عروبة الإخباري – فيما شهدت الأعوام الخمسة الماضية تزايدا لافتا بالجرائم الأسرية، دعا خبراء إلى الإسراع في اقرار مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، خصوصا وان القانون الساري حاليا غير قابل للتطبيق.
وبين هؤلاء أن “مشروع القانون الجديد يوفر الحماية للأسرة ويشمل آليات تكفل فاعلية أكبر لإجراءات الحماية بما فيها تفعيل دور لجان الوفاق الأسري والزامية التبليغ عن حالات العنف الأسري”.
وحذر الخبراء من توجه بعض النواب لرد القانون باعتباره لا يتوافق مع عادات المجتمع الاردني، معتبرين ان “هذا الرأي مجاف للواقع خصوصا ان القانون ينبع من العادات والقيم والتقاليد الاردنية التي تؤكد قداسة مفاهيم العائلة والحفاظ عليها وحمايتها”.
وأوضحوا أن غاية القانون وهدفه “معالجة الثغرات في القانون الحالي”، لافتين الى انه “لا يمكن تجاهل حالات العنف الأسري التي تقع بين حين وآخر والتي تتطلب تفعيلا أكبر لمنظومة حماية الأسرة”. وفي آخر الجرائم الأسرية التي شهدتها المملكة ذهب ضحيتها أم وبناتها الثلاث على يد زوجها الذي “يدمن المخدرات” بحسب جيرانه، فيما شهدت مدينة إربد قبل ذلك بعدة أسابيع جريمة قتل بشعة اخرى ذهب ضحيتها الزوجة والابن والابنة، وبعدها بأسابيع لقي الجاني حتفه نتيجة لأزمة قلبية.
كما سجلت في الفترة الماضية عدة جرائم أسرية رغم وجود بلاغات بحقها، لكن لم يتم اتخاذ الاجراءات المناسبة بسبب ضعف القانون الحالي، ابرزها قضية الطفلة نورا ذات العامين ونصف العام والتي لقيت حتفها نتيجة للضرب المفضي الى الموت على يد والدها.
ورغم أن الطفلة، ضحية الجريمة الأخيرة كانت أدخلت الى المستشفى قبل نحو اسبوعين من الوفاة وشخص الطبيب المسؤول اصابتها بأنها ناجمة عن الضرب، لكن عدم تبليغ الطبيب عن حالة العنف نتيجة لعدم وجود بند يعاقب على عدم التبليغ تسبب بعودة الطفلة الى والدها المعنف ووفاتها لاحقا.
وفي هذا السياق تقول الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة سلمى النمس، ان “واقع الحال يشير الى ارتفاع في بلاغات العنف الأسري”، مبينة انه “خلال العام الماضي بلغ عدد بلاغات العنف الواردة 8 آلاف بلاغ تم تحويل نحو نصفها الى القضاء في حين تم تسوية الحالات الاخرى”.
وبينت النمس أن “مشروع القانون يعد خيارا أفضل للتعامل مع قضايا العنف الاسري” خصوصا أن القانون الحالي “أثبت عدم قدرته على التعامل مع القضايا على ارض الواقع”.
وتابعت، “لدينا بعض الملاحظات على مشروع القانون الجديد ونأمل ان يتم الأخذ بها من قبل مجلس النواب خصوصا الجوانب المتعلقة بتعريف العنف الأسري وتوسيع التعريف كذلك، بحيث يكون التعريف في المادة 2 “أن العنف الاسري هو الجرائم والجنح التي يرتكبها افراد الاسرة وعدم قصرها على الجرائم”.
ولفتت النمس الى بند ايجابي في مشروع القانون وتحديدا المادة 4 منه والتي تنص على غرامة مالية وحبس بحق الممتنعين عن التبليغ، لكنها لفتت الى “ضرورة ان تشمل العقوبة كذلك كل من يفصح عن هوية مقدمي البلاغات”.
وينص مشروع القانون كذلك على حماية الشهود لجهة عدم الإفصاح عن هويتهم لكنه لا ينص على عقوبة بحق من يفصح عن هوية مقدمي البلاغ.
كما دعت النمس الى “مراجعة المادة 8 من القانون بحيث يكون تقرير الحالة هو الخطوة الاولى عند تسوية النزاع بين الاطراف”.
وقالت “في المحصلة القانون خطوة ايجابية ونأمل أن يتم إقراره بأسرع وقت كونه يشكل نقلة نوعية بالمقارنة مع القانون السابق”.
المستشار القانوني بوزارة التنمية الاجتماعية عايش العواملة يقول، إن “الغاية من القانون هو الحفاظ على كيان الأسرة وحمايتها”، لافتا الى أن هذه الغاية لم تكن ممكنة نتيجة للاختلالات في القانون الساري”. وأضاف: “أبرز تلك الاختلالات كانت في تطبيق لجان الوفاق الأسري، فرغم وجود اللجان لكنها كانت غير قابلة للتطبيق، وبالتالي لم تخرج الى حيز الوجود بسبب عدم وجود آلية لانضباط هذه اللجان وضبط عملها لممارسة مهامها في تحقيق التسوية بين الأطراف”. وبين أن “القانون السابق كان يشترط أن يشكل الوزير هذه اللجان، لكن من غير المنطقي الانتظار لحين صدور القرار”.
من جانبه يلفت ممثل ادارة حماية الاسرة النقيب ايمن الرفاعي ان “أحد ابرز البنود التي تم تعديلها في القانون هي الغاء اوامر الحماية والتي رغم وجودها في القانون لم يتم تطبيقها سوى مرة واحدة فقط”.
ويتابع الرفاعي، ان “البند الأبرز الذي تم تعديله هو الزامية التبليغ عن حالات العنف، ففي حال ينص القانون الساري على إلزامية التبيلغ للعاملين في القطاع العام فإن القانون المقترح ينص على الزامية التبليغ حتى لمقدمي الخدمات في القطاع الخاص الى جانب فرض عقوبات وغرامات في حال الامتناع عن التبيلغ وهو الامر الذي لم يكن سابقا”.
من جانبها لفتت الطبيبة الشرعية اسراء الطوالبة الى العوامل التي تدفع النساء الى الاحجام عن التبليغ او اسقاط شكوى والتي غالبا ترتبط بالضغوطات الاجتماعية على المرأة، معتبرة أن “ايجاد جهات قضائية مختصصة بالنظر في هذه القضايا أصبحت ضرورة ملحة”.
وينص المشروع الجديد على ان يقوم المجلس القضائي بتشكيل هيئات قضائية مختصة للنظر بقضايا العنف الاسري، ما يعطي المجال للإسراع في البت بالقضايا، وإيجاد قضاة متخصصين ومؤهلين للتعامل مع قضايا العنف الأسري.
كما يسمح للمحكمة بعقد جلساتها أيام العطل الاسبوعية والرسمية والفترات المسائية “إذا اقتضت مصلحة الأسرة ذلك”، ولذلك، تضمن مسودة القانون آلية لتسوية النزاعات الأسرية وفق شروط وأسس معينة.
وكان امين عام المجلس الوطني لشؤون الأسرة فاضل الحمود قال في تصريح سابق لـ “الغد” ان “القانون الجديد يأتي لسد الثغرات الميدانية في القانون الحالي”، خصوصا أن مؤسسات عاملة في مجال حماية الأسرة من العنف والمقدمة للخدمة، دعت إلى “إعادة النظر بصورة تكاملية وشمولية بالقانون”.
وبين أن “النصوص القانونية في القانون تتلاءم وتتوافق مع احتياجات الأسرة الأردنية”، وبصورة تضمن المحافظة على تماسك الأسرة وتحقق الردع في الجرائم الواقعة بين أفرادها.
وتكمن أبرز التعديلات على القانون في أن “الجريمة حتى تكون جريمة عنف يشترط القانون الساري الإقامة في نفس البيت”، أما مسودة القانون الجديد فإضافة الى اشتراط الاقامة بنفس البيت، “شملت ايضا الأقارب لغاية الدرجة الثالثة والانسباء لغاية الدرجة الثانية دون شرط الإقامة بالبيت ذاته”.
اما التعديل المهم الآخر، فإن القانون الساري “يشترط التبليغ من قبل مقدمي الخدمات من كل القطاعات الحكومية وغير الحكومية، لكنه لم يرتب أي عقوبة في حال عدم التبليغ عن حالات العنف”، أما مسودة القانون الجديد فـ “تفرض غرامة مالية على مقدمي الخدمة في حال عدم التبليغ، ووفرت الحماية للمبلّغ من مقدمي الخدمات”.الغد