عروبة الإخباري – دخلت قضية بائع السمك الشاب محسن فكري بمدينة الحسيمة (شمال المغرب)، الذي توفي داخل شاحنة للنفايات إثر مصادرة السلطات المحلية للكمية التي كانت بحوزته، منعطفاً جديداً؛ إذ قرر عدد من الهيئات السياسية والحقوقية الاحتجاج على الفاجعة، إلى جانب إطلاق نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاغ “#طحن_مو”.
فيما دعا عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة المغربية، أنصار حزب “العدالة والتنمية” إلى عدم الاستجابة لأي احتجاج.
وأعرب في بيان أصدره في وقت متأخر من ليلة السبت 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 عن أسفه “الشديد للحادث المؤلم لوفاة بائع السمك، الشاب محسن فكري، مساء الجمعة الماضية”.
وأوضح أنه “تم فتح بشأن الحادق تحقيق من قبل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي انتقلت لعين المكان لهذه الغاية”.
وتأتي دعوة بنكيران في الوقت الذي دعت فيه أحزاب أخرى وجمعيات إلى التظاهر في 10 مدن بالبلاد اليوم الأحد 30 أكتوبر/تشرين الأول 2016 على خلفية الحادث.
الأسرة مكلومة
أسرة الشاب محسن فكري، لا تزال مكلومةً من هول الفاجعة؛ إذ فقدت أحد أفرادها بطريقة مؤلمة،واكتفى شقيقه عماد بتأكيد أن الأسرة ستتسلم الأحد 30 أكتوبر/ تشرين الأول 2016 جثمانه بعدما تم نقله لمستودع تشريح الأموات، على أن يتم دفنه والصلاة عليه بمسجد الإمام مالك بمنطقة تدعى أمزورن بضواحي المدينة.
وطالبت أحزاب وجمعيات بالمغرب، بكشف هوية المسؤول عن مقتل بائع الأسماك الذي “طحنته” شاحنة نفايات تعمل بضغط الهواء، خلال تصديه للعناصر الأمنية.
وتداول نشطاء على شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة مقطع فيديو، يُظهر عملية مصادرة رجال الأمن المغربي لكمية من الأسماك، وسُمع فيه صوت رجل أمن يدعو سائق شاحنة لـ”طحن” الشاب بآلة شفط النفايات، حينما أراد أن يحول دون إتلاف بضاعته.
ولاقى الشاب تضامناً كبيراً على “تويتر”، السبت، عبر وسم “طحن مو” والتي تعني “اطحن أمه”.
من هي الجهات المتورطة؟
وطالب نبيل الأندلسي، عضو فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس المستشارين (الغرفة الثانية بالبرلمان) بفتح تحقيق في حيثيات وملابسات الوفاة “المأساوية” للشاب.
جاء ذلك في سؤال موجه إلى كل من وزيري الداخلية المغربي محمد حصاد، والعدل والحريات مصطفى الرميد.
وقال الأندلسي: “يؤسفني أن أراسلكم السيد الوزير، بخصوص حيثيات وملابسات وفاة فكري الذي كان يشتغل قيد حياته كتاجر وبائع للسمك، وذلك بعدما دعسته (دهسته) حاوية ضاغطة للنفايات لشاحنة تابعة لشركة خاصة، ليلة الجمعة 28 أكتوبر/تشرين الأول 2016”.
وأوضح الأندلسي: “لقد حاول هذا الشاب الحيلولةَ دون إتلاف السلطات لكمية من سمك أبو سيف (نوع من الأسماك)، ممنوع الصيد، التي تم حجزها لديه من طرف السلطات الأمنية، والتي كان يود بيعها خارج المدينة”.
وتابع: “قررت السلطات المحلية في موقف غريب وغير مفهوم إتلاف كميات السمك المحجوزة لديه، باستعمال حاوية ضاغطة لشاحنة نقل النفايات”.
وأضاف في رسالته “هذا الأمر أثار استفزاز الشاب وغضبه واحتجاجه، مما جعله يهدد بالارتماء في الحاوية إن أصر المسؤولون على إتلاف المحجوز، قبل أن يقدم فعلاً على النزول بها، وهذا الفعل تمَّ قبل أن تتحرك آلة الضغط والتدوير”.
وتساءل قائلاً “من قام إذاً بتشغيل هذه الآلة، وكيف تم هذا الأمر، ومن هي الأطراف المتورطة في هذا الفعل الذي كان سبباً مباشراً في وفاة الضحية؟!”.
بدوره قال رئيس مجلس جهة طنجة تطوان حسيمة، إلياس العماري، في تصريح صحفي، إن “الجهة راسلت الجهات الحكومية المسؤولة لمعرفة تفاصيل وملابسات ما جرى، والإجراءات المتخذة في هذا الموضوع، من أجل إجلاء الحقيقة وتطبيق القانون وإنصاف الضحايا، ومعالجة الاختلالات التي أفضت إلى هذا الحدث الأليم”.
على جانب آخر حمّل حزب الأصالة والمعاصرة (معارض)، الحكومة المسؤولية في هذه “الفاجعة المؤلمة ووقائع أخرى مماثلة من خلال طريقة تعاطيها وتعاملها التي تضرب في الصميم أبسط حقوق المواطن وهي، الكرامة والعيش الكريم والحق في الحياة”.
رواية السلطة
وحاولت وزارة الداخلية المغربية تطويق الأزمة تفادياً لما لا يحمد عقباه، إذ سارعت بإيفاد لجنة إلى المدينة للتحقيق في ملابسات القضية، إلى جانب خروج مسؤول المنطقة لتأكيد أن الإجراءات الإدارية الأولية قد اتُّخذت والمتمثلة كمرحلة أولية في توقيف مندوب الصيد البحري بالمدينة.
وأكد ممثل وزارة الداخلية على أن التحقيق سيكون شفافاً للوصول إلى حقيقة ما جرى، والذي لن يسمح بتمرير الواقعة بسهولة.
أما المديرية العامة للأمن الوطني -جهاز الأمن المغربي- فقد ردت في بلاغ لها على الهاشتاغ الذي انتشر بمواقع التواصل الاجتماعي “#طحن_مو”، وذلك بعدما اتهمت صفحات بفيسبوك أحد رجال الأمن بكونه أعطى تعليمات لسائق الشاحنة التي كانت محملة بالأسماك بتشغيل آلية الضغط على النفايات ما أدى إلى وفاة الشاب محسن فكري.
ونفت المديرية العامة كل ما راج بمواقع التواصل مؤكدة في بيان لها أن “المزاعم التي تنسب لموظف شرطة إعطاء الأمر لسائق الشاحنة بتشغيل آلية الضغط على النفايات، المتصلة بالمقطورة، تبقى مجرد ادعاءات غير صحيحة على اعتبار أن ذراع التحكم في هذه الآلة الضاغطة توجد في الجهة اليمنى لآخر الشاحنة، ويستحيل على السائق التحكم فيها وهي المهمة التي يضطلع بها عادة مستخدمون آخرون غير السائق”.
وأورد المصدر نفسه أن الفرقة الوطنية للشرطة القضائية -جهاز أمني- قد “شرعت فعلاً في إجراء بحث شامل ودقيق في النازلة (الواقعة)، تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك لتحديد جميع ظروف وملابسات هذه القضية”.
وقفات احتجاجية
فيما دعت جمعيات مغربية من بينها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية حقوقية بالبلاد) إلى وقفات احتجاجية اليوم الأحد، جراء هذا الحادث.
في المقابل، نفت المديرية العامة للأمن الوطني، في بيان حصلت الأناضول على نسخة منه، أن يكون أحد رجال الشرطة قد طلب رشوة مرتبطة بقضية محسن فكري.
واعتبرت المديرية أن “مجموعة من الصفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تداولت أخباراً غير صحيحة، مفادها أن مسؤولاً أمنياً هو من أعطى تعليماته لسائق الشاحنة بتشغيل آلة الضغط على النفايات المتواجدة في المقطورة الخلفية، مما أفضى إلى الوفاة”