عروبة الإخباري- رأى خبراء عسكريون أن هناك تغييرا واضحا في السياسة الأردنية في سياق محاربة المملكة الطويلة مع الإرهاب والتطرف، وهو تحول يعكسه بشكل بارز التنسيق الأردني شبه الكامل مع روسيا، والتواجد الفاعل في مفاوضات استانا بين المعارضة السورية والتنظيمات المعارضة المسلحة.
وبينوا لـ”الغد” أن الأردن “معني بالدرجة الأولى بالحفاظ على أمنه وحدوده”، لذلك “تندرج لديه تحت العنوان العريض المتمثل في محاربة الإرهاب تحولات في الموقف والرؤية بما يخدم مصلحته، وتحديدا التحالف ضد “داعش” وجبهة النصرة”.
وقالوا: “أي سيناريو في الجنوب السوري، قد ينهي وجود التنظيمات الإرهابية، فإن الأردن سيقف الى جانبه من خلال تحالفه مع قوات التحالف الدولي ضد الارهاب، وروسيا وفصائل الجيش الحر، أو حتى من خلال ضباط الارتباط مع جيش النظام السوري”.
اللواء محمود ارديسات قال إن “توجه الأردن واضح.. فهو مع التحالف ضد داعش وضد التنظيمات الإرهابية، وهذه أولويته، وأي قوى بالجنوب السوري تحارب التنظيمات الإرهابية فنحن معها .. لأننا ضد الإرهاب ومعنيون بالمحافظة على أمننا الوطني وأمن حدودنا”.
وأضاف “لذلك أي سناريو مستقبلي يصب في النهاية بمحاربة الإرهاب وكسر شوكة الإرهاب في الجنوب السوري، فإن الأردن سيتوافق معه لأنه معني به”.
وينتظر الجنوب السوري، وتحديدا مدينتي درعا والسويداء المحاذيتين للأردن، حملة تطهير عسكرية للتنظيمات الإرهابية (جبهة النصرة وداعش)، ومن المرجح أن يشترك بها جميع الأطراف المحاربة للإرهاب، منها قوات التحالف الدولي وروسيا، ومرجح أيضا مشاركة فصائل من الجيش الحر.
بدوره، يرى الخبير العسكري اللواء المتقاعد فايز الدويري أن هناك “تغيرا واضحا” في المقاربة الأردنية بخصوص الملف السوري، والتي عكستها مقابلة رئيس هيئة الأركان وقائد حرس الحدود والغارة الجوية لطائرات سلاح الجو الملكي على مواقعه “داعش” في الجنوب السوري مؤخرا، والمشاركة في لقاء “استانا” والدعوة لأستانا أخرى، وهي “مقاربة ترتكز على محاربة الإرهاب ضمن التحالف والتنسيق الكامل مع روسيا، والحصول على دور فاعل في مفاوضات استانا أو في أي خطوة تساعد على حل الأزمة السورية”.
ورأى أن ذلك “قد يتطلب نوعا من التنسيق مع داعمي النظام السوري أو النظام نفسه”.
وبحسب الدويري، فإن السيناريو الذي تم في معركة حلب يختلف عن السيناريو في الجنوب السوري، حيث تواجد “داعش” في منطقة حوض اليرموك، او في منطقة شمال شرق السويداء في البادية السورية، فيما جبهة النصرة تتواجد في الجنوب السوري على شكل جماعات صغيرة مندمجة احيانا مع جماعات المعارضة المسلحة، مما يصعب عملية قتالها ما لم يتم الفصل بينها وبين الجماعات الاخرى.
واضاف الدويري ان امرا مهما تجب ملاحظته ايضا، ويتعلق بمعبر نصيب السوري المحاذي لمعبر جابر الاردني، متوقعا ان “يسعى النظام السوري لاستعادة السيطرة على هذا المعبر، وقد يتمثل الدعم الاردني بالضغط على جماعات الجيش الحر لعدم مساعدة جبهة النصرة في قتالها ضد النظام”.
ويؤيده بذلك العميد المتقاعد حسن ابو زيد، الذي يرى أن أي سيناريو في الجنوب السوري قد ينهي وجود التنظيمات الإرهابية “سيقف الأردن لجانبه، من خلال تحالفه مع قوات التحالف الدولي ضد الارهاب، وروسيا وفصائل الجيش الحر أو من خلال ضباط الارتباط مع جيش النظام السوري”، مشيرا إلى أن هذا السيناريو “يعتبر خطوة استباقية ينفذها الأردن في مكافحة التنظيمات الإرهابية، وتعتبر إحدى الوسائل الرادعة للإرهاب، والدفاع عن الحدود الاردنية من خطر عناصر التنظيمات الإرهابية”.
ويجد ابو زيد ان خطوة الاردن بهذا الاتجاه “تكتيك استراتيجي لمحاربة التنظيمات الإرهابية، التي ربما ترتد نحو الأراضي الاردنية متجاوزة للحدود بطريقة غير مشروعة، وربما تشكل خطرا على أمن المملكة، في حال تلقت ضربات عسكرية، كالتي تلقاها تنظيم داعش في الموصل”.
وكان اللواء الروسي حاجيمحميدوف قال في تصريحات خلال اجتماع استانا، الذي حضره الاردن كمراقب قبل ايام، ان الجانب الاردني “قدم خلال المحادثات معلومات مهمة جدا حول الوضع في جنوب سورية، وأبلغنا بتوجه الفصائل المسلحة في الجنوب نحو الانضمام لنظام وقف الأعمال القتالية واستعدادها لإجراء عمليات قتالية ضد التنظميات الإرهابية الدولية مثل داعش وجبهة النصرة في جنوب سورية”.
وتابع الجنرال الروسي “أن ممثلي الجانبين الإيراني والتركي والأمم المتحدة أبدوا اهتماما كبيرا بالتقرير (الاردني) حول الوضع في جنوب سورية، وأعربوا عن الاستعداد لمواصلة التعاون مع الجانب الأردني”.
وسبق لموسكو أن شكرت الأردن على جهوده في دعم الهدنة في سورية، والتي أسفرت عن انضمام اثنين من الفصائل التي تحارب تحت لواء “الجبهة الجنوبية” إلى نظام وقف إطلاق النار. يشار الى ان كازخستان وروسيا وجها اول من امس دعوة جديدة لعقد لقاء للاطراف المعنية بوقف اطلاق النار في سورية بين الحكومة والمعارضة المسلحة، لاجتماع ثانٍ في استانا، حيث شملت الدعوة الاردن مرة اخرى.(الغد)