هناك مثل يردده عرب الشمال هو: إذا وقعت البقرة تكثر السكاكين، في إشارة إلى ذبح الجزارين في القرى الماشية. باراك أوباما ليس بقرة بل ثورٌ، وهو لم يقع أبداً، إلا أن سنواته الثماني في البيت الأبيض ستنتهي خلال أيام، وعصابة الحرب والشر من ليكود أميركا تعمل سكاكينها فيه، مع أنه نجح رئيساً بكل مقاييس العمل المعروفة.
أوباما قلب أزمة اقتصادية طاحنة إلى قدرة اقتصادية شهدت ملايين الوظائف الجديدة. وافتتاحية في «نيويورك تايمز» تتحدث بإعجاب عن صيانة أوباما الأراضي التي تملكها الدولة من هجوم القطاع الخاص، وحمايته الحياة الطبيعية والآثار، وتصفه بأنه «رجل التماثيل»، أي حمايتها، لما أنجز في سنوات رئاسته.
ما سبق صحيح وهناك أكثر منه، وأسجل ضد أوباما أنه رفع «المعونة» السنوية الأميركية لإسرائيل من 3.1 بليون دولار إلى 3.8 بليون دولار كل سنة على امتداد السنوات العشر المقبلة. هذا كله لا يكفي عصابة إسرائيل، وافتتاحية في «واشنطن بوست» تقول إنه فشل في إدارة ديبلوماسية الشرق الأوسط. طبعاً هو فشل لأنه لم ينتصر للإرهاب الإسرائيلي، وأنهى أيام إدارته برفض استخدام الفيتو لحماية إسرائيل ومجلس الأمن يدين المستوطنات ويعتبرها غير شرعية. أنا أعتبر إسرائيل كلها مستوطنة غير شرعية، فشرعيتها لا يقدمها لها أحد غير الفلسطينيين أصحاب الأرض، إذا قامت دولتان مستقلتان، فلسطين وإسرائيل، جنباً إلى جنب.
«سفير» إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون كتب مقالاً عنوانه يعني أن إسرائيل ستعيد النظر في علاقتها بالأمم المتحدة. إسرائيل دولة مكروهة منبوذة داخل الأمم المتحدة وخارجها، وإذا لم يصدقني القارئ فهناك صديقي سمير صنبر، الذي عمل يوماً في حكومة الأمين العام مسؤولاً عن الإعلام، وتقلب في مناصب مهمة أخرى. نحن تابعنا وجود إسرائيل في المنظمة العالمية على امتداد عقود، ورأينا دولة كريهة لا يتنصر لها سوى دول جزر في المحيط الهادئ مع الوفد الأميركي. هناك كتاب قادم لسمير صنبر عن الأمم المتحدة هو فصل المقال.
هذه الأيام أقرأ عجباً، أو لعله ليس غريباً بقدر ما أراه، فعصابة إسرائيل تهاجم أوباما بكل ما تحترف من كذب وتزوير وتلفيق، ولعلها تعتقد أن وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض سيعطيها «الحليف» الذي تريد والذي لا يرد لها طلباً وهي تحتل وتقتل وتشرد.
ما يلي كله من مصادر ليكودية وعلى القارئ أن يقرأه على طريقة «صدِّق أو لا تصدق».
– كيف كسر أوباما التضامن اليهودي. هذا عنوان مقال كاذب كله فلا تضامن يهودياً، لأن غالبية اليهود من الوسط وحكومة إسرائيل يمين اليمين.
– ريتشارد كوهن يقول إن الزعامة الأميركية للعالم ذهبت أيام أوباما. لا زعامة أبداً فروسيا والصين ودول أوروبا لا تقبل أن تسير وراء إدارة أميركية تقودها مصالح إسرائيل.
– عنوان آخر: النهاية الكريهة لزمن أوباما. أقول إن أوباما سيترك وراءه أقوى دولة في العالم، والنهاية الكريهة ستكون لليمين الإسرائيلي واليهودي الأميركي.
– الكاتبة اليهودية الأميركية المتطرفة جنيفر روبن تسأل هل صنع أوباما الدعاية أو الإنجازات التي تُنسب إليه. هو لم يصنع شيئاً وسجله معروف.
– هناك من ليكود أميركا مَنْ هاجم أوباما ووزير خارجيته جون كيري بتهمة كره اليهود. هم يكرهون اليهود ويسهلون عودة لاساميّة حقيرة ضدهم.
أفضل من كل ما سبق آراء كاتب أحترمه كثيراً هو بول كروغمان، فهو كتب مقالاً أبدى فيه خشيته من أن تصبح الولايات المتحدة دولة «ستان» أخرى، نسبة إلى نهاية أسماء الدول التي استقلت في وسط آسيا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، واحترف قادتها «عبادة الشخصية» كما يخشى كروغمان أن يكون هذا هدف ترامب. ننتظر لنرى.