عروبة الإخباري- انتظر الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الأيام الأخيرة لولايته ليتخذ قرارات حازمة تتعلق بسوريا وفلسطين فضلاً عن العقوبات الأخيرة ضد روسيا، متوهماً أن سياسة الانسحاب من ملفات المنطقة وقيادتها من الخلف خلال سنوات الحكم، يمكن أن تجري موازنتها بما خلفته من كوارث وسلبيات، ببعض الإجراءات التعويضية، التي وإن عرقلت نتائج المرحلة السابقة لفترة وجيزة، لكن من المستحيل أن تلغيها.
ساكن البيت الأبيض العازم على الرحيل، اتخذ قراراً بزيادة مستوى دعم المعارضة السورية، وامتنعت إدارته عن استخدام الفيتو ضد قرار في مجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلي في فلسطين ويعتبره غير شرعي، وأول أمس فرض عقوبات على موسكو، إذ طردت واشنطن 35 دبلوماسياً روسياً، إضافة لمعاقبة 9 أشخاص وكيانات روسية بسبب نشاطاتهم الإلكترونية المعادية للولايات المتحدة.
هذه الإجراءات، التي يتخذها أوباما في الربع ساعة الأخيرة من ولايته، تكشف أنه في كل مسار من المسارات السابقة، كان يمكن إنجاز الكثير. سورياً، حرم الرئيس الأمريكي المعارضة المعتدلة من السلاح النوعي، ما ساهم في تقوية التطرف، ومنع إحداث توازن ميداني يجبر النظام على إبرام تسوية سياسية عادلة. أما فلسطينياً، فبقيت خلافات أوباما مع إسرائيل تتعلق بالسياسة الخارجية خصوصاً الاتفاق النووي مع إيران، وليس الملف الفلسطيني، ما عدا بعض الانتقادات التي كانت توجه من حين لآخر ضد سياسة الاستيطان. ورغم الامتناع الأمريكي عن استخدام الفيتو لإيقاف قرار مجلس الأمن الأخير الذي يدين الاحتلال، فإن أوباما سلّف تل أبيب مساعدات عسكرية قياسية بقيمة 38 مليار دولار لفترة عشر سنوات، بدون أي مكاسب تتعلق بردع إسرائيل عن عدوانيتها المتواصلة تجاه الفلسطينيين.
وبخصوص العقوبات على روسيا، فهي ليست متأخرة فحسب، بل جزئية جداً، فموسكو التي استفادت من الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة، وباتت تتحكم في العديد من الملفات في المنطقة وتدعم محوراً على حساب آخر ما يسبب مزيداً من الاحتقان والحروب، وجد أوباما أن معاقبتها يجب أن تكون رداً على «المستوى غير المقبول من المضايقات» التي يتعرض لها الدبلوماسيون الأمريكيون منذ عام في موسكو من قبل الشرطة أو أجهزة الاستخبارات الروسية.
الأمر يشبه محاسبة قاتل، ليس لتماديه في الجرائم بل لحمله سكين، فبدل إيقاف طموحات فلاديمير بوتين التي تتسبب بمقتل المئات خلال السنوات الماضية، اختار الرئيس الأمريكي أن يحاسبه على نتيجة بسيطة للأفعال التي ارتكبها.
وإن قال قائل أن أوباما يريد أن يعرقل ولاية خصمه دونالد ترامب، عبر تعكير علاقاته مع روسيا وتوريطه في سوريا وفلسطين بقرارات لا يريدها، فهذا يطرح سبباً إضافياً لإدانة الرئيس المغادر. فهو، في هذه الحالة يستخدم أفضل ما كان يمكن أن يقوم به خلال ولايته لضرب ترامب، وليس لتحسين شروط عيش أبناء المنطقة التي تشملها القرارات الأخيرة.
الأهم، أن أوباما يعرف جيداً أن خلفه يستطيع أن يزيل سريعاً مفاعيل ما اتخذ من إجراءات، وترامب بذلك لن يفعل سوى استكمال النهج الأوبامي، ولكن هذه المرة، بدون شعارات وتبريرات.
الرئيس المقبل سيكون صريحاً، في كارثيته، عكس سلفه الذي اعتاد أن يزين الكوارث، واختتم ولايته بهذا التكتيك.(القدس العربي)