عروبة الاخباري _ كتب سلطان الحطاب _ أليست هذه مفارقة تحتاج الى التوقف و الملاحظة والتقدير , فهذه المنطقة العربية عطشى للديموقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع , انها في شبه تصحّر يذهب بها الى الجفاف بعد ان جعلت الحروب والصراعات من خياراتها و أحلّتها في بداية سلّم اولوياتها .
نصحو على حروب وننام على اخرى , وتقذفنا الفضائيات في كل ساعة بالدم الذي يغطي مساحات مشاهداتنا و يسلب احساسنا الانساني , ويجعلنا نشعر بالخذلان , وتضيق مساحات الامل الا حين نرى بعض ابناء امتنا وقد خرجوا الى خيارات السلام والمصالحة والعيش المشترك , وبناء الوحدة الوطنية او مجتمع الديموقراطية والعدالة .
كنت احدق في شاشة احدى الفضائيات و قد كنت مسافرا في اطراف اثيوبيا لانجاز عمل اعلامي ورايت العمانيين يذهبون الى صناديق الاقتراع للانتخابات البلدية التي ترسخت واصبحت مؤسسية وهذا ما بعث الامل في نفسي وتمنيت ان تصيب العدوى العمانية دول الاطراف , وان تكون الصناديق الانتخابية بديل توابيت الموت , فمن العار ان تعلو نسبة الموت في عالمنا العربي على نسبة المقترعين وان تزحف الناس الى الخنادق بدل ان تزحف لصناديق الاقتراع .
الجميل في الانتخابات البلدية العمانية هي انها اشركت النساء اشراكا عمليا لا ديكوريا حين فازت سبعة من النسوة في طابور الرجال لتلون عمان صورتها بلون المرأة الزاهي .
نعم هنا مسقط , صوت اخر قادم بالامل لبناء مجتمع العدالة والشراكة والمجتمع المدني , صوت المراة الذي يزين الفرقة الموسيقية ليس في الغناء والموسيقى التي ابدعت فيها عمان من خلال الاركسترا السلطانية , وانما من خلال التناغم الاجتماعي السياسي الذي جعل الانتحابات للمجالس البلدية ومجالس الحكم الاخرى في مجلس الدولة والشورى هي الوسيلة, الانتخابات البلدية هي عنوان المشاركة وهي مدماك واساس بناء المجتمع المدني , منها البداية .
وها هي عمان تواصل بناء تجربتها , لقد كنت شهدت من قبل عدة سنوات انتخابات عمان الاولى للبلديات وتابعت بعد ذلك , وها هي مسيرة النضج تتواصل وتطرح ثمارها في مواسم الجفاف العربية .
عمان على طريق مشوار الاصلاح الذي بدأته ولم تتراجع عنه , ولم تنكص فقد وعد السلطان شعبه وصدق واوفى وهو لا يكذب اهله , لانه ظل رائدهم من يوم بداية نهضتهم , وها هم العمانيون يفتحون الصناديق ويقفلونها بسلام وامن وطمانينة , وها هي اصواتهم تذهب باتجاه المزيد من الاراء والتوصيات بشان كل ما يتعلق بالجوانب الخدمية والتنموية وتطويرها في نطاق المحافظة ضمن السياسة العامة للدولة وخططها التنموية .
وها هو الاعلام العماني الناجح يسير في ركاب التجربة لخدمتها وتفسيرها والتبشير بها , فقد كان الوعي والوطنية دليله ووسيلته لتظل المسيرة عامرة .