عروبة الإخباري- يرجح كبير المعلقين للشؤون الحزبية في إسرائيل يوسي فرطر أن يشهد العام الجديد النهاية السياسية لرئيس حكومتها بنيامين نتنياهو. ويؤسس رؤيته على تطورات الأيام الأخيرة من العام 2016. ويقول إنها تشير إلى أن عام 2017 سيكون مختلفا تماما بالنسبة لنتنياهو، ويحمل دلالات انهيار، خاصة في أعقاب قرار مجلس الأمن 2334، وخطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، والقرار بإجراء تحقيق جنائي معه.
ويرجح أن يكون 2017 عام تحول قد يؤدي إلى انهيار نتنياهو، مع تحول عملية تقصي الحقائق إلى تحقيق جنائي، حيث سيتم التحقيق معه تحت طائلة التحذير كمتهم بتهم فساد خطيرة. ولفت إلى أن الشخصيات التي قابلت نتنياهو الأسبوع الماضي، وصفته بأنه «مرهق ومستنزف وغير مركز وأفكاره مشتتة». ويعتبر أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لن يخلص نتنياهو من «الوحل الجنائي» لاسيما وأن كبر حجم التهم وخطورتها تعمق ضعف القائد الذي يجري التحقيق معه بنظر أنصاره في الحزب وفي الائتلاف الحكومي.
ويرى فرطر في هذا السياق أن «الانهيار السياسي» الذي تواجهه إسرائيل مؤخرا، بدءا من قرار مجلس الأمن وحتى خطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، لن يزول في عام 2017. لافتا إلى أن القرار ليس لمجلس الأمن وحده، وإنما العالم بأسره، من فرنسا وبريطانيا حتى روسيا الصين وغيرها من الدول التي ملت من سياسة الاستيطان للحكومة الإسرائيلية وازدواجية خطاب قادتها. ويعتبر فرطر أن رد فعل نتنياهو على قرار 2334 لمجلس الأمن كان نموذجا للانعزال العدواني كأنه جعل إسرائيل كوريا الشمالية، وساوى بين هذا القرار وبين قرار الجمعية العام للأمم المتحدة عام 1975 الذي أكد على أن الصهيونية عنصرية، ما يعني أنه بنظر نتنياهو الصهيونية اليوم هي المستوطنات. ويؤكد أن نتنياهو لا يعيد النظر بسياسته التي قادها في السنوات الأخيرة، ولا يرى نفسه مسؤولا عن وضع إسرائيل في الساحة الدولية، وبشكل بطيء ومؤكد يحولها إلى دولة منبوذة. وبحسب فرطر، فإنه لا شك أن قضية «مستوطنة عمونا» وقانون مصادرة الأراضي وشرعنة البؤر الاستيطانية، التي حذر هو بنفسه بالماضي من أبعادها الخطيرة أدت إلى قرار الولايات المتحدة عدم استخدام حق النقض ضد القرار 2334. ورجح أن يتوجه نتنياهو في فبراير/ شباط المقبل إلى واشنطن كي يلتقي الرئيس الجديد في البيت الأبيض، وعندها سيقابل إنسانا يتمتع بشخصية إشكالية و»أنا» متضخمة لا تقل عن نتنياهو نفسه. على غرار مراقبين إسرائيليين آخرين يرى فرطر أن ترامب هو نموذج غير مستقر وغير متزن ومتقلب وخارج عن طوره.
وخلافا لباراك أوباما، بحسب المعلق الإسرائيلي، الذي احتوى كل ما بدر من نتنياهو تجاهه، إلا أن ترامب لن يكون متسامحا مع الألاعيب، وليس من المؤكد أن ينتظر ثماني سنوات حتى يفقد صبره، وربما لن ينتظر ثمانية أسابيع. كما لفت إلى أنه في جلسة المجلس الوزاري السياسي الأمني، التي عقدت الأحد الماضي، حاول بعض الوزراء، بينهم موشي كحلون وأريه درعي، إقناع نتنياهو بعدم الذهاب بعيدا في ما أسماها «خطوات تنفيذية» ضد الدول التي صوتت مع قرار مجلس الأمن، وأنه بالإمكان الاحتجاج والتبرير، خاصة وأن موقف المجتمع الدولي من الاستيطان معروف مسبقا، وليس بسبب أن الولايات المتحدة اختارت ألا تستخدم حق النقض كحملة انتقامية من نتنياهو بيد أن ذلك لم يغير شيئا من رد فعله.
يشار في هذا السياق الى أن تصرفات نتنياهو إزاء إدارة الرئيس أوباما لم ترق بنظر الرئيس الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، الذي يعرف جيدا حجم المساعدة الأمنية والاستخبارية غير المسبوقة التي قدمها أوباما لإسرائيل خلال سنوات ولايته، ولم ينس المرات التي استخدم فيها حق النقض، كما يذكر عشرات المرات التي سارع فيها أوباما إلى تقديم المساعدة لإسرائيل.
تحذير من تدهور العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية
وفي سياق التطلعات لمستقبل العلاقات الثنائية بين واشنطن وتل أبيب بعد ما ذكر، وانتخاب الرئيس ترامب يحذر تقرير صادر عن مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي (مركز أبحاث يهدف لتحليل سياسة الولايات المتحدة الخارجية والوضع السياسي العالمي) من تدهور هذه العلاقات.
التقرير بعنوان «إصلاح العلاقات الأمريكية – الإسرائيلية» أعده باحثان كبيران في المجلس المذكور هما روبرت بلاكويل وفيليب غوردون. ويحذر بلاكويل وغودون من أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية في خطر» لافتين الى التغييرات المهمة في السياسات بشأن القضايا في الشرق الأوسط، وكذلك التغير الديمغرافي، وتغير السياسة داخل الولايات المتحدة وإسرائيل على السواء أدت إلى تباعد الدولتين. ويدعو بلاكويل، وهو مسؤول كبير سابق في إدارة بوش، وغوردون، وهو مسؤول كبير سابق في إدارة أوباما، إلى بذل جهد مدروس ومتواصل يقوم به صانعو السياسات وقادة الرأي في الدولتين لإصلاح العلاقات وتجنب الانقسامات التي لا ينبغي أن يريدها أحد يهتم بأمن إسرائيل أو بقيم أمريكا ومصالحها في الشرق الأوسط.
ويرى الباحثان أنه لأسباب استراتيجية، وتاريخية، وأخلاقية يتعين على الحكومتين بذل كل ما في وسعهما لإعادة صياغة وإحياء الشراكة الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيلية. ويقولان إن» الانتقال المقبل إلى إدارة جديدة يوفر فرصة لطرح الخلافات الأخيرة جانبا وإظهار الإرادة السياسية المطلوبة لتغيير اتجاهات السياسات السلبية «.
واعتمادا على خبرتهما في مجال السياسة الخارجية في الإدارتين الديمقراطية والجمهورية على السواء، يقدم الباحثان في تقريرهما المطول (حوالى 40 صفحة) اقتراحات لإصلاح واستمرارية العلاقات من أجل المصلحة المتبادلة للولايات المتحدة وإسرائيل.
ومن بين هذه المقترحات، إعادة صياغة العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين ودعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية إلى كامب ديفيد، في مطلع عام 2017، لعقد قمة تركز على تطوير رؤية إستراتيجية جديدة بالنسبة لشرق أوسط يشهد تغيرا، والتزام الولايات المتحدة باستمرار مشاركتها في المنطقة، ومعالجة القضية الفلسطينية بصورة منهجية وإضفاء الطابع المؤسساتي على حوار استراتيجي ثنائي مكثف.
كما يقترح الباحثان تنفيذ خطوات لتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين والحفاظ على احتمالات التوصل إلى سلام عن طريق المفاوضات ويقولان انه يتعين الاتفاق على مجموعة من الإجراءات المحددة البناءة التي ستتخذها إسرائيل من جانب واحد لتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين والحفاظ على حل الدولتين ولم يقولا تسوية الصراع.
وقال رئيس مجلس العلاقات الخارجية، ريتشارد هاس، في تقديمه للتقرير، إن مسألة سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين وعلاقاتها معهم حظيت باهتمام كبير من جانب واضعي التقرير، حيث أشارا في تقريرهما إلى الهوة التي تزداد اتساعا بين الكثيرين في إسرائيل والولايات المتحدة بشأن الرغبة في التوصل لتحقيق حل الدولتين لهذا النزاع القائم منذ وقت طويل. كما اقترحا موقفا أمريكا أكثر مشروطية يربط بين عناصر سياسة الولايات المتحدة وبين مجموعة من التصرفات الإسرائيلية على الأرض، بما في ذلك سياسة المستوطنات وما لدى إسرائيل من استعداد لتحسين الحياة اليومية للفلسطينيين واحتمالات ظهور دولة فلسطينية قابلة للبقاء.
وفي مجال الدفاع، اقترح بلاكويل وجوردون توسيع نطاق التعاون الدفاعي وإطالة أمده من أجل تعزيز شعور إسرائيل بالأمان والثقة في الولايات المتحدة، على أن يشمل التعاون مجالات الدفاع الصاروخي ومواجهة الأنفاق وأمن المعلومات الإلكترونية وذلك وفقا لمذكرة التفاهم الخاصة بالمساعدات الدفاعية طويلة الأجل والتي تم التوصل إليها بين الجانبين في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وفيما يتعلق بإيران، دعا الباحثان إلى التركيز على إنجاح الاتفاق النووي بين القوى الكبرى الست وإيران، وإلى تعاون الولايات المتحدة وإسرائيل لتنفيذه وتفعيله بقوة، هذا مع الالتزام بفرض عقوبات على إيران في حالة عدم الانصياع ووضع خطة مشتركة لمنع إيران من تطوير أسلحة نووية بعد انتهاء القيود الرئيسية للاتفاق.(القدس العربي)