عروبة الاخباري _ كتب سلطان الحطاب – أكتب أول مرة عن اخلاقك وسيرتك التي اعرفها , فقد ترافقنا كثيرا في الحل والترحال وفي الاقتراب من الناس الذين ظلوا دائما يحيونك لانك كنت بالقدر الذي تستطيع , ابتداء من الابتسامة وانتهاء بالعون المادي والعيني ترد لهفتهم وتقف الى جوار محتاجهم ..
لم تكن احسن حالا ماديا من الكثير من اصدقائك الذين كانوا يملكون من متاع الحياة اكثر مما تملك , ويحوزون من الثروات والعقار باكثر مما تملك , فقد كنت مثلنا ولكنك كنت تختلف انك كنت تسارع الى الغوث والعون و مد اليد , اتذكر عشرات الحالات فقد كنت تعطي اخر ما في جيبك , ومن هنا ارتفع لك اسم وصيت , واصبحت ” جت ” على يديك اكبر مما هي عليه يعرفها الجميع من مستشفيات ومدارس وهيئات وجمعيات واندية .. وقد قيل ذات يوم هذه جت وربطها المتحدث باسمك واضاف مالك حداد هنا , ان له في كل عرس قرص , حتى الجامعات حين كان طلابها يضربون ويتوقف النقل فيها تجد ذراعك ممتدة, وفي ايام السيول والعواصف , وفي المباريات الوطنية وفي النقل عبر الحدود , وكنت اسالك كيف يكون هذا , فترجع الفضل لاهله وتقول ان المالكين يريدون ذلك وقد وفروا لي ارادتهم لاعمل , ولولا ذلك لم يكن وكنت تذكر ذلك مرتبطا باسم الكبير ابو خالد صبيح المصري , الذي اعتقد انه يثق في عملك ثقة كبيرة جعلت مجلس الادارة كله يوليك نفس الثقة , فالسمعة الطيبة هي راس مال تمكن تسييله في اي لحظه ..
لم اجد ردود فعل متضامنة وواسعة ومسموعة كما وجدتها يوم جرى ابتلائك على عمل لايعرف الكثيرون حقيقته ولا دوافعه ولا مجرياته , ولكنك اثرت الصمت حتى لا تجرح احدا او تسئ لاحد , وانسحبت بهدوء راضيا مرضيا خشية ان يصيب العمل العام او حتى صديقك الرئيس شيئا مما ظل البعض يثيره من فتن واشاعات , بلا مبرر او سند .
اثرت الصمت وهذه إثرة لم يعرفها الكثيرون وفضلت ان لا تكون شخصيا سببا لاي اساءة او استمرار هرج ومرج واشاعة, وقلت في نفسك ولنفسك انه جرح في الكف ومن الافضل اغلاق اليد عليه , اما الذين تاجروا واشهروا واقتاتوا على الاشاعة فان النفوس السيئة الكامنة تحركت باشاعتها كقطعة الليل , وكبقعة الحبر على ثوب عملك الابيض .
يا صديقي مالك , هذه المقالة كانت مؤجلة , لم اكن اريد ان اخبزها على نار اشعلها الحساد , فأجلت الى ان يخبو اللهب ويهمد الحريق الذي سيتحول بفضل صبرك الى رماد وعندها كان واجبا علي ان اقول ما عرفته عنك من طيب شمائل وسلوك انساني عميق , فانت لا تحتمل كل ذلك ولم تكن حينها قد حملته .
انسحابك كان رجولة , سجلت لك وإثرة خصصت بها العمل العام , وتقدير لمن وضع ثقته فيك , سواء الرئيس ام زملائك الذين تأثروا فجاء القرار وقد انحنى للموجة فاصبت انت لينجو المركب .
ما زلت اتكلم عن مناقبيتك وسلوكك ومعرفتي فيك , وعن ما اتصفت من شهامة و مروئة لان هذا هو الاحوج لأن يشهر الان طالما اراد الاخرون الصيد بعد ان عكروا المياة ورابطوا في الطريق الذي جعلته سالكا بعملك المتفاني لن اكتب عن عملك وانجازاتك، فهذه يعرفها الكثيرون في الصحافة والمواقع، وفي غير الصحافة من ادارات وشركات وتلك شاهدة للعيان.. لكنني احببت ان اكتب عما يخصني في التعامل مع صديق لا اشترك معه في مهنة او مشروع ولكن في اخلاقيات وسعت اصدقائه وضمت الكثير منهم وهم مثلي وأكثر في الاقرار بعلو خلقك ونبل صفاتك..
أخي مالك الحياة مسيرة طويلة فيها مد وجزر وفيها قضاء وقدر، وفيها ارادة وتصميم وقدرة على الابداع .. فيها تسام انتسبت اليه، ووضاعة انتسبوا لها من ارادوا النيل من شجرتك المثمرة .
اليوم انت تواصل خطاك والذي كسبتهم لنيل خلقك لن تخسرهم في اشاعة او منعطف او لحظة تعتيم، ولذا فإنك وقد انتصرت على من اعتقدوا انهم اوقفوك.. كنت قادرا على الرد عليهم بأنك ما زلت مستمرا تبني وتعمل بنفس العقلية الاريحية والانتماء لعملك وبلدك وحتى حبك لقيادة هذا الوطن.
ولأن لديك من الصفات ونبل الخلق والاثرة والغيرة والحرص والانتماء الكثير فقد دفنت الاشاعة واغرقت الشر الذي ارادوه بخير اردته..
لم تكن تقف تستجدي منصبا او وزارة بل كنت دائما تسخر حين يذكروك بالوزارة او يربطون اسمك بحقيبتها، وتقول انا رجل ميدان وقد عملت وهذا انجازي ولن تزيدني الوزارة مكانة او شرفا.
قلتها لي حين كنت انقل افكارك في النقل والحلول التي تراها الى الورق، وابشر بها واجد فيها حلا.. نقلت ذلك في الكتابة وفي المؤتمرات واللقاءات وحتى لمكاتب الوزراء المتتالين من قبل ومنهم من اخذ بها ومنهم من ترك ادعاء معرفة، وبقيت رؤيتك للنقل هي الاصوب، وانت اليوم حتى من موقعك غير التقليدي في اكبر شركات النقل ما زلت تمسك بهذه الرؤية وتبشر بها وتضعها في خدمة زملائك على مختلف مواقعهم، بما في ذلك امام زميلك وصديقنا وزير النقل الحالي الكابتن حسين الصعوب الذي يعتقد ان الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها ادركها، ولن تكون بعيدا عن تقديم النصح له ومساعدته في عمله الجليل وهو القادم من النقل البحري والمتمتع بالمعرفة فيه.
لقد ظلت اضافاتك مقدرة ووجهة نظرك المبثوثة في مؤتمرات ومحافل النقل العربية والاجنبية يؤخذ بها..
تعود اليوم لموقعك الذي كان اصحاب العمل يرغبون ان لا تغادره لانهم يدركون حجم الفراغ الذي ستتركه وغياب الدور الذي تقوم به.. ويبدو ان الشركة ستظل محظوظة بك وهي تصعد لمرحلة جديدة .
كتبت قبل اعلان اسمك في الوزارة خطة تطويرها الجديدة، تكسبك “جت” مرة اخرى ويتطلع الجمهور المتعامل معها ان تسري عدوى نجاح جت في شركات اخرى ما زالت تعتبر” جت ” ” اما ” لها ومعلما في الميدان لكافة شركات النقل في هذا التخصص.
أحببت ان اتوقف في محطة معرفتي بك وما كتبت يتعلق بالجانب الانساني الذي لا يدرك إلا من عرف الشوق وكابده ، وعرف المحنة والامتحان.. اما ما يتعلق بانجازك في العمل فإن له حديث آخر..
التقيك بعد انقطاع وبعد ان ارتقيت بعيدا عن الاشاعة والحروب الصغيرة وما فيها من نذالة . فقد احببت الابتعاد قليلا حتى اقترب اكثر، واقدم شهادتي فيك وهي شهادة صديقنا المشترك ايضا عبدالحي المجالي الذي عرفك عن قرب كما عرفتك.