عروبة الإخباري- تُستأنف محادثات السلام السورية في جنيف، اليوم الخميس، بعد تعليقها لمدة عشرة أشهر وسط ترجيحات بعودة الخلافات المعهودة إلى الظهور رغم التغيّر الكبير في السياق العسكري والسياسي.
وخيّم التشاؤم منذ اليوم الأول على مفاوضات جنيف 4 حول سوريا، فالخلاف الذي كان من المؤمل أن يحل في الرياض خلال اجتماعات الهيئة العليا للتفاوض برئاسة رياض حجاب بتشكيل وفد موحد للمعارضة، لم يقنع المبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، الذي عاد ووجّه دعوات إلى 3 منصات (موسكو/الرياض/القاهرة) بشكل منفصل، على أن يستكمل التشاور لإقناع وفود المعارضة للاندماج بوفد موحد بعد أن استجاب للطلب الروسي والضغط التركي بأن يكون نصف الوفد من العسكريين وأبقى على النصف الآخر للمنصات الأخرى.
وعلى هامش مؤتمر جنيف التقت «القدس العربي» جمال سليمان ، من منصة القاهرة، حيث أكد «أن دي مستورا وجّه الدعوة للمنصات الثلاث كلاً على حدة بحيث يكون الوفد الموحد 4 للائتلاف و3 لموسكو و3 للقاهرة»، وأعرب عن أمله «أن يتفهم الإخوة في الهيئة العليا للتفاوض هذا الترتيب للمساعدة في إنجاح المفاوضات».
مصدر من الائتلاف في جنيف، رفض الكشف عن اسمه قال لـ «القدس العربي»، إن «الائتلاف لا يمكنه أن يوافق على هذه الصيغة الجديدة التي تقدم بها دي مستورا عقب ان ابلغنا بموافقته الرسمية على مخرجات اجتماع الرياض وتشكيلة الوفد المفاوض».
وأضاف: «لدينا مشكلة في التراجع الكبير في موقف دي مستورا عندما حذف من الدعوة الفقرة الخاصة بالمرحلة الانتقالية والذي يعني إسقاط الهدف الرئيس لاجتماعات جنيف وقرارات مجلس الأمن 2118 و2254 والتي في تقديرنا تفضي إلى بحث مستقبل الاسد في بداية المرحلة الانتقالية لكن دي مستورا في تعديلاته الجديدة يصر على بحث الدستور والانتخابات والاستفتاء وهي مراحل لاحقة كما ورد في القرارات الدولية».
المسألة الثالثة التي ترجح كفة المتشائمين من اجتماع جنيف، غموض الموقف الأمريكي، رغم دعوة الرئيس دونالد ترامب إلى إقامة مناطق آمنة في سوريا، لكن لا يوجد فريق لدى الإدارة الأمريكية حتى الآن خاص بالملف السوري، إضافة إلى الغموض في طروحات الإدارة الجديدة للمناطق الآمنة التي أعلن عنها ترامب، ووقف الدعم العسكري واللوجستي للمعارضة المعتدلة، حيث اكتفت واشنطن بإرسال سفيرها لدى المعارضة في تركيا مايكل راتني. إضافة إلى ذلك، ثمة علامة استفهام بشأن موقف ترامب الذي أشارت تصريحاته العلنية إلى أنه مهموم بشكل أكبر بمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» وليس الإطاحة بالأسد. ويبدو أنه انسحب من الشراكة الأمريكية – الروسية التي قادت المساعي الديبلوماسية السورية في الماضي.
وقال دي ميستورا الأسبوع الماضي: «أين الولايات المتحدة؟ لا أستطيع أن أخبركم لأنني لا أعرف. الشيء الوحيد الذي أفتقده في هذه اللحظة لكي تتوافر لدي معادلة واضحة… هو استراتيجية أمريكية واضحة.»
وما يعزز التشاؤم من عدم وجود أي اختراق في هذه الجولة هي طرفة لا تخلو من دلالة أطلقتها مساعدة من وفد المبعوث الدولي دي مستورا حيث قالت «هذا الاجتماع لن يكون مهماً وحاسماً، ولكن ربما سيكون الأهم هو جنيف 5 أو 6».
وشددت المعارضة السورية، على لسان المتحدث باسمها، أحمد رمضان، على أن «الحكومة السورية وإيران تعرقلان مباحثات السلام في جنيف من خلال العمليات العسكرية «. وأضاف المتحدث في جنيف، قبل المباحثات «هناك خطة إيرانية، يدعمها النظام، لتقويض المفاوضات عبر التصعيد العسكري«.
وتابع أن «الموقف مشابه للمباحثات التي توسطت فيها الأمم المتحدة العام الماضي، عندما انسحبت المعارضة في نيسان/إبريل الماضي للاحتجاج على تصعيد القوات الحكومية لهجماتها «.
وأكد أنس العبدة رئيس الائتلاف الوطني السوري، إن «الائتلاف ملتزم بمحادثات جنيف بشكل كامل وعلى استعداد لمناقشة حل وانتقال سياسي وإنه ليس بالإمكان مناقشة المخاطر الأمنية الكبيرة في ظل بقاء الأسد في السلطة.»
في المقابل، قال النائب شريف شحادة المؤيد للأسد إن «على المعارضة أن تدرك أن هناك واقعاً جديداً على الأرض في سوريا وهناك تغيرات على الساحة الدولية»، مشيراً إلى «أن الأوضاع ليست مثلما كانت من قبل «. وأضاف أن «الظروف الميدانية والوضع السياسي تغيرت ومن ثم فعلى المعارضة أن تدخل المفاوضات بروح المشاركة لا الإقصاء».
ويريد مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا أن يركز على إصلاح الحكم في سوريا وطرح دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة. وتخشى بعض شخصيات المعارضة وديبلوماسيون غربيون وعرب أن يستمر العنف إلى ما لا نهاية إذا بقي الأسد في السلطة. وتشير نسخة مسربة من دستور صاغته روسيا إلى أنه قد يستمر في الحكم لعدة فترات ولاية كل منها سبع سنوات.
وقال دبلوماسي غربي: «ستكون قوة جذب للإرهاب… هذا أمر واضح ومنطقي لكن من الصعب طرحه كفكرة لأن الناس متلهفون على السلام. الناس يقولون. لماذا تدعمون الإرهاب. الأولوية هي لوقف الإرهاب. ادعموا بشار». لكن المعارضة، ترى أن الأسد مسؤول عن مئات الآلاف من الوفيات. وتلقي حكومته مسؤولية إراقة الدماء على المعارضة.
وسيقود السفير السوري لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، وفد الحكومة، بينما سيكون وفد المعارضة بقيادة نصر الحريري، وهو طبيب قلب يبلغ من العمر 40 عاما من محافظة درعا حيث انطلقت أولى التظاهرات الكبرى ضد الأسد في 2011. ولن تلعب روسيا وإيران اللتان تدعمان الأسد وتركيا والولايات المتحدة اللتان تدعمان معارضيه أي دور مباشر في المحادثات.
وقلّل الأمين العام الجديد للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش من سقف التوقعات بشأن حدوث انفراج.
وقال «السلام سيصبح ممكنا عندما تكف أطراف الصراع عن الاعتقاد بأنها ستنتصر. لست واثقاً من أننا وصلنا إلى هذه النقطة بعد في سوريا.»
وتابع «أخشى أن البعض لا يزال يعتقد أنهم قد يكسبون هذه الحرب وأنا أعتقد أن هذا محض أوهام ومن ثم فلست متفائلاً بشأن الحل القصير المدى للأزمة السورية.»(القدس العربي)