عروبة الإخباري- يحيي الفلسطينيون، اليوم، الذكرى التاسعة والستين لـ”نكبة” العام 1948، بينما ما يزال زهاء ستة ملايين لاجئ فلسطيني، منهم أكثر من مليونين في الأردن، ينتظرون عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجِروا منها بفعل العدوان الإسرائيلي.
ويتزامن إحياء اليوم الخامس عشر من “النكبة”، لهذا العام، مع تواصل إضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية لليوم 29، بما يهدد حياتهم، وسط تعنت الاحتلال ومضيه في عدوانه وقضمه للأرض الفلسطينية، التي “لم يتبق منها سوى 35 % من مساحة الضفة الغربية بيد الفلسطينيين”، وفق مسؤولين.
ويعم الوطن المحتل الأنشطة والفعاليات المتنوعة للتأكيد على “حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي تهجروا منها بفعل العدوان الصهيوني في العام 1948″، وفق اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة.
إذ تشهد الضفة الغربية المحتلة “إضراباً تجارياً عاماً، تزامناً مع انطلاق مسيرة جماهيرية حاشدة من ضريح الرئيس الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات باتجاه دوار المنارة في رام الله، حيث يتم تنظيم مهرجان مركزي ضخم على مستوى فلسطين المحتلة”، وفق الناشط أحمد أبو رحمة.
وقال أبو رحمة، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، إن “فلسطين المحتلة تشهد برنامجاً حافلاً لإحياء ذكرى “النكبة” على مدى أيام، من أجل تأكيد التمسك الفلسطيني بحق العودة، باعتباره حقاً مقدساً لا يسقط بالتقادم”.
وأضاف أن “الأنشطة والفعاليات متنوعة، بترتيب من اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة، وبالتنسيق مع القوى والفصائل الوطنية، فضلاً عن انتشار المسيرات والمهرجانات الخطابية في مختلف المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية”.
وأشار إلى “تنظيم المسيرات الشبابية الحاشدة باتجاه نقاط التماس مع قوات الاحتلال عند الجدار العنصري والحواجز العسكرية و”الخط المحتل” الفاصل عن الأراضي المحتلة العام 1948، في ظل تصعيد الشارع الفلسطيني ضد عدوان الاحتلال بحق الأسرى في معتقلاته”.
كما يشهد قطاع غزة المحاصر تنظيم الأنشطة والفعاليات المتنوعة، أبرزها مهرجان “عائدون” الضخم، لتأكيد عدم التنازل عن “حق العودة” والمطالبة بالتحرك الدولي تجاه تسريع عملية إعادة إعمار القطاع.
وقد عززت قوات الاحتلال من تواجدها الأمني والعسكري المضاد عند الحواجز والمعابر ونقاط الاحتكاك في الأراضي المحتلة العام 1967، مقابل تصعيد لغة التهديد والوعيد لفلسطينيي 1948 حيال أي نشاط يحمل “روح النكبة”، تحت طائلة العقوبة، وفق مسؤولين إسرائيليين.
لاجئو الشتات
من جانبهم؛ يقارع اللاجئون الفلسطينيون في مخيمات الشتات سنوات نكبتهم التاسعة والستين “بمفاتيح” و”قواشين” تاريخية قديمة يحتفظون بها من عمر لجوئهم، تمسكاً “بحق العودة” ورفض التوطين.
ويحرص اللاجئون، في المخيمات المتوزعة بأرجاء المملكة، على إحياء الذكرى السنوية “للنكبة”، تعبيراً عن “التمسك بحقهم غير القابل للتصرف أو الزوال بحكم التقادم”.
فيما من المقرر أن تنطلق الأنشطة والفعاليات المتنوعة في مختلف أقطار اللجوء والشتات، اليوم، لتأكيد “تمسك اللاجئين الفلسطينيين بحق عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي هُجروا منها بفعل العدوان الصهيوني عام 1948.
وكانت سلطات الاحتلال قامت خلال “النكبة” بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكاب أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، واستلاب 79 % من أرض فلسطين التاريخية، وتشريد زهاء 900 ألف لاجئ فلسطيني.
فيما قدر لاحقاً أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلتهم بين أعوام 1948 و1956 بنحو خمسة آلاف لاجئ ممن حاولوا العودة إلى وطنهم.
ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ تقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة نحو 43.1 % من مجمل المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي.
وبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى “الأونروا” حوالي ستة ملايين لاجئ، يستضيف الأردن أكثر من مليوني لاجئ منهم، فيما يقيم 372 ألفاً و822 لاجئاً منهم في 13 مخيماً للاجئين، بينما تنتشر الغالبية الباقية خارج المخيمات.
في حين قدر عدد المواطنين الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم عام 1948 بحوالي 154 ألف فلسطيني، حيث يبلغ عددهم اليوم حوالي 1.5 مليون نسمة.
استلاب الأرض والتاريخ
من جانبه؛ رئيس اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبد الهادي هنطش، إن “الشعب الفلسطيني يعيش “النكبة” يومياً في مختلف المجالات، بسبب عدوان الاحتلال وانتهاكاته المتواصلة، بالقتل والاستيطان والتهويد ومصادرة الأراضي وهدم المنازل”.
وقال هنطش، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، إن “سلطات الاحتلال تقوم بتنفيذ مخطط الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي الفلسطينية، لمنع عودة اللاجئين والنازحين إلى أراضيهم، حيث صادرت زهاء 65 % من مساحة الضفة الغربية منذ العام 1967، تحت ذرائع “المناطق الخضراء” و”المغلقة” و”المحمية”، الخ”.
وأوضح أن “مساحة الضفة الغربية المتبقية بيد الفلسطينيين، اليوم، تبلغ أقل من 35 %، وهي مساحة متقطعة الأوصال وغير متصلة جغرافياً، بسبب المستوطنات والطرق الالتفافية والحواجز العسكرية، بعدما حولها الاحتلال إلى كانتونات معزولة”.
ولفت إلى أن “المساحة الإجمالية الخارجة من يد الاحتلال في الضفة الغربية وتلك الكائنة في قطاع غزة، التي تعادل نحو 12-15 % من مساحة فلسطين التاريخية، لا تتجاوز نحو 47 % بيد الفلسطينيين”.
فيما “تمكن الاحتلال من فصل القدس المحتلة عن بقية أجزاء الضفة الغربية، حيث لا يربط بينهما سوى شارع ضيق، يحمل الرقم 40، يتجه من الخليل لرام الله، ومحاطاً بالأسلاك الشائكة والجدران الحديدية، ولا يتجاوز عرضه 16 متراً”.
ويجثم على أراضي الضفة الغربية المحتلة حوالي 672 ألف مستوطن، منهم نحو 200 ألف في القدس المحتلة وحدها، ضمن 255 مستوطنة و451 بؤرة استيطانية.
التمسك الفلسطيني بحق العودة
بدوره؛ أكد المجلس الوطني الفلسطيني “تمسك الشعب الفلسطيني الثابت بحق العودة إلى أرضه ودياره التي هجر منها جراء سياسات الإرهاب والإجرام التي مارستها العصابات الصهيونية العام 1948، باعتباره حقاً مقدساً وغير قابل للتصرف ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه أو يساوم عليه”.
ووجه المجلس، في بيان أمس، التحية للأسرى الذين يخوضون إضراب “الحرية والكرامة”، مؤكداً “وقوف الشعب الفلسطيني إلى جانبهم وهم يحاولون بشجاعة وبسالة انتزاع أبسط حقوقهم الإنسانية والمعيشية من قبضة السجان المجرم الذي يمارس بحقهم أبشع أصناف القهر والظلم والاضطهاد.”
وقال أن “معاناة الشعب المستمرة بفعل آثار وتداعيات النكبة ستنتهي”، مؤكداً “استمرار الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته للاحتلال، بكل الوسائل، حتى تحقيق كامل حقوقه وأهدافه في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.
وطالب “المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه الشعب الفلسطيني الذي ما زال يرزح تحت نير الاحتلال”، داعيا إلى “التحرك الجاد والفاعل لرفع الظلم الواقع عليه وتمكينه من استعادة حقوقه الوطنية المشروعة.”
وشدد على أهمية “الالتفاف حول منظمة التحرير، باعتبارها الممثل لشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أينما وجد، كمدخل لتحصين الجبهة الداخلية ومواجهة التحديات المحدقة بالمشروع الوطني”، داعيا إلى “إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة الوطنية”.
من جانبه؛ أكد القيادي في حركة “حماس”، محمود الزهار، أن حركته “لن تسقط البندقية وستحافظ على الثوابت الفلسطينية”.
وقال الزهار، خلال المؤتمر الوطني الحادي عشر للحفاظ على الثوابت الفلسطينية الذي عقد أمس في غزة، إن “ثوابتنا جزء من ديننا لا نفرط في أي منها، وندافع عن حق الإنسان الفلسطيني، مسلماً كان أو مسيحياً، ولا نفرط في شبر واحد من أرضنا و مقدساتنا”.
وشدد على أن “الثوابث الفلسطينية لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، ولا تحابي أي انسان، ولا تخضع لأي جبروت”، مبيناً أن “الدفاع عن المقدسات في فلسطين واجب، حيث سيتم مواصلة العمل حتى تحرير كل شبر منها.”
بدوره؛ حذر عضو المكتب السياسي لحركة “الجهاد الإسلامي”، محمد الهندي، من “تحالف يتم تدشينه في المنطقة راهناً بقيادة الاحتلال الإسرائيلي، بزعم محاربة الإرهاب، بهدف تقسيم المنطقة وفتح أبواب التطبيع بين الدول العربية والاحتلال على مصراعيه”.
وأضاف الهندي، خلال المؤتمر، إن “ما تقوم به سلطات الاحتلال منذ سنوات تجاه الشعب الفلسطيني، من قتل وتشريد واعتقال وشن 3 حروب على قطاع غزة، إنما هو الإرهاب بعينه”.
وأشار إلى أن “السلطات الإسرائيلية هي واحة الإرهاب، حيث تقتل المصلين والمرضى”، معتبراً أن “التحالف الجديد يستهدف صنع نكبة جديدة للشعب الفلسطيني، ما يستدعي عدم التنازل عن الثوابت”، بحسبه.
إلى ذلك؛ كان معهد أبحاث القدس الإسرائيلي قد أشار، عبر موقعه، إلى معطيات رسمية، أفاد فيها بأن عدد المستوطنين في القدس المحتلة تضاعف مرتين تقريباً منذ احتلال الجزء الشرقي منها سنة 1967.
وأوضحت تلك المعطيات أن عددهم قد “ارتفع من 197700 إلى 542000 مستوطن، ينتشرون في أرجاء المدينة المقدسة، بشرقها وغربها، فيما يصل العدد حالياً إلى 865 ألفا و700 نسمة، ما يشكل ضعفي التعداد السكاني في ثاني أكبر مدينة” محتلة، مثل تل الربيع – يافا.
وبحسبها؛ يعيش غالبية المستوطنين في الجزء الغربي من القدس، لكنهم أقاموا 14 حياً استيطانياً في شرقي القدس، كل واحد منها يضاهي قرية كبيرة أو مدينة صغيرة، فضلاً عن استيطان مجموعات متفرقة منهم في قلب الأحياء العربية لتهويدها، لاسيما في البلدة القديمة.
ولفتت إلى “وصول ما تسميهم 3138 مهاجراً جديداً إلى القدس المحتلة في العام 2015، وهو الرقم الأكبر منذ سنوات الألفين”، بحسبها، مبينة أن 79 % من المواطنين الفلسطينيين العرب يعيشون تحت خط الفقر.
وكانت سلطات الاحتلال قد ضمت زهاء 70 ألف دونم من الضفة الغربية إلى القدس، في العام 1967، لأجل تهويدها، كما سنت قانوناً خاصاً، لم يحظَ باعتراف دولي، بضمها إلى الكيان الإسرائيلي واعتبارها “العاصمة الأبدية والموحدة لدولة إسرائيل”، وفق مزاعمها، وبالتالي عدم التعامل معها كمدينة محتلة.(الغد)