هي المرة الأولى التي يتبنى فيها تنظيم “داعش” الإرهابي عملية على الأراضي الأردنية، خطط لها ونفذها أردنيون من أتباع التنظيم. سبق لـ”داعش” أن تبنى عملية الركبان الإرهابية؛ لكن كما يذكر الجميع، فإن تلك العملية وقعت على الحدود مع سورية، ومنفذها غير أردني، اقتحم الموقع العسكري بسيارة انطلقت من الأراضي السورية.
ما نزال في بداية القصة، وستكشف التحقيقات في مقبل الأيام مزيدا من التفاصيل، بعد أن تستكمل الأجهزة الأمنية حملة اعتقالات أفراد المجموعة الإرهابية.
أظهرت عملية قريفلا شمال مدينة الكرك أن لخلية القلعة خلايا مساندة، وأخرى تتهيأ لتنفيذ عمليات إرهابية. لكن السؤال: هل تبني تنظيم “داعش” للعملية الإرهابية يعني أن ما حصل تم بتخطيط وتوجيه مباشر من مركز التنظيم في سورية والعراق، أم أنه بمبادرة ذاتية من أفراد الخلايا الإرهابية، استجابة لنداء “فتوى” مفتوح من قيادة التنظيم لعناصرها في العالم بتنفيذ عمليات إرهابية أينما كان ذلك متاحا؟
تبني التنظيم الإرهابي للعملية ليس كافيا للجزم بأن العملية بتدبير خارجي مسبق، رغم أنه صادر عن الوكالة الرسمية التي تمثل “داعش”، هي “وكالة أعماق”. سيختلف الموقف بشكل جذري إذا ما ألحق التنظيم إعلانه هذا بتسجيلات مصورة للإرهابيين الأربعة، كما درجت العادة في عمليات إرهابية مماثلة قام بها التنظيم في مناطق عديدة. لكن الملاحظ أن البيان نقل أسماء الإرهابيين الأربعة حرفيا كما جاءت في البيانات الرسمية الأردنية، من دون كنيات عادة ما يطلقها التنظيم على أتباعه من منفذي التفجيرات الانتحارية.
ويبقى احتمال آخر مهم، هو أن التنظيم يملك تسجيلات مصورة مسبقة للإرهابيين الأربعة، لكنه لم ينشرها لأنهم، ببساطة، فشلوا في تنفيذ ما كان مخططا من عمليات إرهابية كبرى.
تبني العملية يؤكد أمرا أساسيا، هو أن الإرهابيين المقتولين والمعتقلين، يدينون بالولاء المطلق لـ”داعش”، وقد تحركوا مدفوعين بفكره المتوحش. وهم معروفون من قبل للأجهزة الأمنية، لكنهم انتقلوا من مرحلة الولاء الساكن إلى مرحلة الفعل بمبادرة ذاتية منسقة داخليا، ومعدة بتأنٍ على مدار أشهر، تطلبها جمع الأسلحة وشراء المواد التي تدخل في تحضير المتفجرات، وتخزينها في بيوت آمنة؛ ورافقها استطلاع للأماكن المستهدفة، وتدريب العناصر على التنفيذ.
إن اختبار جميع هذه الفرضيات، واستخلاص الحقائق، هما أمر في غاية الأهمية للإجابة عن أسئلة مصيرية تخص المرحلة المقبلة، وهي في كل الأحوال مرحلة حافلة بالتحديات الأمنية.
هل عملية القلعة هي مجرد حادثة معزولة نفذتها مجموعة من الإرهابيين المرتبطين بعلاقات عائلية، ويقطنون نفس المنطقة تقريبا، أم أنها بداية لعمليات مماثلة تديرها خلايا نائمة على امتداد البلاد؟
ينبغي أن نصل للخلاصة الأهم؛ هل قرر تنظيم “داعش” تدشين فرع له في الأردن؟ وهل يمكن اعتبار عملية القلعة بمثابة أوراق اعتماد يقدمها مناصرو التنظيم في الأردن لنيل الموافقة من قادة الإرهاب في الرقة على تأسيس “الإمارة”؟
لنترك للرجال المحترفين في الأجهزة الأمنية استكمال التحقيقات وجمع المعلومات، للوصول إلى إجابات دقيقة. ثم بعد ذلك نسمع الأجوبة عن الأسئلة التي تقلق كل مواطن أردني.