عروبة الإخباري – قال وزير المالية عمر ملحس إن الحكومة بدأت العام الحالي تطبيق برنامج إصلاحات مالية بنيوية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي وهذا يتطلب إيرادات لتوفير أموال لتغطية النفقات الاضافية في الموازنة تقدر بنحو 450 مليون دينار.
وأضاف في تصريحات لبرنامج ستون دقيقة الذي بثه التلفزيون الأردني مساء الجمعة، بمشاركة رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب النائب أحمد الصفدي، إنه لم يتم التوصل للأن لآلية تحقيق هذه الزيادة في الإيرادات “ولازلنا نناقش الموضع في إطار الحكومة”.
وبين أن مشروع قانون الموازنة افترض أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3ر3 بالمئة العام المقبل ما يعني تلقائيا رفع إيرادات الحكومة بنسبة النمو نفسها.
وأكد الوزير ملحس أن “عام 2017 لن يكون سهلا طالما استمرت الاوضاع الضاغطة من الخارج”، وقال في هذا الصدد “لا ننسى أن الأوضاع الإقليمية حتمت وجود أوضاع اقتصادية صعبة؛ فمنذ عام 2011 شهدنا الربيع العربي ثم الأزمة السورية وأخيرا إغلاق الحدود من الجانب العراقي، لكها أدت إلى ضغوطات على الاقتصاد الأردني ونحن عرضة للصدمات من الخارج وليس من الداخل. طالما الوضع الاقليمي صعب، سيبقى يؤثر علينا”.
وحول مؤشرات المنح الخارجية، قال الوزير ملحس إن تقديرات المنح الخارجية تعتمد على ما تبلغنا به الدول الشقيقة والصديقة، وهي تنخفض وترتفع بناء على الدول المانحة، وحسب ما يتم إبلاغنا به، يتم عكسه على الإيرادات في الموازنة.
وأكد أن أزمة اللاجئين ارهقت وترهق الموازنة العامة للدولة والبنية التحتية والمجتمعات المستضيفة، لافتا الى أنه منذ عام 2011 خسر الاقتصاد الوطني حوالي ملياري دينار بسبب عدم تحقق النمو المحتمل نتيجة استقبال هذا العدد من اللاجئين السوريين.
وقال “المجتمع الدولي خذلنا بعض الشيء. وعدنا بمبالغ ومساعدات مالية وفنية لكنها لم تصل جميعها، نحن فتحنا أبوابنا للأشقاء السوريين لكن المجتمع الدولي خذلنا”.
وحول مدى الحاجة لبرنامج مع صندوق النقد الدولي، قال وزير المالية إن الأردن هو الذي طلب من الصندوق أن يساعده في تحقيق الإصلاح المالي والبنيوي للاقتصاد الوطني، “وقررت الحكومة ذلك كحركة استباقية لنحافظ على الاستقرار المالي والنقدي. هي ليست إملاءات من الصندوق. البرنامج هو ضمن أداة ائتمان الصندوق الممتد(EFF) لغايات تحسين الإدارة المالية العامة”.
وأضاف أنه تبعا للبرنامج الإصلاحي سيكون هناك عدة قوانين لمراجعتها وتعديلها لتحسين بنية الاقتصاد، كونه عندما يصبح العمود الفقري للاقتصاد الوطني، الإدارة المالية والنقدية قوي عندها تكون هناك إمكانية لجذب الاستثمار وتحقيق النمو المنشود.
وأكد أن الحكومة تهدف من البرنامج إلى تحقيق أمرين، الأول تحسين اداء المالية العامة في مجال النفقات والإيرادات وتخفيف العجز، والثاني وتحسين مستوى النمو الاقتصادي وبالتالي تخفيض الدين كنسبة إلى الناتج.
وأوضح الوزير ملحس إن الحكومة تعهدت بتخفيض الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى السنوات الخمس المقبلة، لكن في البداية لن يكون هناك انخفاضا ملموسا؛ فالدين حاليا يزيد قليلا عن 26 مليارا، ونستهدف في نهاية السنة الخامسة أن تصل نسبة الدين العام إلى 3ر77 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال “هذا سيتحقق بتحسين الإيرادات ومراعاة (ضبط) النفقات، وفي الوقت نفسه تحقيق النمو الاقتصادي وبالنهاية الدين العام سيرتفع لكن بنسب أقل من نسب النمو الاقتصادي، حيث لن ينخفض الدين بالقيمة المطلقة لكنه سينخفض كنسبة من الناتج، وهذا الهدف”.
وأكد الوزير ملحس أن “منعة وقوة الاقتصاد الوطني تأتي من أن يكون الوضع المالي والنقدي مستقرا لأن جذب المستثمرين يحتاج إلى وضع نقدي ومالي قوي”.
من جانبه، قال النائب الصفدي نتوقع أن يصل معدل النمو الاقتصادي إلى 4ر2 بالمئة للعام الحالي وهذا يعني توقعات بأن تزيد الإيرادات بحدود 500 مليون دينار، وتتطلع الموازنة بحسب القراءة الأولية، إلى زيادة بسيطة عن عام 2016 بحدود 360 مليون لتسديد فواتير والتزامات سابقة والفرق لا يتجاوز 110 ملايين دينار.
وأكد أن اللجنة ومجلس النواب يحرص على أن بقاء المواد الأساسية مدعومة ومنها الخبز، لافتا إلى أن الخوف من زيادة في الضرائب غير مبرر.
وبين أن اللجنة المالية ستبدأ يوم الاثنين المقبل مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة والوحدات الحكومية وقد تحتاج حوالي 4 اسابيع للمناقشة، ستقابل خلالها المعنيين في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وسيكون الباب مفتوحا لأي عضو في المجلس لحضور المناقشات والمشاركة فيها.
وردا على سؤال حول مبررات ارتفاع المديونية من وجهة نظره كرئيس للجنة المالية، قال النائب الصفدي إن اللجنة تنظر إلى فاتورة التقاعد التي كانت في عام 1990 حوالي 300 مليون دينار وبلغت حاليا حوالي 3ر1 مليار دينار، والدين العام الذي كان قبل بضع سنوات 13 مليار دينار وحاليا تجاوز 26 مليار دينار.
وأكد أن السبب وراء ارتفاع المديونية هو زيادة أعباء الدفاع بسبب الاوضاع الأمنية في دول الجوار واللجوء السوري، وتوقف جزء من نشاط النقل البري، الذي يعد دليلا على النشاط الاقتصادي، إلى جانب انخفاض المنح الخارجية، وهذه الظروف ولدت عبئا على الموازنة وسببت ارتفاع الدين العام وخدمته.
وأشار إلى أن الموازنة في ارقامها الحالية لا يوجد فيها مرونة، الأغلب رواتب وتقاعد وخدمة دين، مؤكدا ان اللجنة تتعاون مع الحكومة لمصلحة البلد “كون هناك اسباب خارجة عن إرادة الحكومة مثل ارتفاع اسعار النفط الذي يزيد الضغط على المديونية”.
وحول استراتيجيات النواب في مواجهة الفقر والبطالة، أكد رئيس اللجنة المالية أن هناك تحديات اقتصادية واضحة تتمثل في عجز الموازنة وارتفاع المديونية وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، مشددا على أن اللجنة ستدرس أسباب خروج المستثمرين الأردنيين من السوق وستعمل على تفعيل المشاركة الحقيقية مع القطاع الخاص وتفعيل قانون الشراكة بين القطاعين. وقال “هذا يحتم على النواب الخروج للميدان وليس العمل فقد من داخل القبة”.
وشدد النائب الصفدي على إن الهم الاقتصادي “اصبح اليوم هما لكل الأردنيين”، وسنبحث لماذا هاجر المستثمرين رغم أن البيئة ملائمة خصوصا في مجال السياحة والسياحة العلاجية، ومن الاتجاه نحو الاستثمار لتحقيق النمو ومواجهة ملف الفقر والبطالة.
وحول توقعات الزيادة في النفقات، أكد أن الدستور اعطى النواب صلاحية تخفيض النفقات في الموازنة وليس زيادتها، وقال “نتطلع إلى ملف اللاجئين الذين يرهقون الموازنة، لاسيما وان عددهم وصل إلى حوالي مليوني لاجئ وهذا له تكلفة عالية على الموازنة وله أثر على الفقر والبطالة وأثر سلبي لاسيما وان جميع المنح لم تصل إلينا”.
وأكد ان اللجنة وبعد الانتهاء من اقرار قانون الموازنة العامة ومروره في القنوات الدستورية ستواصل متابعة التوصيات التي اقرتها اللجنة.
وحول الحاجة إلى الاصلاحات المالية، جزم النائب الصفدي بوجود حاجة ماسة للإصلاحات مؤكدا ان اللجنة “تسعى كي تساوي النفقات الإيرادات المحلية، حيث أن النسبة الحالية تعبر عن عجز يزيد من الضغط على الدين العام والحل يكمن في نمو الاقتصاد”.
وقال إن اللجنة المالية ستبقى علاقتها مستمرة مع وزارة المالية، لأن هناك أمورا عالقة في الشأن الاقتصادي، وهو هم كل اردني ومشترك للجميع، وستبقى العلاقة مستمرة مع الوزارة والفريق الاقتصادي، مؤكدا في هذا الصدد أن رئيس الحكومة لديه بعد اقتصادي واسع وهو صاحب قرار.
وأكد أن النواب يدركون منذ البداية أننا نمر في ظروف صعبة، “هناك مشكلة اقتصادية ونعيش في بقعة ملتهبة. هذا ما يعيه النواب، نحن مع الحكومة في مركب واحد، لكن إذا تراجع أداء الوزير سنحاسبه، نعلم وجود الهم الاقتصادي، لكن من المهم ان تبتعد الحكومة عن جيوب المواطنين وتبتعد عن الخبز والمواد الاساسية”.