عروبة الإخباري – تحتفل سلطنـة عُمـــان بذكـرى يـوم ” 18 من نوفمبر” العيد الوطنــي الـ 46 المجيــد ، اليوم الخالد في ذاكرة الوطن والإنسان العماني ، لما يمثله من أهمية في تغيير مجرى الحياة في سلطنة عُمان، منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد قبل ستة وأربعين عاماً ، حيث دخلت عمان مرحلة جديدة ومجيدة في تاريخها ، تقوم على رؤية إستراتيجية ، شاملة ومتكاملة ، لبناء حاضر زاهر ومستقبل واعد لعمان ، شعباً ومجتمعاً ودولةً ، في كل المجالات وعلى مختلف المستويات ، سواءً على الصعيد الداخلي ، أو الخارجي و مستوى علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة في المنطقة وعلى امتداد العالم من حولها ، ولأن سلطنة عمان دولة ضاربة بجذورها في التاريخ ، وطالما لعبت دوراً حيوياً ، وحضارياً مؤثراً في حُـقب التاريخ المتتابعة ، فإن النظرة الحكيمة للسلطان قابوس تفاعلت معها الخبرة بالتاريخ العماني ، وطبيعة الموقع الاستراتيجي للسلطنة ، وآمال الحاضر المتمثلة في بناء دولة عصرية تنعم بالسلام والأمن والاستقرار وتحقيق حياة أفضل للشعب العماني ، والتطلع الى أن يعم السلام والأمن والاستقرار منطقة الخليج ، وعلى الصعيدين الاقليمي والدولي ، لتنعم كل شعوب المنطقة ودولها بالاستقرار والسلام والرخاء.
في حين تمثل هذه المناسبة الوطنية المجيدة فرصة يحرص من خلالها أبناء الشعب العماني الوفي على التعبير عن عمق امتنانهم وعرفانهم لباني نهضة عمان الحديثة وذلك من خلال العديد من وسائل التعبير الفردية والجماعية ، فإن هذه المناسبة الوطنية تمثل كذلك فرصة للنظر والتأمل فيما تحقق من منجزات وأهداف في مختلف المجالات ، وهي منجزات يفخر بها الوطن والمواطن على كافة المستويات ، والانطلاق من ذلك نحو آفاق العزة والمجد والرقي والازدهار وتحقيق المزيد من الأهداف والإنجازات ، حيث أشار السلطان قابوس إلى أن كافة خطط التنمية تضع في مقدمة الأولويات الاهتمام بالمواطن وتوفير الخدمات الضرورية له.
ويشكل العــام 2016م نقطــة مهمــة في مســار التنميــة العُمانية للمحافظة على الإنجازات التي تحققت على مدى الـ46 عامًا من مسيرة النهضة المباركة والبناء عليها ، وفقاً لما حددته الرؤية المستقبلية 2020م من أهداف تتعلق بتوفير فرص عمل منتجة ومجزية للشباب العُماني ، وتركيز الجهود على تحسين الاندماج الاجتماعي من خلال تعزيز التعليم والتدريب والصحة وتنمية الموارد البشرية وصولاً إلى هدف التشغيل الكامل للقوى العاملة الوطنية ، إضافة إلى تعميق التنويع الاقتصادي من خلال تطوير القطاعات الواعدة كالصناعة التحويلية والخدمات اللوجستية والنقل والسياحة والثروة السمكية والتعدين.
السياسة الخارجية :
على امتداد سنوات النهضة المباركة رسم السلطان قابوس سياسة عمان الخارجية وفق أسس ومبادئ راسخة تقوم على الثبات والتوازن والوضوح والعقلانية في بناء العلاقات مع دول العالم والتعامل مع مختلف القضايا الإقليمية والدولية ، واستندت هذه السياسة على مرتكزات أساسية تنبع من الأهمية الإستراتيجية لموقع عمان الجغرافي والعمق الحضاري والتاريخي والانتماء العربي والإسلامي ، وعبّر السلطان قابوس في مختلف المناسبات المحلية والدولية عن ثوابت ومبادئ تلك السياسة المتمثلة في إقامة علاقات ودية مع مختلف دول العالم ، والتعاون المشترك وتبادل المنافع والمصالح ، وانتهاج سياسة حسن الجوار ، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للغير ، والاحترام المتبادل لحقوق وسياسة الدول ، الالتزام بمبادئ الحق والعدل والإنصاف ، والدعوة إلى السلام والوئام ونشر ثقافة التسامــح والتفاهــم ، وفض المنازعات بالطرق السلمية ، والحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة ، ومراعاة المواثيق والمعاهدات والالتزام بقواعد القانون الدولي ، والوقوف إلى جانب القضايا العادلة في المحافل الدولية ، وأكد السلطان قابوس في هذا الجانب قائلاً :” إننا إذ نعتز بالصداقات التي تربط بين عمان والأسرة الدولية ، فإننا نؤكد في ذات الوقت حرصنا على الاستمرار في أداء دورنا كاملاً على الساحة العالمية وفقاً للمبادئ التي إعتمدناها منذ البداية منطلقاً لسياستنا التي تسعى بكل إخلاص إلى الصداقة والتعاون مع الجميع ، وتناصر القضايا العادلة لكافة بلدان وشعوب العالم ، وتعمل من أجل السلام والاستقرار على كافة المستويات الدولية “
فالدبلوماسية العمانية تمكنت من ترجمة الفكر النيّر للسلطان قابوس في تطوير علاقات خارجية طيبة مع جميع دول العالم ، وتوظيف ذلك لخدمة التنمية الوطنية ومعالجة العديد من القضايا والأزمات على الساحة الإقليمية والدولية، ونظرتها إلى الأزمات التي تقع على الساحة الإقليمية والدولية ، فالموقف العماني يتم بناءه على أساس الواقع والحكمة وبعد النظر وحسن التصرف والثبات والتحسب لعواقب الأمور ، لذلك استطاعت عُمان أن تكوّن لها سياسة خارجية متوازنة في بيئة إقليمية ودولية مليئة بالمتناقضات والتقلبات.
ومثلما قادت السلطنة ـ ولا تزال ـ الجهود الرامية لإرساء السلام والدعم المستمر لمبادرات السلام لمختلف قضايا المنطقة وتقريب الأطراف المعنية حيالها، وحرصت على أن تصل هذه القضايا إلى نهاياتها الناجحة والسلمية التي تحفظ كيان الدول ومصالح شعوبها على قواعد المشاركة والعدالة والمساواة ، بذلت السلطنة جهودها في دفع المفاوضات اليمنية وتقريب وجهات النظر بين فرقاء الصراع، ونزع فتيل الحرب الدائر رحاها في اليمن، وذلك بما تملكه السلطنة من رصيد من الثقة لدى أطراف النزاع.
وقد تعاطت السلطنة مع الأزمة اليمنية ـ ومنذ البداية ـ بصورة واضحة وصريحة ، ووقفت بشكل ثابت وصادق وفق توجهات السلطنة وذلك ببذل كل الجهود لدفع المفاوضات اليمنية التي انطلقت في مسقط مطلع أغسطس 2015م ، وتواصلت في دولة الكويت في 21 إبريل 2016م، انطلاقا من رؤية حكيمة تعي مدى التأثيرات العميقة التي يخلفها الصراع على اليمن الشقيق أولاً واليقين بأن التأخير في السلام سيكلف الأجيال اليمنية عقودًا من المعاناة ، لا سيما مع المعاناة الإنسانية التي لحقت به ، ودمار البنية الأساسية جرّاء الصراع الدائر، وما يُلحقه ذلك الصراع من تبعات على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية لليمن بصفة خاصة ، وعلى الأوضاع الإقليمية والعربية بصفة عامة ، كونه أحد الصراعات الرئيسة في الشرق الأوسط ، وهو صراع يحيد ببوصلة دول المنطقة عن التنمية المستدامة التي تصنع الفارق لمستقبل شعوبها ، عبر تسليحٍ مضاد يأخذ المنطقة دائمًا لمربع التوتر.
كما أسهمت السلطنة بناءً على توجيهات السلطان قابوس بالمساعدة في العثور أو الإفراج عن عدد من الرهائن أو المفقودين في مناطق الحرب والنزاع ، فإنها تقدمت كذلك بعدة مبادرات لإنقاذ حياة الكثير من الأشخاص ، فاحتضنت الكثير من المصابين في الحرب باليمن وتكفلت بعلاجهم ، ومنهم من استقبل لمواصلة العلاج بالمستشفيات المرجعية بالسلطنة دونما تمييز بين انتماءاتهم ، وذلك من منطلق حُسن الجوار وروح الإخاء والتعاون التي تُميّز الدبلوماسية العُمانية الحكيمة.
كما أن السلطنة وهي تسعى دائماً لحل الخلافات بالطرق السلمية فإنها قامت بمساع تجاه القضية الليبية ، وكانت السلطنة محطة مهمة في أعمال اللقاء التشاوري للهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور الليبي ، فقد شهدت مدينة صلالة في 18 مارس 2016م، وعلى مدار ثلاثة أسابيع مشاورات لصياغة مشروع الدستور الليبي بمشاركة 32 عضواً من الهيئة التأسيسية ، وقد قامت خلالها السلطنة بتوفير المناخ المناسب للحوار الهادئ والبنّاء لإنهاء حالة الانشقاق بين الليبيين، وتكللت تلك الجهود بالنجاح في التوصل إلى الإعلان عن مسودة لمشروع الدستور الليبي تمهيداً لعرضه على الشعب الليبي للاستفتاء عليه.
إن السمعة الدولية التي اكتسبتها السلطنة من خدمة السلام والوئام والتآخي العالمي، يدعو إلى الفخر والاعتزاز، ولها من المواقف الإنسانية المشرِّفة الكثير مما لا ترغب بذكره أو الإعلان عنه ، خصوصًا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية ، وما تقدمه للشعب الفلسطيني، حيث تعتبر أن هذه القضية واجب تُمليه الأخوة العربية والإسلامية ، وكانت السلطنة فاعلةً منذ بداية نهضتها الحديثة ، تؤدي دورها في المجتمع الدولي ، ومحافله بإيجابية وفعالية ، وتشارك في دعم القضايا العادلة ، وبتوجيهات من السلطان قابوس بن سعيد نظمت السلطنة في الفترة من (14 إلى 17 فبراير 2016م)، (أسبوع التقارب والوئام الإنساني) للعام الخامس على التوالي ، والذي يأتي مُنتظماً وفق رؤيـة السُّلطان قابوس في سياق خدمة التفاهم والوئام الديني والحضاري ، ومشاركة من السلطنة في تنفيذ القرار الأممي رقم (65/5) لعام 2010م بجعل أسبوع من شهر فبراير من كل عام أسبوعًا للوئام بين الأديان.
دولة المؤسسات :
يمثل التنسيق والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية إحدى سمات الشورى العُمانية ، ومنهاجاً يعبر عن السعي من أجل تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين، سواء من خلال تنفيذ خطط التنمية أو من خلال التطوير المتواصل للأداء وتوسيع مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار في كافة المجالات.
وسيراً على النهج الذي أرساه السلطان قابوس بن سعيد بالتواصل المستمر بين المجلسين وصولاً إلى تضافر كافة الجهود تحقيقاً لمتطلبات المرحلة الراهنة ، وترسيخ التعاون والتشاور القائم بينهما في الأمور التي تُعزز مسارات العمل الوطني الذي تسعى الحكومة وباقي مؤسسات الدولة إلى تحقيقه خدمة للصالح العام .
كما أن افتتاح صرح المحكمة العليا بهيبتها الكبيرة في 25/5/2016م ، جاء في إطار استكمال منظومة المنشآت القضائية في السلطنة كأحد المحاور التي حظيت بالاهتمام الكبير من السلطان قابوس بن سعيد بهدف توفير البيئة الملائمة للعمل القضائي في السلطنة ، وتهيئة كل المرافق والخدمات التي يحتاجها العاملون في القضاء، بما يُسهم في عدالة ناجزة تبسط الحقوق بين الناس.
إن المكتسبات العظيمة التي شهدها قطاع العدالة ما هي إلا إحدى البشائر المتحققة على درب الدولة العصرية، وثمرة من ثمار التخطيط العلمي الممنهج والمدروس وصولاً لبناء مؤسسة قضائية تحافظ على الثوابت وتنفتح على مستجدات العصر، وتضع على رأس أولوياتها بناء جيل قضائي قادر على الانسجام مع متطلبات عُمان الحديثة وتواكب مسيرة نموها وتطورها ، وغدت البيئة القضائية تحقق أقصى درجات المعايير العالمية من حيث توفر البنى الأساسية وكفاءة العنصر القضائي المؤتمن على أداء هذه الرسالة الشريفة.
المجالس البلديــة :
في الوقت الذي أسهم فيه مجلس عُمان بشقيه ، مجلس الدولة ومجلس الشورى، في دفع مسيرة التنمية الشاملة ، وإعداد ومناقشة الدراسات التي تساعد في تنفيذ خطط وبرامج التنمية وإيجاد الحلول المناسبة للمعوقات الاقتصادية والاجتماعية وتحسين أداء الأجهزة الإدارية ، ساهمت المجالس البلدية كذلك في تحريك عجلة التنمية ، وتقديم الآراء والتوصيات بشأن تطوير النظم والخدمات البلدية في نطاق المحافظة التي تمثلها ، وتكاملت المجالس البلدية مع الدور الذي يقوم به مجلس الشورى في رسم خطط التنمية ، ووضعها في مجراها الصحيح وفق احتياجات كل محافظة ، وتحقيق ما يتطلع إليه المواطن العُماني ، ويدعم مسيرة التنمية الوطنية الشاملة.
وفيما تستعد المجالس البلدية لانتخابات الفترة الثانية التي ستُجرى نهاية العام 2016م ، فإن الفترة الأولى أسست لعمل هذه المجالس ، والمهام المنوطة بها ، حيث أسهمت مقترحات الأعضاء في رفد العمل البلدي بكل ما يضمن له استمراريته وتحقيق أعلى معدلات الأداء في المجالات الخدمية والتنموية ، وهو ما يعود بالنفع في نهاية المسار على المواطن ، ويساعد في الحفاظ على مكتسبات النهضة العُمانية.
وقد قامت المجالس البلدية في فترتها الأولى بأداء مهامها وفق رؤية وأسس قانونية وإجرائية واضحة ، وكان من أهم إنجازاتها روح المسؤولية والحماس والجد في طرح القضايا التنموية ، والتفاعل الإيجابي لأعضاء هذه المجالس مع طلبات وتطلعات المجتمع المحلي ، فضلاً عن متابعتها بكل دقة للمواضيع المتعلقة بالجوانب البلدية الموجهة إلى الجهات الحكومية المختلفة ، إلى جانب ذلك فإن ملامسة المجالس البلدية للاحتياجات الواقعية للمجتمع المحلي وعملها وفق نهج تشاركي يعتبر أيضاً من المنجزات المهمة في هذه المرحلة التأسيسية إضافة إلى أنها بدأت تستشرف مقومات العمل التنموي في إطاره التكاملي بينها وبين مختلف الجهات الحكومية الأخرى ، وما يتطلبه ذلك من تنسيق مستمر وتواصل إيجابي لخدمة المصلحة العامة.
التنمية الاقتصادية والأمن الغذائي :
اتخذت السلطنة في رؤيتها لتجاوز الآثار السلبية لتراجع أسعار النفط على الموازنة العامة للدولة عدداً من الإجراءات التي تكفل الحفاظ على سلامة الوضع المالي للدولة ، مركزة على تحفيز النمو الاقتصادي من خلال استمرار الإنفاق الإنمائي على المشروعات ذات الأولوية الاقتصادية والاجتماعية وتقديم الدعم اللازم لتوفير بيئة مشجعة لنمو استثمارات القطاع الخاص ، كما راعت المحافظة على مستوى الخدمات الأساسية والخدمات العامة المقدمة للمجتمع.
وسعت الموازنة العامة للدولة لعام 2016م إلى تفعيل خطط المالية العامة للدولة بوضع إطار متوسط المدى وتحديـد سقف للميزانية العامة ، كما ركّزت على ترشيد الإنفاق العام وزيادة مرونته وكفاءته والوصول به إلى مستوى قابل للاستدامة ، والعمل على إعادة هيكلة الموارد العامة بزيادة مساهمة الإيرادات غير النفطية في إجمالي الإيرادات ، وتقليل الاعتماد على الموارد النفطية ، ورفع كفاءة أداء الشركات المملوكة للدولة من خلال تأسيس شركات قابضة تقوم بوضع الخطط والاستراتيجيات والإشراف عليها وفقا لمبادئ حوكمة جيدة ورفع مساهمتها في الاقتصاد الوطني.
وقد بلغ إجمالي الإيرادات المقدرة في موازنة عام 2016م حوالي (8,6) مليار ريال عماني من بينها (4) مليارات و(560) مليون ريال عمانــي صــافي إيرادات النفــط ، وحوالي (1,6) مليار ريال عماني إيرادات الغاز، و(2,4) مليار ريال عمانــي الإيرادات الجارية.
وفي النصف الأول من عام 2016م ارتفع متوسط إنتاج السلطنة من النفط إلى مليون برميل يوميا مقابل (970) ألف برميل يوميا في الفترة المماثلة من عام 2015م، ليرتفع إجمالي إنتاج السلطنة من النفط الخام والمكثفات النفطية إلى (182) مليون برميل مقابل (175,6) مليون برميل في الفترة المماثلة من عام 2015م، وارتفعت الصادرات النفطية من (154,8) مليون برميل إلى (164,5) مليون برميل، وتراجع متوسط سعر نفط عمان إلى (35) دولاراً للبرميل مقابل (59,3) دولار للبرميل في النصف الأول من عام 2015م.
وقد حظيت سياسات السلطنة الاقتصادية بتقدير عالمي من خلال الحصول على مراتب متقدمة في التقارير الاقتصادية الدولية ، ففي التقرير السنوي لمؤشر التنافسية العالمي (2015-2016) الصادر عن المنتـــدى الاقتصادي العالمي (دافوس) في سويسرا ، حصلت السلطنة على المرتبة السادسة عربيًا والـ (62) عالمياً ، كما حازت السلطنة على المركز الرابع عربياً والرابع عشر عالمياً في مؤشر الخدمات اللوجستية للأسواق الناشئة لعام 2016م الذي أعدته شركة (أجيليتي) السويسرية ، ويستند المؤشر إلى معيارين أساسيين هما مزاولة الأعمال وبنية المواصلات وترابطها بما يساعد على جذب مزودي الخدمات اللوجستية والمخلصين الجمركيين والموزعين وشركات الشحن بأشكالها كافة ، وقد تصدرت الصين المؤشر الذي يضم (45) دولة.
وحصلت السلطنة على المستوى الثاني عربيا وخليجياً، والسادس والعشرين عالمياً ضمن تقرير المؤشر العالمي للأمن الغذائي 2016م الصادر عن مجلة الإيكونومست البريطانية الذي تقوم المجلة بإصداره بشكل سنوي من بين (113) دولة شملها التصنيف، وبيّن التقرير أن السلطنة حصلت على (73,6) نقطة في المؤشر الذي يتألف من (100) نقطة.
وشهد عام 2016م ضمّ منطقة رأس مركز إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم لترتفع مساحة المنطقة من (1745) كم مربعا إلى (2000) كم مربع ، وسيتم تطوير منطقة رأس مركز لتستوعب أنشطة تخزين النفط ، وتتطلع شركة النفط العمانية إلى جعل رأس مركز محطة عالمية لتخزين النفط ، وسيتم إنشاء المحطة على عدة مراحل ، وتتراوح السعة التخزينية في المرحلة الأولى بين 6 ملايين و10 ملايين برميل، وقد تم تخصيص أرض بمساحة (1600) هكتار للمحطة ، وهذه المساحة تتيح إمكانية إنشاء مرافق تخزينية تستوعب تخزين (200) مليون برميل من النفط الخام ، وهو الأمر الذي سوف يفسح المجال لتطوير قطاع المصافي والبتروكيماويات في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم.
كما وقعت هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم خلال عام 2016م اتفاقية التعاون ومنح حق الانتفاع والتطوير لإنشاء المدينة الصناعية الصينية العمانية بالدقم باستثمارات تبلغ (10,7) مليار دولار أمريكي وستقام المنطقة التي تضم حوالي (35) مشروعا على مساحة (1172) هكتارا.
وتقدم هيئة المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم العديد من الحوافز والتسهيلات للمستثمرين من بينها: الإعفاء من ضريبة الدخل لمدة (30) سنة قابلة للتجديد ، وإعفاء البضائع المستوردة من خارج السلطنة إلى المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم والبضائع المصدرة من المنطقة إلى الخارج من الضريبة الجمركية ، ومنح حق الانتفاع بأراضي الدولة الكائنة في المنطقة لمدة تصل في حدها الأعلى إلى (50) سنة قابلة للتجديد ، وجواز أن يكون رأسمال المشروع مملوكاً بالكامل لغير العمانيين، ويحصل المستثمرون على مختلف التصاريح والموافقات من الهيئة عن طريق المحطة الواحدة التي تقدم العديد من التسهيلات للمستثمرين في المنطقة.
وقد شهد عام 2016م العديد من الإجراءات الداعمة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من بينها تخصيص أراضٍ للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفقا لنظام حق الانتفاع ، ويعد هذا القرار من أهم المبادرات التي تتيح لرواد الأعمال الفرصة لإطلاق مشاريعهم ، كما أصدرت وزارة الخدمة المدنية الضوابط الخاصة بالسماح لموظفي القطاع الحكومي بالتفرغ لإنشاء وإدارة مؤسساتهم الخاصة ، كما تم تفعيل القرارات الخاصة بتخصيص نسبة (10%) من المناقصات والمشتريات الحكومية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتسعى السلطنة لتحقيق الأمن الغذائي من خلال خطة إستراتيجية تركز على زيادة الإنتاج الغذائي المحلي ، وزيادة المخزون الاستراتيجي من المواد والسلع المستوردة ، وتشجيع التصنيع الغذائي والاستزراع السمكي، وتقديم التسهيلات المناسبة للاستثمار في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية ، وتقديراً لما تبذله السلطنة في هذا المجال وافقت لجنة التعاون الزراعي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعها في مارس 2016م على إنشاء مركز دراسات الأمن الغذائي في السلطنة.
ويعـد قطـاع الثـروة السمكيـة أحد القطاعــات الرئيسية الداعمة للاقتصاد الوطني ومصدراً مهما للدخـل ويوفر فرص عمل لشريحة كبيرة من المواطنين ويلعب دوراً محورياً في تعزيز منظومة الأمن الغذائي ، وذلك بحكم موقع السلطنة المطل على ثلاثة بحار وسواحلها الممتدة على طول (3165) كيلومتراً، ونتيجة لذلك تتمتع السلطنة بمخزون سمكي متنوع من أسماك السطح والأسماك القاعية إضافة لأسماك الفنار.
وتقوم وزارة الزراعة والثروة السمكية بتشجيع الاستثمار في مجال الاستزراع السمكي بهدف إقامة قطاع خاص من المزارع السمكية التي تعمل على إنتاج أجود المنتجات السمكية ، وتوجد في السلطنة (10) مزارع تكاملية ، وقد ارتفع إنتاجها من (5) أطنان في عام 2014م إلى (20) طنا خلال عام 2015م.
وفي إطار التنويع الاقتصادي تأتي توجيهات السلطان قابوس بن سعيد لتفعيل البرنامج الوطني لتعزيز التنويع الاقتصادي ( تنفيـذ ) ، بهدف التنويع الاقتصادي وفق خطط وبرامج وسياسات محددة في القطاعات المختلفة ، ووفق أسس ورؤية مدروسة وقابلة للتنفيذ ، في القطاعات الاقتصادية المختلفة بخطى أسرع وأكثر قدرة على خدمة الوطن والمواطن ، سواء على صعيد البنية الأساسية أو في القطاعات الاقتصادية المختلفة من ناحية ، والتركيز على القطاعات الخمسة الأساسية التي تم تحديدها كأولوية ضمن خطة التنمية الخمسية التاسعة ( 2016 – 2020 ) وهي قطاعات الصناعات التحويلية ، والسياحة ، واللوجستيات ، والتعدين والثروة السمكية ، وفق المراحل المتتابعة لبرنامج ( تنفيذ ) مع ما يمكن أن يتطلبه العمل من امتدادات في قطاعات المالية والتمويل، والتشغيل وسوق العمل وغيرها لإنجاح مراحل البرنامج المتتابعة.
وفي ظل ما هو معروف من أن خطة التنمية الخمسية التاسعة هي آخر خطة خمسية في الرؤية الاقتصاديــة للاقتصـاد العمانــي (عمان 2020) فإن ما سيتم تحقيقه في إطار برنامج التنويع الاقتصادي ( تنفيذ ) يشكل في الواقع قاعدة راسخة وقوية ، تعزز ما تم تحقيقه على مدى السنوات السابقة في القطاعات المختلفة ، وترسم مسارات العمل للرؤية الإستراتيجية (عمان 2040 ) التي يتم الإعداد لها منذ الآن ، خاصة وأن جهود التنمية الوطنية في السلطنة تميزت دوما بالقدرة على العمل المتتابع والمستمر، والبناء على ما تحقق، والاستفادة منه ، دون فجوات أو انقطاعات تبدد الوقت والجهد.
وبينما تتواصل فعاليات المراحل المتتابعة للبرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي (تنفيذ) ، من أجل وضع الأهداف المحددة والمراد تحقيقها موضع التنفيذ ، فإن المراسيم السلطانية التي أصدرها السلطان قابوس بن سعيد المرسوم السلطاني رقم (48/2016) بإنشاء الصندوق الوطني للتدريب وإصدار نظامه ، والمرسوم السلطاني رقم (50/2016) بإنشاء وحدة دعم التنفيذ والمتابعة ، يكتسبان الكثير من الدلالة والأهمية ، ليس فقط على صعيد التجاوب الواعي والسريع للكثير من الأفكار والآراء التي طرحت خلال الفترة الأخيرة ، والتي ركزت في مجملها على أهمية وضرورة إعطاء دفعة كبيرة لعمليات التدريب والتأهيل للكوادر الوطنية ، وعلى نحو يتواكب بشكل فعال ومستمر مع احتياجات التنمية الوطنية في الحاضر والمستقبل أيضاً، ولكن أيضا على صعيد حرص السلطان قابوس على إتاحة الفرصة لوضع التوصيات والمخرجات الموضوعية للأنشطة والفعاليات التي يتم عقدها، موضع التنفيذ العملي لصالح الوطن والمواطن.
وإذا كان البرنامج الوطني للتنويع الاقتصادي (تنفيذ) يتسم بالكثير من الأهمية والإلحاحية ، في الظــروف الراهنة ، خاصـة وأنه يسعى إلى مواكبــة تطبيق خطة التنميــــة الخمسيـــة التاسعـــة (2016–2020) التي بدأ تنفيذها منذ أول هذا العام ، فإن هذه المراسيم والخطوات التنفيذية التي سيتم اتخاذها ، والخطوات الأخرى ذات الصلة بها ، وبسياسات الدولة في القطاعات المختلفة ، تعبر عن الاهتمام العميق والمتابعة المستمرة من جانب السلطان قابوس لكل ما يتصل بتحسين مستوى معيشة المواطن العماني، وعن الترابط الوثيق بين السلطان والمواطنين بآمالهم وتطلعاتهم وحرصهم على أن تكون عمان في أعلى مراتب التقدم والاستقرار والازدهار.
النقــــل :
تعمل السلطنة على إنشاء شبكة من الطرق الأسفلتية التي تربط مختلف محافظات السلطنة بهدف تسهيل تنقّل المواطنين والمقيمين في البلاد وتنشيط القطاعات التجارية والصناعية والسياحية ، كما تم إنشاء طرق تربط السلطنة بالدول المجاورة.
وتقوم وزارة النقل والاتصالات على تنفيذ العديد من المشاريع من أهمها: ازدواجية طريق بدبد – صور (المرحلتان الأولى والثانية) بطول (249) كم، وطريق الباطنة السريع من الحزمة الأولى إلى الحزمة السادسة بطول (273) كم، وازدواجية طريق جبرين – عبري (الجزء الثاني) بطول (90) كم، وطريق سناو – محوت – الدقم (الجزءان الأول والثاني) بطول (181) كم، وازدواجية طريق عبري – ينقل (المرحلة الثانية) بطول (34) كم، وازدواجية طريق نزوى- ثمريت (الجزءان الأول والثاني) بطول (240) كم، وازدواجية طريق بركاء – نخل بطــول (39) كم ، وازدواجيــة طريــق محضة – الروضة بطول (58) كم ، إضافة إلى العديد من المشاريع الأخرى التي ستعمل عند إنجازها على رفع مستوى شبكة الطرق القائمة لاستيعاب حركة المرور المتزايدة على التقاطعات الرئيسية من الشبكة ، وقد تم خلال عامي 2015م و2016م افتتاح بعض هذه الطرق أو أجزاء منها تسهيلاً للحركة المرورية.
وقد تم خلال عام 2015م الانتهاء من المرحلة الأولى لدراسة الخطة الهيكلية للنقل العام بمحافظة مسقط وتهدف هذه الدراسة إلى إيجاد منظومة نقل عام متكاملة تخدم كافة شرائح المجتمع وفق أعلى معايير الجودة وللحد من الاختناقات المرورية والتأثيرات البيئية ، ويجري تنفيذ الخطة بتشغيل بعض خطوط النقل العام من خلال شركة النقل الوطنية العُمانية “مواصلات” التي تمكنت من نقل أكثر من (2.1) مليون راكب منذ تدشين هويتها الجديدة في نوفمبر 2015م وحتى نهاية يوليو 2016م بمعدل (10) آلاف راكب يوميا، وتسعى الشركة إلى تطوير كافة الخدمات التي تقدمها فيما يتعلق بعمليات الشحن وآلية حجز التذاكر إلكترونيا وافتتاح مركز اتصالات متكامل وتدشين خدمة الإنترنت اللاسلكي بأحدث الأجهزة والأنظمة ، وزيادة عدد خطوطها الداخلية بمحافظة مسقط وخطوطها بين مسقط وباقي محافظات السلطنة.
كما تعمل وزارة النقل والاتصالات على وضع تشريعات منظمة لأنشطة النقل البري للبدء في تفعيل إدارته بعد إصدار قانون النقل البري بالمرسوم السلطاني رقم (10/2016م)، ويهدف هذا القانون إلى تنظيم أنشطة النقل البري بما يضمن توفير أفضل الخدمات في مجال نقل الأفراد والبضائع لخدمة أهداف ومتطلبات التنمية الاقتصادية، كما يتم في الوقت نفسه ضبط الأوزان على شبكة الطرق بالموازين المتنقلة.
وفي عام 2016م دشن الطيران العُماني رحلاته إلى مدينة مشهد في إيران والنجف في العراق ، كما أضاف رحلة ثانية إلى لندن، ويبلغ عدد وجهات شبكة الطيران العماني (51) وجهة في (28) دولة، ومن المتوقع أن يصل عدد الوجهات بحلول عام 2020م إلى (75) وجهة وأن يرتفع عدد طائرات الأسطول إلى (70) طائرة منها (25) طائرة عريضة البدن و(45) طائرة أحادية الممر.
وارتفع عدد المسافرين عبر مطار مسقط الدولي في عام 2015م إلى (8.4) مليون مسافر مقابل (7.3) مليون مسافر في عام 2014م مسجلا نموا بنسبة (15.9%)، وارتفع عدد الرحلات من نحو (68) ألف رحلة إلى ما يزيد على (78) ألف رحلة مسجلا ارتفاعا بنسبة (15.5%)
السياحــة :
بدأت السلطنة خلال عام 2016م تنفيذ الإستراتيجية العمانية للسياحة (2016-2040م) التي تستهدف توفير أكثر من (500) ألف فرصة عمل ، وزيادة حجم الاستثمارات المتوقعة لتصل إلى نحو (19) مليار ريال عماني (12%) منها استثمارات من القطاع العام ، وتتطلع الإستراتيجية إلى زيادة مساهمة السياحة في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2040م إلى (10%) ، وتنمية الاقتصاد المحلي وتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وتركز الإستراتيجية على أن تصبح السلطنة بحلول عام 2040م من أهم المقاصد السياحية التي يزورها السائح لقضاء العطلات وللاستكشاف والاجتماعات من خلال جذب (11) مليون سائح دولي ومحلي سنويا، كما تركز الخطة على (14) منطقة تجمع سياحي مقترحة كالقلاع والحصون، والتراث الثقافي العماني العريق، والجواهر الطبيعية في عمان، ومنطقة البدو في عمان، والأراضي الساحلية، والصحاري متدرجة الألوان، ومنزل سندباد، وآثار من العصر الحديدي والبرونزي، والأودية والينابيع، والقرى الجبلية، ومدينة عمان الحديثة المبنيّة وفق النموذج التقليدي القديم، وصحراء الربع الخالي، وطريق اللبان والبخور، ومنطقة ظفار البرية الغربية.
ويعتبر قطاع السياحة أحد القطاعات الخمسة الرئيسية التي تركز عليها خطة السلطنة للتنويع الاقتصادي خلال الخطة الخمسية التاسعة (2016 – 2020)، وشهد القطاع خلال السنوات القليلة الماضية نموا جيدا، إذ ارتفع عدد المنشآت الفندقية من (297) منشأة إلى (318) منشأة، وخلال عام 2015م بلغت إيرادات الفنادق من فئة (3 – 5) نجوم (192,1) مليون ريال عماني مقابل حوالي (191,5) مليون ريال عماني في عام 2014م، وبلغ عدد نزلاء هذه الفنادق (1,2) مليون شخص فيما بلغت نسبة الإشغال (57,3%).
وتعزيزاً للاهتمام الذي يحظى به القطاع السياحي حصلت السلطنة على المركز الـ (16) عالميا ضمن أسرع الوجهات السياحية نموا خلال عام 2016م ، والسلطنة هي الدولة الوحيدة من بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية التي جاءت ضمن القائمة نظرا لثرائها بالمعالم السياحية التاريخية والحضارية والخدمات المقدمة للسائحين .