فهو نائب رئيس هيئة مديري الكلية العربية ذات مسؤولية محدودة، ونائب رئيس هيئة مديري شركة المدارس العمرية، ورئيس هيئة مديري شركة سنابل الخير للاستثمارات المالية، ورئيس مجلس ادارة الامان للتأمين التكافلي – لبنان اعتباراً 23/3/2010 حتى الان.
وعلى صعيد العضويات فإن أبا صفاء عضو في لجنة الحوار الاقتصادي/وزارة الصناعة والتجارة لعام 2012، وعضو مجلس ادارة المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الاسلامية اعتباراً من 9/4/2006، وعضو مجلس امناء المركز الاسلامي الدولي للمصالحة والتحكيم/دبي من 9/4/2005 الى الان، وعضو مجلس امناء وعضو مجلس ادارة جامعة البتراء الاردنية وعضو مجلس امناء الجامعة الهاشمية منذ 2010، وعضو مجلس ادارة مؤسسة تنمية اموال الاوقاف، وعضو مجلس ادارة جمعية رجال الاعمال الاردنيين، عضو مجلس ادارة جمعية البنوك الاردنية من 1983 ورئيس مجلس إدارة الجمعية منذ عام 2015، وعضو مجلس معايير المحاسبة فيها، وعضو اتحاد المصرفيين العرب في لبنان 17/4/2007 الى الان، وعضو شرف رابطة الادب الاسلامي العالمية من 4/4/2000 الى الان، وعضو منتدى الفكر العربي، الاردن، وعضو جمعية الدراسات والبحوث الاسلامية 18/6/1994 الى الان، عضو مجلس ادارة كلية الشريعة – الجامعة الاردنية لعدة فترات وآخرها 11/2/2012 وغيرها.
وكان لشحادة دور ملموس في الاجتهادات الفقهية لهيئة الرقابة الشرعية من حيث تبصيرها بواقع المعاملات والنقاط الدقيقة فيها، ما يمكن اعتباره مساعدا كبيرا للنهوض بالمؤسسة المصرفية الاسلامية والفقه الاسلامي لمواجهة قضايا العصر المالية.
كما انه اعتمد مبدأ الشورى في التعامل مع الموظفين او مع اعضاء هيئة الرقابة واستطاع بناء شخصيات قيادية في المؤسسة كانت قادرة على تحمل المسؤولية عن عملها معتمدا مبدأ الحوار والمشاركة والشورى حتى تمكن من ايجاد الموظف والمسؤول المتحمل لمسؤولياته الكاملة.
يتكئ شحادة على خبرة مصرفية واقتصادية كبيرة، مستندا إلى عمق وفهم واسع للقضايا المصرفية والاقتصادية في الأردن والإقليم والعالم.
وقد حقق البنك الاسلامي الاردني في عهد شحادة أرباحا قياسية، نتيجة ثقة الناس بالبنك وبحسن إدارة شحادة وبطريقة تعامله مع الآخرين.
رغم كل ذلك، فإن أبا صفاء لم يتعب ولم يكلْ، وما زال يتقد حماسا ونشاطا، وهو يمثل مدرسة وأنموذجا في التفاني والإخلاص.