عروبة الإخباري – مزج العرض المسرحي “رأسا على عقب” من تاليف واخراج وتمثيل الفنانة السعودية الدكتوره مائسة صبيحي، والذي عرض مساء امس الخميس على المسرح الدائري في المركز الثقافي الملكي، بين فنون العروض المسرحية من الممثل الواحد و”الستاند اب كوميدي”، والتفاعلي، وينهض على الاداء التمثيلي العالي.
العرض المسرحي الذي جاء ضمن فعاليات مهرجان الاردن المسرحي في دورته الـ23، ناقش من خلال اسلوبية الكوميديا الخفيفة، موضوعات حساسة تتعلق بالمرأة في مجتمع احدى الدول الخليجية ومنها رد فعل السيدات فيه في حال قرر الزوج الاقتران بزوجة اخرى، وزواج المسيار وغيره من سلوكيات اجتماعية في هذا السياق.
والمسرح التفاعلي هو مسرح ملتزم ظهر في النصف الثاني من القرن العشرين بهدف البحث عن أفق وحلول لمشكلات ظهرت في العالم في القرن العشرين نتيجة للعولمة وما تداعى عنها، وكان من ابرز من طور في هذا النوع من المسرح هو المسرحي البرازيلي “اوغستو بوال” الذي ظهر في سبعينيات القرن الماضي والف عددا من الكتب منها “مسرح المضطهد”، واخذ عنه معظم العاملين في المسرح التفاعلي.
ووفقت المخرجة بتلبية شرط المسرح التفاعلي الذي يتأسس على كسر العلاقة المتفق عليها والتي تفصل بين الممثل والمتفرج وبين الخشبة والصالة وبين المرسل والمتلقي، بحيث يبدو أنَّ على المتفرج أن يتورط في اللعبة المسرحية في كل مراحلها وأن يناقش ما يراه، والاعتماد على مبدأ الارتجال واللعب، والمحافظة على متعة المتلقي، وطرح الاسئلة على الجمهور، علاوة على تلبية شروط الستاند اب كوميدي الذي يتقاطع مع “التفاعلي” ويتطلب تفاعل المؤدي الكوميدي مع الجمهور ويكون رد فعل الجمهور سريع ومباشر، بالاضافة الى اشراكه في الاداء، وتحقق ذلك من خلال مواضع كثيرة في العرض ومنها الرقص مع فتاة من الجمهور في لوحة العرس.
الاداء التمثيلي جاء مميزا للصبيحي في اللوحات التي عرضت فيها حكاية الشخصيتين الرئيستين بالاضافة الى شخصيتها هي كراو، والمتمثلتين بشخصيتي مريم الثرية والمتعجرفة التي يتزوج عليها زوجها ورد فعلها على ذلك وما رافقه من سياقات تعرضت لاعراف وعادات مجتمعية وسلوكيات، وليلى المطلقة والساذجة والبسيطة التي بلغت سن 39 وترغب بزواج المسيار وترحب به، إذ ان الفنانة الصبيحي نجحت في الانتقال بين هذه الشخصيات الثلاث المختلفة وتطويع طبقة صوتها بما يتناسب وكل شخصية وارتداء بعض قطع الازياء والتعامل مع الاكسسوارات المتواجدة على الخشبة دون إخلال في اللوحات.
السينوغرافيا جاء العنصر الرئيس والحاسم فيها الديكور والاكسسوارات الشرقية التي تموضعت في مقدمة الخشبة وعبرت عن التأثيث التقليدي للبيوتات الحجازية، اتخذت ثلاثة اجزاء ، حيث الجزء الذي شغل الجانب الايمن مثل فرشة نوم للدلالة على السرير وتراكمت عليها قطع ملابس واكسسوارات نسائية وظفت في اللوحات التي تتعلق بشخصية ليلى بعد اتمامها زواج المسيار وطلاقها بعد ذلك، فيما جاء الجزء الايسر الذي تموضعت فيه منضدة صغيرة عليها ابريق وفناجين للقهوة السادة و”نرجيلة” تم توظيفه لشخصية ليلى قبل اقدامها على زواج المسيار تعبيرا عن حالة الملل والوحدة التي تعيشها ليلى بقضائها معظم الوقت في احتساء القهوة والتعاطي مع “الشيشة”، في الوقت الذي جاء تأثيث جزء المنتصف من قطع الديكور والاكسسوارات باريكته ومقاعده الوثيرة ومناضده والهاتف والصحف والاكسسوارات الاخرى معبرا عن ثراء شخصية مريم وزوجها الافتراضي عبدالله، بالاضافة الى لوحتي قماش بشكل على يمين ويسار الخشبة مثلتا برسوماتها ابنية ومشربيات تنهل من فن العمارة الحجازية، فيما كان المؤثر الصوتي للموسيقا حاضرا في مستهل العرض بصوت الالات الموسيقية الايقاعية الخليجية مثل الرق والمزهر، وفي لوحة العرس.
العرض المسرحي الذي جاء ثريا بالحكايات والمحمولات والتفاصيل واختتمت لوحاته بشخصية الراوية/المخرجة التي وجدت حبها في بلدها، مفاجئة الجمهور بانه يتمثل بلعبة التنس الارضي، التي منعتها ادارة الفندق لاحقا من ممارستها، ورغم سياقه الكوميدي لم يخل من نقد إجتماعي.