عروبة الإخباري – وصف إيمانويل ماكرون، أحد أبرز مرشحي الرئاسة الفرنسية، مساء الأربعاء 15 فبراير/شباط 2017، استعمار بلاده للجزائر (1830-1962) بـ”الجريمة ضد الإنسانية”، في خطوة غير مسبوقة لسياسي بمستواه خلَّفت جدلاً في باريس.
جاء ذلك خلال حوار لماكرون، وهو مرشح مستقل ووزير اقتصاد سابق (بين 2014 و2016) مع فضائية “الشروق نيوز” الخاصة خلال زيارته للجزائر، حيث أجرى محادثات مع كبار المسؤولين فيها، بحثاً عن الدعم في الانتخابات.
وقال المرشح الرئاسي إن “الاستعمار يدخل ضمن ماضي فرنسا.. إنه جريمة، بل جريمة ضد الإنسانية، وعمل وحشي، وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نشاهده أمامنا ونقدم اعتذاراتنا للذين ارتكبنا بحقهم هذه التصرفات”.
واستدرك: “لكن لا يمكن مسح كل شيء، ففرنسا نقلت قانون حقوق الإنسان في الجزائر، لكنها نست أن تقرأه (تعبير مجازي يعني عدم احترام مضمونه)”.
موقف غير مسبوق
وحسب ماكرون، فإن “الاعتراف بوجود هذه الجرائم لا يجب أن يقودنا لتحميل المسؤوليات والتوريط لأنه لا يمكن بناء أي شيء على ذلك”.
وتطالب الجزائر رسمياً وشعبياً منذ الاستقلال عام 1962 باعتذار رسمي لفرنسا عن “جرائمها” الاستعمارية، فيما تقول سلطات باريس إن الأبناء لا يمكن أن يعتذروا عما ارتكبه الآباء والأجداد.
ويعد هذا التصريح من ماكرون -الذي تضعه استطلاعات الرأي ضمن الأوفر حظاً في سباق الرئاسة- موقفاً غير مسبوق من سياسي فرنسي بهذا المستوى.
جدل في فرنسا
وخلَّفت هذه التصريحات جدلاً في فرنسا مساء الأربعاء، وعلَّق عليها فرانسوا فيون منافسه في الانتخابات عن حزب الجمهوريين اليميني بالقول: “السيد ماكرون تجرأ على وصف الاستعمار بجريمة الحرب.. هذه التوبة الدائمة غير لائقة”، وذلك في تغريدة على “تويتر”.
من جهته قال القيادي في نفس الحزب جيرالد دارمانين في تغريدة على “تويتر”: “عار على ماركون الذي سبَّ فرنسا من الخارج”.
ورد ماكرون على هذه الموجة من الانتقادات بتغريدة على “تويتر” قال فيها: “أوقفوا الانقسامات حول هذه المواضيع.. أنا لم أتهم ولم أضخم الأشياء”.
وماكرون، الذي تضعه استطلاعات الرأي ببلاده في مقدمة المرشحين الأوفر حظاً للفوز بسباق الرئاسة، التي ستجري جولتها الأولى في شهر أبريل/نيسان القادم، يقدم نفسه كبديل لتياري اليمين واليسار في البلاد.
ورفض هذا السياسي الترشح باسم الحزب الاشتراكي، ودخل كمتسابق مستقل بعد تأسيس حركة سميّت “إلى الأمام”.
وتملك الجزائر واحدة من أكبر الجاليات في فرنسا، حيث تشير أرقام رسمية أعلنها سفير الجزائر السابق بواشنطن، عمار بن جامع، عام 2016، أن “هناك أكثر من مليون فرنسي من أصل جزائري هم معنيون حالياً بهذه الانتخابات”.