الحلقة الضيقة من الإرهابيين الذين قتلوا في عملية قلعة الكرك أو قبض عليهم في إطار التحقيقات، هم إما من الذين قاتلوا في صفوف “داعش” وعادوا إلى الأردن، أو من الذين حاولوا الالتحاق بالتنظيم، وانتهى أمرهم في السجن.
من الصنفين، هناك ما لا يقل عن 400 شاب أردني يقضون محكوميتهم في السجون الأردنية حاليا، والعدد مرشح للزيادة في المستقبل.
ولا شك أن قدرة أنصار “داعش” في الأردن وغيره من الدول على تجنيد وإرسال مقاتلين إلى سورية والعراق في تراجع، بعد تشديد الإجراءات الأمنية على المعابر الحدودية التركية، والحصار المفروض على معاقل التنظيم في الرقة والموصل، حيث تتواجد قيادات التنظيم ومراكز التدريب والتعبئة.
لكن هناك المئات من الأردنيين يقاتلون في صفوف “داعش” حاليا. وليس مستبعدا أن يفكر هؤلاء في العودة إلى البلاد، خاصة إذا ما تم تحرير الموصل والرقة من قبضة التنظيم.
وفق الآلية القانونية المتبعة حاليا، سيخضع كل من يعود للمحاكمة، مثلما حصل ويحصل مع أقرانهم، ومن بينهم أفراد في خلية القطرانة الإرهابية.
سنتان أو حتى خمس سنوات، ويخرج هؤلاء من السجن، ليعودوا لممارسة نشاطاتهم الإرهابية. هذا ما حدث مع معظم الأشخاص الذين حوكموا بتهم الانتماء أو الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية في سورية، أو الذين يتواجدون خارج السجون حاليا من متطرفين لا يقل عددهم عن 500 عنصر. وإذا ما أضفنا إليهم مئات من العائدين من سورية، وهؤلاء من أشد المقاتلين احترافا، فستكون لدينا كتائب من الإرهابيين يتحركون بحرية في المجتمع على غرار أفراد خليتي القطرانة وقريفلا الذين تمكنوا بدهاء من حشد الموارد المالية لشراء السلاح والمتفجرات، وصولا إلى مرحلة متقدمة من التحضير لعمل إرهابي مدمر.
وفي أحداث الكرك، برز تطور خطير مشابه لما حصل في سورية، وهو تعاون تجار السلاح مع الإرهابيين، لا بل انخراط بعض هؤلاء التجار في صفوف الجماعات الإرهابية بغرض تسهيل إبرام صفقات بيع الأسلحة المهربة.
وفي الحالة الأردنية، لم يعد سرا أن تجار السلاح أصبحوا طبقة بحالها، تدير قطاعا عريضا يدر ملايين الدنانير.
لقد أظهرت تجارب دول عربية وأجنبية، وكذلك التجربة الأردنية، فشل محاولات احتواء التكفيريين وتصويب مسارهم الفكري. وفي عديد الدول، نجح بعضهم في خداع السلطات، والحصول على أحكام مخففة، مقابل تعهدهم بالتوبة والعودة إلى الطريق الصواب. لكن ما إن يخرجوا من السجون حتى يعودوا إلى سابق عهدهم، وأحيانا يبادرون قبل غيرهم إلى تنفيذ عمليات إرهابية قاتلة.
إن ظاهرة الأفغان العرب التي واجهت عدة دول في المنطقة، من بينها الأردن، في ثمانينيات القرن الماضي، لا تعادل في حجمها وخطورتها الظاهرة الإرهابية الجديدة لاعتبارات كثيرة.
لقد دقت التطورات الأخيرة في الكرك ناقوس الخطر، لما يمكن أن تكون عليه الحال في المستقبل، إذا لم نبادر على الفور إلى تطوير استراتيجية جديدة للتعامل مع الأخطار المقبلة، وبناء تصور شامل لشل هذه الكتائب المتوحشة، وإنهاء وجودها في المجتمع.