عروبة الإخباري – رجّح سياسيون أن يكون للقمة العربية الإسلامية الأميركية، التي بدأت أعمالها في العاصمة السعودية الرياض، دور مهم في الإحاطة بمختلف ملفات المنطقة وفتح آفاق التسوية لها، ومنها القضية الفلسطينية، والحرب في سورية، والتدخلات الإيرانية، إضافة إلى ملف الإرهاب.
واعتبروا أن مناقشات القمة يمكن أن تقدم مؤشرات حقيقية عن هذه الملفات، وأن تكون ذات جدوى سياسية، خاصة لانعقادها بعد التئام القمة العربية في عمان بوقت قصير، إضافة إلى التنسيق عالي المستوى الذي بذله جلالة الملك عبدالله الثاني مع الزعماء العرب من جهة، والرئيس الأميركي دونالد ترامب من جهة أخرى.
وفي السياق، يرى رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري أن “ثلاث قمم شهدتها المنطقة هي، في المحصلة، تنوع في توزيع الجهد لصالح حل قضايا المنطقة بشكل سلمي وسريع، أولها القضية الفلسطينية”.
وأضاف المصري لـ”الغد”، أن الملك عبد الله الثاني “واظب طيلة الأشهر الماضية بإصرار، لتكون القضية الفلسطينية، التي تتسبب بكل النزاعات وتفشي الإرهاب وخطاب الكراهية، على رأس الأولويات التي يجب أن يتم التعامل معها بسرعة”.
وأشار إلى أن الإدارة الأميركية الجديدة “أدركت الآن أن هذا الأمر صحيح، ولهذا جاء الرئيس ترامب إلى المنطقة في أول زيارة خارجية له، ليستمع إلى رأي زعماء العرب ويتأكد له صدق مسعاهم والجهود التي يبذلونها”.
وأردف: “إذا لم تحل القضية الفلسطينية بشكل سريع وعادل، فربما تكون الفرصة ضاعت، وربما ستبقى المنطقة على صفيح ساخن”.
وأشار إلى أن القمة “مهمة بالنسبة لنا، وهناك من يتحرك ضد ترامب، كالقضاء والكونجرس الأميركيين، بسبب تصريحات تحدث بها يمكن أن تشكل خطورة على إسرائيل”، مضيفا أن “الحملة تشتد على ترامب، ليس لوقوفه إلى جانب العرب، وإنما لوصوله في الموضوع الفلسطيني إلى نقاط ترفض إسرائيل أن يتعامل بها وأن يضغط عليها بها”.
وقال: “أتمنى على القيادة السعودية وجلالة الملك عبد الله الثاني والرؤساء العرب، أن يطرحوا بقوة في القمة المرتقبة التأكيد على أن القضية الفلسطينية هي قضية أراض محتلة، والاتفاق على أن تخلى تلك الأرض من الاحتلال وتعود إلى أصحابها، وأي مطالبات إسرائيلية يمكن حلها بعد أن يقرر الفلسطينيون ذلك”.
وأضاف: “يجب أن يفهم ترامب أن نتنياهو ليس ذئبا نباتيا، لأنه قد يأكله، وعليه أن يحذر منه”.
من جهته، قال وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر، إن هذه “أول زيارة خارجية للرئيس الأميركي الجديد، وتشمل 3 مراكز دينية للإسلام والمسيحية واليهودية، وقد بدأها بالمنطقة الإسلامية لدى زيارته السعودية، ويزور بعدها فلسطين مهد المسيحية واليهودية، ويلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ثم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويكمل بعدها جولته باتجاه الفاتيكان”.
وعبر أبو جابر عن اعتقاده بأن “ترامب هو رجل أعمال وليس رجل سياسة، إذ إنه في ذهابه الى فلسطين ولقائه الرئيس عباس ونتنياهو، سيعزز حديثه السابق حول الحل السلمي بدولة أو دولتين لا فرق”.
وعبر عن تفاؤله بأن “يعزز مجيء ترامب خطوات مهمة للحل السلمي في القضية الفلسطينية، وفيما يتعلق بالتباحث مع بابا الفاتيكان، فذلك لأنه مهتم بتقريب وجهات النظر بين الإسرئيليين والفلسطينيين، فاختار الفاتيكان محطة أخيرة لتحقيق الحل السلمي في المنطقة”.
من جانبه، قال وزير الشؤون السياسية الأسبق بسام حدادين، إنه “يمكن القول إن هذه القمة بداية تشكلِ اصطفافٍ جديدٍ يعمل على توحيد الجهود لتحقيق إنجازات تنسجم مع مصالح الدول الفاعلة بهذا الائتلاف أو الحلف”.
وأضاف حدادين: “مما لا شك فيه، أن الدور الجديد المتنامي للإدارة الأميركية في عهد الرئيس ترامب، يجعل من هذا الائتلاف قوه فاعلة ومؤثرة على موازين القوى في الساحة السورية، ويفتح آفاق تسوية فلسطينية إسرائيلية، ويضع موضوع اليمن على صفيح ساخن، بالضغط على الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح والحوثيين”.
وأضاف: “هذا بالضرورة سيؤدي لتسخين العلاقات مع الإيرانيين الذين يشعرون، منذ انتخاب الرئيس ترامب، بضيق وتشاؤم، وسيزيد من نقاط الخلاف مع الروس، مما يهيئ المنطقة والإقليم لصيف ساخن يدفع بالإخلال بالتوازنات القائمة، لجهة كسب نقاط لصالح هذا التحالف الناشئ”.
وفي الموضوع الفلسطيني، توقع حدادين أن تفتح قمة الرياض بوابة لبحث الملف الفلسطيني على الطاولة، لكن “المشوار طويل للتلاقي مع اليمين الإسرائيلي الذي لا يضع على أجندته مسألة التسوية السياسية والسلام، في إطار حل تسمح به قرارات الشرعية الدولية”.
وعبر عن اعتقاده بأن إدارة ترامب وتوجهاتها المعلنة إزاء قضايا المنطقة كان لها صدى على القوى الفاعلة في المنطقة والإقليم، مشيرا إلى أن القمة العربية ومخرجاتها تأطرت في الدور الجديد المأمول للإدارة الأميركية، وهي بالضرورة تتلاقى مع مخرجات قمة الرياض العربية الإسلامية الأميركية.
من جهته، قال وزير الإعلام الأسبق الدكتور نبيل الشريف، إن هذه القمة “مهمة، وهي لقاء يمكن أن ينتج عنه الكثير من المعطيات لعدة أسباب، أولها أن اجتماع القادة العرب والمسلمين بشكل موسع يعني وجود رسالة يتفق عليها هؤلاء القادة، وثانيها وجود الرئيس ترامب الذي يعطي هذه القمة أهمية خاصة ليس بالنظر لثقل الولايات المتحدة على الساحة الدولية، وإنما للدور الذي يمكن أن يلعبه شخصيا، وهو الذي وصل إلى سدة الرئاسة بتقديم حلول على الساحة العالمية”.
وأضاف: “هذه القمة جاءت بعد وقت قصير من القمة العربية في عمان، وربما تبني على ما تم التوافق عليه، وتعزيز الجهود الكبيرة التي بذلها جلالة الملك عبدالله الثاني في هذا الإطار”.
ولفت إلى أن “هناك ملفات كثيرة ومعقدة ومتشابكة، لكن ما يطمئن هو القدر الكبير من التنسيق الذي بذله الملك، ولقاءاته الثنائية مع الرئيسين المصري والفلسطيني، حتى نخاطب العالم برسالة واحدة”. وختم الشريف بأنه “نظرا لأن الملفات والقضايا متشابكة، فلا يمكن أن نجترح حلولا سحرية لها، لكن القمة تضع خطوات أولى للعمل”.الغد