في هذا اليوم ، تحتفل الأسرة الأردنية الواحدة بيوم ميلاد الملك الإنسان، جلالة القائد الأعلى الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله وأمد في عمره، عميد آل هاشم، وصاحب الشرف الرفيع القادم من عمق التاريخ وعبق العروبة، الملك الذي بذل لأمته ووطنه خلاصة جهده وعلمه، فكان القائد الشجاع، والمعلم الحكيم، والأب الحاني، وكنا ولا نزال بحمد الله سالمين في وطننا، آمنين في أرضنا، بفضل توجيهاته السديدة.
ولن أذهب في هذا المقام بعيداً بالحديث عن عظم هذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، فذلك أمر يعد من بديهيات العشق النابض في قلوب الأردنيين لقائدهم، وإنما هو مقام يستوجب منا تجديد العزم، وشحذ الهمم، والمضي للعمل بتوجيهات جلالة القائد الأعلى في خدمة الوطن، وبناء المجتمع الآمن والعادل لمستقبل الأجيال.
يقول جلالة القائد الأعلى: ” بالنسبة لي ما يميز الدول المتقدمة الناجحة في خدمة مواطنيها وحماية حقوقهم، وهو الأساس الحقيقي الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة، وهو الضامن للحقوق الفردية والعامة، والكفيل بتوفير الإطار الفاعل للإدارة العامة، والباني لمجتمع آمن وعادل؛ إنه سيادة القانون المعبِّر الحقيقي عن حبنا لوطننا الذي نعتز به. إن إعلانات الولاء والتفاني للأردن تبقى مجردة ونظرية في غياب الاحترام المطلق للقوانين”.
هي حكمة حملت توجيها عاماً، وهي واحدة من التوجيهات التي سطرها جلالة القائد الأعلى في ورقته النقاشية السادسة تحت عنوان “سيادة القانون أساس الدولة المدنية”، والمتأمل في القول المقتبس عن جلالته، يجده نابعاً من فلسفة هاشمية راسخة الجذور، نستشرف من خلالها إطاراً فكرياً يرسم ملامح دولة مدنية، تقوم على الحق والعدل والنزاهة، وهي الصورة المنسجمة مع الفطرة الإنسانية، المتوافقة مع المنهج القويم الذي مثل جوهر حضارة عربية إسلامية، قامت على مبادئ العدل والمساواة، وهي ذات المبادئ السامية التي قامت من أجلها النهضة العربية الكبرى تحت لواء آل هاشم الأطهار.
ولحماية المبادئ السامية، والقيم الأخلاقية، ولضمان الحقوق الفردية والعامة، كان لا بد لذلك من قوة أمنية محترفة، قادرة على إنفاذ القوانين العادلة، ضمن فلسفة أمنية واعية لما يحيط بنا من متغيرات اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، تجمعها علاقة مبنية على الاحترام والتعاون مع جميع مكونات الدولة من مؤسسات، ومواطنين، فكانت قوات الدرك، والتي جاء تشكيلها من وحي الرؤية الثاقبة، والبصيرة النافذة، من لدن جلالة القائد الأعلى، وهي القوة التي سنعمل بإذن الله وبتوجيهات جلالته ودعمه الموصول، على النهوض بقدراتها العملياتية، والإدارية، وتوظيف طاقات منتسبيها، ضمن استراتيجيات أمنية حديثة، تحاكي التوجيهات الملكية السامية، لكي تبقى قوات الدرك على الدوام محط ثقة القائد، وموضع فخره وتقديره.
وتبقى الدولة المدنية القائمة على أسس العدالة والشفافية، نتاج فكر عربي هاشمي، مدرك لأسباب الأمن والاستقرار، وهي الدولة التي تتسع للجميع، المعبرة عن ثقافة الأمة، والتي لا مكان فيها للكراهية والعصبية، تقوم على إحقاق الحق للفرد والجماعة بدون ظلم وافتئات للحقوق، تحكمها أدوات قادرة على إنفاذ مبادئها، وقيمها، وتشريعاتها، في إطار من احترام حقوق الإنسان وصون كرامته، ومنها يكون الأمل، وعبرها نقطع الجسور نحو المستقبل الواعد الذي يقودنا إليه حامل رسالة الثورة العربية الكبرى، وراعي نهضتها، المدافع عن كرامة الأمة، الملك العربي الهاشمي الذي غدا بأفعاله وكلماته قلب الأمة النابض، وضميرها المعبر عن وجدانها.
كيف لا وهو من خاطب العالم الغربي في الجلسة العمومية للأمم المتحدة قائلاً: “اليوم، وبعد سنوات من خوض حرب عالمية ضد الإرهاب، أجد نفسي مصدوما من الفهم المغلوط لطبيعة الإسلام لدى العديد من المسؤولين الغربيين، والمعاهد الفكرية، وقادة الإعلام، وصنّاع السياسات، حيث أجد نفسي مضطراً لتوضيح ما هو واضح المرة تلو الأخرى… الإسلام يعلمنا أن البشر متساوون في الكرامة، ولا تمييز بين الأمم أو الأقاليم أو الأعراق، ويرفض الإسلام الإكراه في الدين، ولكل مواطن الحق في أن تحفظ الدولة حياته وأسرته وممتلكاته وعرضه وحريته الدينية”.
إن التعبير عن حبنا الصادق، وولائنا المطلق لجلالة القائد الأعلى لا يكون إلا من خلال العمل والاجتهاد لترجمة توجيهات جلالته ورؤاه إلى واقع ملموس من حولنا، وهو الدولة المدنية والمجتمع الآمن العادل، وفيهما الغد المشرق لمستقبل الوطن والأجيال، ولقد آن الأوان أن نلتقط كل الإشارات، ونتشبث بكل الكلمات التي تأتينا من قائد برهنت الأيام على علو فكره، وعميق درايته بمكنونات التقدم والازدهار، وهو وقت الوفاء لجلالته عبر احترام القوانين، والعمل على إنفاذها كل ضمن اختصاصه، وحدود مسؤولياته، وهو ما ارتضاه جلالة القائد الأعلى بأن يكون العهد بيننا عندما قال “وأطلب من كل مواطن أن يعبر عن حبه لبلدنا العزيز من خلال احترامه لقوانينه، وأن يكون عهدنا بأن يكون مبدأ سيادة القانون الأساس في سلوكنا وتصرفاتنا”.
وهو العهد لكم منا يا مولاي في قوات الدرك بأن نبقى الرجال الأوفياء، المحافظين على أمن الوطن وكبريائه، العاملين على إنفاذ القانون وضمان سيادته، بنزاهة، وشفافية، وعدالة، ومساواة، متحلين بأخلاق القوة، ومتسلحين بقوة الأخلاق، واضعين نصب أعيننا توجيهات جلالتكم الحكيمة كدستور عمل, وميثاق شرف, لا نحيد عنهما أبداً, مستبشرين برؤيتكم الثاقبة, ونهجكم الواثق, ملتفين من حولكم لمزيد من الإنجاز والعطاء, لوطنٍ رفعتم شأنه وأعليتم بنيانه، سائلين المولى – عز وجل – أن يمد في عمركم ويمتعكم بموفور الصحة والعافية، ويبقيكم ذخراً وسنداً للوطن والأمة, وكل عام وجلالتكم بألف خير .
بقلم المدير العـام لقـوات الدرك
اللواء الركن حسين محمد الحواتمة
قوات الدرك ، رؤية ثاقبة في عيون القائد/ بقلم اللواء الركن حسين محمد الحواتمة
14
المقالة السابقة