عروبة الإخباري – عملا بأحكام حق الرد، أرجو التكرم بنشر الرد التالي حول ما نشر في عدد الصحيفة يوم الاثنين 28-11-2016 رقم 16801، بعنوان بين الفوسفات والبوتاس، للكاتب الدكتور فهد الفانك.
ونود في شركة البوتاس العربية بداية تقديم الشكر للدكتور الفانك لمتابعته وحرصه على الصناعات الوطنية، مع تأكيدنا على أحقية القرّاء بالوقوف على واقع صناعة البوتاس وتطوراتها.
ولتوضيح النتائج المالية لشركة البوتاس العربية ، مع التركيز على ضرورة عدم دمج مقارنة الآداء الحالي أو المستقبلي مع الزميلة شركة مناجم الفوسفات الأردنية والتي لها ظروف خاصة وتقوم ببيع وتسويق منتج مختلف، والتي نرى ان الحديث عن الشركتين معا بنفس المعايير امر لن يوفر معلومة حقيقية للقارئ ولا يقدم تحليلا منطقيا وعلميا عن الحقيقة لان مجال عمل الشركتين في سوق الاسمدة مختلف كليا فيما بينهما لتنوع واختلاف المنتج من ناحية، ولطبيعة الظروف التي تمر بها شركة الفوسفات والتي تختلف جذريا عن واقع شركة البوتاس العربية من كافة النواحي المالية والفنية والانتاجية والتسويقية.
وهنا نود ان نوضح لسعادة الكاتب المحترم ان إيرادات مبيعات البوتاس تتحق بشكل رئيسي من عاملين اثنين: سعر البيع وكميات البيع، وعند تحليل إيرادات مبيعات البوتاس للأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي، يظهر انخفاض السعر بواقع ٢٤٪ بالمئة، ليصل الى متوسط ٢٣٤ دولارا مقارنة بـ ٣١٠ دولارات لنفس الفترة من العام الماضي، كما ان السعر استمر بالانخفاض حتى نهاية الربع الثالث ليصل لمستوى ٢٢٠ دولارا ‘واصل العميل’.
ومن هذه الزاوية نود ان نضع امام الكاتب مجموعة من الحقائق حول طبيعة سوق البوتاس العالمي وآلية تحديد السعر، حيث ان روسيا وكندا وروسيا البيضاء تنتج النسبة الأكبر من الإنتاج العالمي، الامر الذي يعطي لتلك الدول افضلية القيادة بالمفاوضات السعرية مع كبار الزبائن في الهند والصين وعليه يتوجب على باقي المنتجين البيع بالسعر المتفق عليه من قبل كبار المنتجين.
اما بالنسبة للعامل الآخر وهو كميات البيع فقد انخفضت كميات المبيعات لشركة البوتاس العربية بواقع ٢٨٪ بالمئة وذلك لتأخر توقيع عقود البيع من العملاء الرئيسيين، وبالتالي فإن السبب الرئيسي لانخفاض إيرادات المبيعات البوتاس يعود لانخفاض سعر البيع والذي رافقه انخفاض كميات البيع كذلك، وهذا يفسر إنخفاض الصادرات المشار إليه في مقال الدكتور الفانك.
لكن للوقوف على صافي النتائج المالية وصولاً للأرباح لا بد من تحليل المتغير الآخر الذي يؤثر علي الأرباح وهو الكلفة، حيث لم تتبع كلفة الإنتاج المتغيرة في الشركة النمط العالمي والذي طغى عليه إنخفاض أسعار مختلف المواد من نفط وغاز وما إلى ذلك. حيث أن كلفة الإنتاج المتغيرة تأثرت بشكل إيجابي بعامل واحد فقط وهو إنخفاض كلفة الوقود لمشترياتها من الوقود الثقيل، ولكن الجزء الأكبر من كلفة الإنتاج المتغيرة وهي الكهرباء التي لم تتتأثر كون أن سعرها ثابت. ولكن المنتجون الآخرين تمكنوا من تحقيق وفورات في كلفة الكهرباء نتيجة للنمط العام بإنخفاض سعر المواد الأساسية عالمياً (كالغاز الطبيعي ، والنفط الخام).
كما أن هناك جانب آخر يتمثل بسعر صرف الدولار والذي لم يؤثر على كلف الشركة بنفس الطريقة الإيجابية التي تأثرت به المنتجين الآخرين، حيث تمكن المنتجون في الدول الأخرى من تحقيق وفورات نتيجة لتغير سعر صرف الدولار، بالإضافة إلى أن كلف الإنتاج الثابتة (كالرواتب والأجور والحفر) ما زالت مرتفعة ولم تتأثر بأي من العوامل السابقة.
وقد أدت كل العوامل السابقة إلى تحقيق خسائر تشغيلية من بيع وتسويق البوتاس، وهنا تتفق الشركة مع الكاتب حول أهمية الاستثمار بالصناعات التحويلية، وهو ما يفسر صافي نتائج الشركة، حيث تحققت معظم الأرباح من الصناعات التحويلية من مادة البوتاس كصناعة نترات البوتاسيوم والبرومين واللذين يستخدمان البوتاس كمادة أولية، أي ان الأرباح التي تم تحقيقها جاءت نتاج السياسة الاستثمارية المتبعة في الشركة، والتي تفسر صافي الأرباح التي تم تحقيقها على الرغم من الانخفاض الكبير في مبيعات البوتاس وإرتفاع كلف إنتاجه والذي ادى الى تحقيق خسائر تشغيلية من بيع وتسويق البوتاس.
كما ان نتائج الربع الثالث لمختلف المنتجين اتبعت نفس نمط نتائج شركة البوتاس العربية، والتي شهدت انخفاضا شديدا في مبيعاتها وربحيتها كذلك ، والذي دفع العديد منها لاتخاذ إجراءات شديدة لخفض الكلف وخاصة الثابتة منها كإغلاق المناجم وتسريح العاملين وما الى ذلك، حيث تشير الدراسات إلى أنه تم خلال العام الحالي تسريح حوالي ألف موظف من قبل منتجين في أمريكا الشمالية وإغلاق مناجم تنتج ملايين الأطنان سنوياً.
إن الأمثلة أعلاه هي نقطة خلاف الراي للشركة مع الكاتب، اذ ان الشركة قامت بإنشاء الصناعات التحويلية المشار اليها سابقا، وهو ما ساهم بتحقيق عوائد وأرباح في عام يعد ضمن اسوأ الاعوام لصناعة الأسمدة. كما أن الشركة قامت بإجراء دراسات جدوى للتوسع بالصناعات التحويلية الحالية بالإضافة إلى إنشاء صناعات تحويلية اخرى، حيث تدرس الشركة حاليا اقامة مشاريع استثمارية اخرى معنية بالاستثمار في الصناعات المشتقة من معادن البحر الميت، استمرارا للسياسة الاستثمارية في الصناعات التحويلية التي يعمل بها مجلس ادارة شركة البوتاس العربية، حيث تدرس الشركة اقامة ثلاثة مشاريع بحجم استثمار ضخم سيتم الاعلان عن تفاصيله خلال الفترة القريبة المقبلة.
ونود في هذا المجال أن ندعوا الكاتب الفانك والمفكرين الإقتصاديين في المملكة إلى البحث عن آلية تسعير لمدخلات إنتاج الصناعات الرئيسة والتي تشكل عنصراً هاماً في الناتج المحلي الإجمالي بشكل يتماشى مع نمط الأسعار العالمي للمواد الأساسية كالنفط والغاز، ولا شك أن آلية تسعير المشتقات النفطية تعكس هذا النمط ولكن هناك العديد من الكلف الأخرى التي لا تتماشى مع التوجه العالمي كالكهرباء والمصاريف الأخرى بالعملة الصعبة.
اما بخصوص ممثلي الحكومة، فهناك تنسيق مستمر مع الحكومة فيما يخص الأمور الاستراتيجية كالتوسع والصناعات التحويلية وما الى ذلك، ولكن الحكومة لا تتدخل في الأمور اليومية لإدارة الشركة وذلك من ضمن التزامها بقواعد الشفافية والحاكمية الرشيدة.
إن صناعة البوتاس في المملكة تعتبر من ضمن أهم الصناعات التي تساهم في الناتج المحلي الإجمالي، كما أنها تساهم برفد الخزينة بالعوائد والضرائب والرسوم ، وتجدر الإشارة هنا إلى وجود مؤشرات تحسن ملحوظ في حجم الطلب على البوتاس عالمياً خلال النصف الثاني من العام الحالي ولكن لا تزال الأسعار عند أقل مستوياتها خلال العشرة أعوام الماضية.