عروبة الإخباري- تنطلق اليوم الثلاثاء جولة جديدة من مفاوضات السلام حول سوريا في جنيف، تطغى عليها إلى حد كبير محادثات استانة، بالاضافة إلى إخفاق جديد للفصائل المعارضة بعد إجلاء مقاتليها من ثلاثة أحياء في دمشق.
وأكد المبعوث الأممي إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، خلال مؤتمر صحافي، امس الاثنين في مبنى الأمم المتحدة في جنيف والتي سيعقد فيها مؤتمر جنيف 6، والذي يضم وفدي المعارضة السورية والنظام السوري، أن أعمال العنف تعيق العمليات الإنسانية في سوريا.
وقال دي ميستورا ان الجولة المقبلة من المفاوضات السورية ستكون يومي الجمعة والسبت، وستركز على قضايا سياسية وإنسانية.
وتابع دي ميستورا أن هناك مستجدات على الأرض تؤثر إيجابا وسلبا على المفاوضات وفي حالة «المناطق الآمنة» فنحن ننتظر ما هي نتائج ذلك، مؤكداً ان اتفاق استانة الأخير للمناطق الآمنة ستتم مناقشته خلال جنيف 6.
وقال دي ميستورا، إنه لولا اجتماع أستانة لما رأينا جنيف 6، وشدد على أهمية الالتزام بوثيقة أستانة للتهدئة، التي قدمتها موسكو، وتنص على إنشاء مناطق منخفضة التوتر، تحت ضمانة كل من روسيا وإيران وتركيا.
وبدأت الوفود المشاركة في جنيف، بالوصول إلى العاصمة السويسرية، امس استعداداً لانطلاق مؤتمر «جنيف 6»، التي من المقرر أن تستمر 4 أيام، في ظل غياب لجدول أعمال المؤتمر، ومن المقرر ألا تكون هناك مناقشات مباشرة بين وفدي المعارضة السورية والنظام السوري.
وشدد ممثلون في الهيئة العليا للتفاوض، على أن «جنيف 6» سيبدأ مما انتهت إليه الجولة السابقة وخصوصاً الانتقال السياسي مع التشديد على تطبيق البنود الإنسانية في قرار مجلس الأمن 2254 وسعيها لتثبيت وقف إطلاق النار بشكل عاجل في كامل الأراضي السورية.
وبعد ست سنوات من الحرب المدمرة التي تسببت بمقتل أكثر من 320 ألف شخص، تُبذل الجهود السياسية لتسوية النزاع السوري حالياً حيث تستضيف الأمم المتحدة جولات مفاوضات غير مباشرة بين طرفي النزاع. وتشهد استانة منذ كانون الثاني/يناير جولات محادثات موازية برعاية روسيا وايران حليفتي الرئيس السوري بشار الاسد وتركيا الداعمة للمعارضة.
ويرى محللون ان الأمم المتحدة تبدو وكأنها في سباق مع محادثات استانة التي تشهد زخما أكبر، خصوصاً بعد توقيع مذكرة في الرابع من الشهر الحالي تقضي بإنشاء أربع مناطق «تخفيف التصعيد» في الجبهات الأكثر عنفا في سوريا. وقد وضع الاتفاق موضع التطبيق.
ومنذ بدء سريان الاتفاق قبل اسبوع، تراجعت وتيرة القتال في مناطق عدة. ولكن في دمشق التي لا يشملها الاتفاق، تمكنت الحكومة السورية من تنفيذ اتفاقات إخلاء ثلاثة أحياء كانت تحت سيطرة المعارضة، لتقترب بذلك من السيطرة شبه الكاملة على العاصمة للمرة الأولى منذ العام 2012.
ولم تنجح جولات مفاوضات السلام السابقة في تحقيق نتائج ملموسة. في الجولة الأخيرة في آذار/مارس، بدأت أطراف النزاع مناقشة السلال الاربعة التي يتألف منها جدول الأعمال وهي الحكم والدستور والانتخابات ومكافحة الارهاب. لكن المفاوضات تجري بين كل طرف ودي ميستورا، لا في لقاءات مشتركة.
ويقول الباحث المتخصص في الشؤون السورية في مؤسسة «سانتشوري فوندايشن» أرون لوند ان لمفاوضات جنيف «قيمة رمزية»، «لكنها لا تمضي قدماً بأي شكل من الاشكال».
ويتابع «في الممارسة، همّش مسار استانة إلى حد كبير مسار جنيف، على الاقل في الوقت الراهن».
وكما جرت العادة، يرأس مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك بشار الجعفري الوفد الحكومي، فيما يرأس وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية، الطبيب نصر الحريري، ويتولى الحقوقي محمد صبرا مهمة كبير المفاوضين.
ويتمسك وفد المعارضة بمطلب رحيل الرئيس السوري بشار الاسد عن السلطة في المرحلة الانتقالية، الامر الذي ترفضه دمشق بالمطلق وتعتبره غير قابل للنقاش أصلاً.
ويرى لوند ان «مسار جنيف يدور حول مطلب بلا أفق بتمثل في التفاوض حول العملية الانتقالية».
ويوضح ان «الانعكاس الرئيسي لربط تحقيق السلام بالانتقال السياسي هو تهميش دور الأمم المتحدة في جنيف، مقابل تحويل الانتباه إلى استانة».
وفي جولة المحادثات الأولى في استانة في كانون الثاني/يناير، اتفقت روسيا وايران وتركيا على تعزيز اتفاق لوقف اطلاق النار بدأ سريانه في 30 كانون الاول/ديسمبر بموجب اتفاق بين موسكو وأنقرة.
وتتالت الاجتماعات إثر ذلك في استانة، وصولا إلى توقيع الدول الثلاث الضامنة مذكرة قبل أقل من أسبوعين تقضي بإنشاء مناطق «تخفيف التصعيد» في ثماني محافظات سورية.
ويرى لوند أن «مسار استانة لا يحمل المضمون نفسه (الذي يناقش جنيف) وتتم إدارته بشكل أكبر وفق شروط روسيا. وهذا يعني انه أكثر انسجاماً مع الوقائع على أرض المعركة».
واعتبر الرئيس السوري بشار الاسد في مقابلة مع قناة «او ان تي» البيلاروسية نشر نصها الإعلام الرسمي الخميس، ان مفاوضات جنيف «مجرد لقاء إعلامي»، مضيفاً: «لا يوجد أي شيء حقيقي في كل لقاءات جنيف السابقة، ولا 0,1 بالمليون، حتى هذا الرقم غير موجود».
وفي ما يتعلق بمحادثات استانة، قال الاسد: «الوضع مختلف.. تلك المحادثات بدأت تعطي نتائج من خلال أكثر من محاولة لوقف إطلاق النار، آخرها ما سمّي مناطق تخفيف التصعيد أو تخفيف الأعمال القتالية».
واتسمت الجهود الدبلوماسية لتسوية النزاع السوري في الاشهر الأخيرة بغياب تام للدور الأمريكي في عهد الرئيس دونالد ترامب.
وفي ظل إدارة الرئيس الاسبق باراك أوباما، لعبت واشنطن تحديداً عبر وزير الخارجية السابق جون كيري دوراً كبيراً في مفاوضات جنيف، بوصف الولايات المتحدة احدى الدولتين الراعيتين للعملية السياسية إلى جانب روسيا آنذاك.( القدس العربي)