عروبة الإخباري – ركزت مباحثات جلالة الملك عبدالله الثاني مع رئيس الوزراء الياباني شينزو أبي، في العاصمة اليابانية طوكيو، اليوم الخميس، على تطوير العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين، والأوضاع الراهنة على الساحتين الإقليمية والدولية.
وتناولت المباحثات، التي جرت بحضور سمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني وعدد من كبار المسؤولين في كلا البلدين، سبل إدامة التنسيق والتشاور بين الأردن واليابان، وآليات تعزيز التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية.
ففي الجانب الاقتصادي، تم بحث برنامج التعاون الاقتصادي مع اليابان، حيث تم طرح المشروعات ذات الأولوية بالنسبة للأردن للاستفادة من برنامج المنح التنموية للمشروعات، بالإضافة إلى دعم الموازنة من خلال القروض الميسرة والتي تخفف من عبء خدمة الدين العام، حيث أعلن الجانب الياباني عن تقديم 300 مليون دولار كقرض تنموي ميسر الشروط.
وبحث الجانبان سبل تعزيز علاقات التعاون بين القطاع الخاص في البلدين، حيث تم عقد منتدى الأعمال الأردني الياباني بين ممثلي القطاع الخاص في البلدين على هامش الزيارة الملكية.
كما تناولت المباحثات التعاون في المجال الأمني ومكافحة الإرهاب وأهمية تعزيزه، حيث قدمت اليابان منحة إضافية للأردن بقيمة 10 ملايين دولار في هذا المجال، وأكد رئيس الوزراء الياباني، في هذا الصدد، حرص بلاده على تعزيز العلاقات مع الأردن على المدى البعيد.
وفيما يتعلق بالأوضاع الاقليمية، ركزت مباحثات جلالة الملك مع رئيس الوزراء الياباني على مستجدات الأوضاع في سوريا والعراق وليبيا واليمن، وجهود إحياء العملية السلمية بين الفلسطينيين والإسرائيليين، فضلا عن الحرب على الإرهاب، حيث أكد الجانب الياباني حرصه على تعزيز دوره والبناء على مشروع ممر السلام والازدهار الياباني، الى جانب بحث دعم مشروع ناقل البحرين.
وشدد الجانبان، خلال المباحثات، على أهمية التوصل الى حل سياسي للأزمة السورية يحافظ على وحدة سوريا وسلامة شعبها.
وأكد رئيس الوزراء الياباني، في هذا الصدد، تقديره العميق لما يقدمه الأردن على الساحة الإقليمية، ودوره في تعزيز استقرار المنطقة وما يبذله من جهود ويتحمله من أعباء، خصوصا جراء استضافة أعداد كبيرة من اللاجئين.
وفي هذا الإطار، بحث الجانبان زيادة المنح لدعم المشروعات التنموية وخطة الاستجابة الأردنية، حيث أعلن الجانب الياباني أنه سينفذ هذه المنح بشكل مباشر ومن خلال وكالة التعاون الدولي اليابانية، وأنه سيركز دعمه على أولويات دعم المجتمعات المستضيفة ووفق خطة الاستجابة الأردنية.
يشار إلى أن وفدا يابانيا سيقوم بزيارة المملكة في الشهر المقبل لتحديد أولويات هذه المنح للمشروعات التنموية ولدعم مشروعات المجتمعات المستضيفة، وفقا لخطة الاستجابة.
وأعرب الجانبان، خلال المباحثات، عن تطلعهما إلى نجاح جلسة حوار السياسات الياباني الأردني التي ستعقد في عمان الشهر المقبل.
وفي تصريحات صحفية مشتركة، عقب المباحثات، أكد جلالة الملك عمق العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الأردن واليابان، والحرص على تطويرها في شتى الميادين، خصوصا الاقتصادية، وتعزيز العلاقات بين مجتمع الأعمال في البلدين الصديقين.
وفيما يلي نص تصريحات جلالة الملك: “صديقي العزيز دولة رئيس الوزراء، شكرا لكم على حفاوة الاستقبال. ويسعدني أن أكون هنا مرة أخرى في زيارة لليابان، وأنا سعيد جدا بالمناقشات المثمرة التي أجريناها اليوم.
واسمحوا لي أن أعرب عن التعازي الحارة باسمي وباسم الشعب الأردني لصاحب الجلالة الإمبراطور والعائلة الإمبراطورية والشعب الياباني، بوفاة صاحب السمو الإمبراطوري الأمير ميكاسا.
لطالما جمعتنا علاقة طويلة ووثيقة مع العائلة الإمبراطورية وصداقة عميقة بين الأردن واليابان، ونحن هنا في اليابان للتعبير عن امتناننا لحكومة وشعب اليابان على الدعم السخي الذي لطالما قدمتموه للمملكة الأردنية الهاشمية.
إننا فخورون جدا بالعلاقات التاريخية والتطور الذي تشهده بشكل مستمر، فنحن وكما ناقشنا خلال زيارتي الأخيرة إلى طوكيو، ملتزمون بمواصلة تطوير العلاقات الاستراتيجية بين بلدينا. وفي هذا السياق، فإننا نرحب بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات الجديدة التي شهدناها للتو.
كون الأردن واحة استقرار في منطقة مضطربة ومحاطة بالصراعات، يجعله بحاجة إلى كل دعم ممكن. ونحن نقدر عاليا الدعم الذي تقدمه اليابان. ولليابان دور مهم في منطقتنا، ولقد أثبتت لنا الأحداث المأساوية أن التطرف وبكل أسف لا يستثني أحدا.
إن محاربة التطرف يتطلب جهدا جماعيا، كما أن اتباع نهج شمولي أمر بالغ الأهمية لمواجهة التهديدات المترابطة التي تواجهنا جميعا، في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا وأوروبا.
وأود أن أعبر لكم عن شكرنا على الدعم الكبير الذي قدمتموه لنا في ظل أزمة اللاجئين السوريين، حيث وضعت هذه الأزمة الإنسانية غير المسبوقة أعباء هائلة على الميزانية ومواردنا الوطنية المحدودة، ونحن نقدر لكم مساندتنا في تحمل هذه الأعباء. وأود أن أعرب عن شكر خاص وشخصي للشعب الياباني على هذه الجهود الرائعة التي تبذلونها.
أريد أن أؤكد هنا أن القضايا الإقليمية مترابطة، فعدم إحراز تقدم في عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد عقود من الصراع هو عامل محفز للمتطرفين.
نحن بحاجة إلى أن نحرز تقدما فعليا على أرض الواقع، وضمن هذا السياق فإن العام المقبل سيشهد حلول الذكرى العاشرة للمبادرة اليابانية “ممر السلام والازدهار”، ولا بد من الإشادة بالجهود اليابانية في دفع الجانبين للعمل معا، والأردن مستعد لدعم ومساعدة جميع الأطراف.
السيد رئيس الوزراء، اسمحوا لي مرة أخرى أن أشكركم وحكومتكم والشعب الياباني الصديق على حفاوة الاستقبال، وعلى ما تبدونه من قيادة إزاء منطقتنا والعالم. ونحن نتطلع لبناء علاقات قائمة على الثقة بيننا، ونقدر عاليا الدور الذي تقومون به لجلب الاستقرار والأمل لجميع شعوب منطقتنا. أشكركم وآمل أن أرحب بكم قريبا في منطقتنا”.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الياباني، شينزو أبي، متانة العلاقات الثنائية والتي شهدت تقدما كبيرا في السنوات الماضية، مثمنا القيادة الحكيمة لجلالة الملك، وجهوده التي حافظت على الأمن والاستقرار في المملكة وجعلت منها واحة أمن وسط منطقة تعيش ظروفا صعبة.
وفيا يلي تصريحات رئيس الوزراء اليابان، “إنه لمن دواعي سروري أن أرحب بجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في اليابان، خصوصا وأن الأردن أحتفل هذا العام بالذكري السبعين لاستقلاله.
منذ زيارة جلالة الملك السابقة لليابان قبل عامين، شهدت العلاقات الأردنية اليابانية تقدما كبيرا، وعلى مدار ثلاث سنوات متواصلة كان هناك زيارات متبادلة على مستوى القيادات.
أنا مسرور جدا أن أعقد باستمرار مباحثات مع جلالة الملك على هامش المؤتمرات الدولية التي نشارك بها، وهذه اللقاءات المتبادلة تدل على الشراكة القوية بين بلدينا.
إن اليابان تولي أهمية كبرى للأردن كونه واحة من الأمن في الشرق الأوسط، وأود هنا أن أعبر عن تقديري وإعجابي بقيادة جلالة الملك التي حافظت على أمن الأردن، بالرغم من الظروف الصعبة في المنطقة.
خلال لقاء القمة مع جلالته اليوم، عقدنا مباحثات مثمرة وسوف أطلعكم على أهم ما تناولناه.
أولا، التعاون في مجال الأمن والدفاع، وأتوقع أن توقيع مذكرة تفاهم في مجال التعاون الدفاعي سيكون لبنة لمزيد من التوسع في تعاوننا الثنائي.
إنني مسرور أني شهدت اليوم توقيع مذكرة التفاهم، وقد كان هناك أيضا توقيع اتفاقية منحة، وهي مساعدة مهمة للأردن لتزويده بمعدات يابانية لتعزيز قدراته الأمنية، وانا سعيد بأن نقدم للأردن مساهمة لتحسين قدراته في هذا المجال.
استقبل الأردن، بكل كرم، أعدادا كبير من اللاجئين السوريين، ويقوم بكل جهوده من أجل التعامل مع الأعمال الإرهابية والتطرف، وهذا هو الأساس لاستقرار الشرق الأوسط. أود هنا أن أنقل لجلالة الملك بأن اليابان سوف تدعم بكل قوة هذا الأمر.
ولهذا الهدف، سنزود الأردن بقرض سياسات تنموية يقدر بثلاثين مليار ين ياباني. لقد أكدنا، أنا وجلالة الملك، أن بلدينا سيعملان باستمرار وبشكل وثيق من أجل السلام والاستقرار في المنطقة.
بالتعاون مع جلالة الملك، سأعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين بلدينا وتعاوننا المشترك. شكرا”.
وشهد جلالة الملك ورئيس الوزراء الياباني، عقب المباحثات، توقيع اتفاقية منحة، تقدم بموجبها الحكومة اليابانية 10 ملايين دولار لتزويد المملكة بأنظمة حديثة لمراقبة الحدود، ومذكرة تفاهم في مجال التعاون الدفاعي بين البلدين.
ووقع الاتفاقية عن الجانب الأردني وزير التخطيط والتعاون الدولي عماد فاخوري، وعن الجانب الياباني السفير الياباني في عمان سوئيتشي ساكوراي .
أما مذكرة التفاهم في مجال التعاون الدفاعي بين البلدين، فوقعها عن الجانب الأردني نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جوده، وعن الجانب الياباني وزيرة الدفاع تومومي آنادا.
وحضر المباحثات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين، ومدير مكتب جلالة الملك، ووزير التخطيط والتعاون الدولي، والسفير الأردني في طوكيو.
وجرت لجلالة الملك مراسم استقبال رسمية، لدى وصوله مقر رئاسة الوزراء اليابانية، حيث حيته ثلة من حرس الشرف، وعزفت الموسيقى السلامين الملكي الأردني والوطني الياباني.
وأقام رئيس الوزراء الياباني مأدبة عشاء رسمية تكريما لجلالة الملك وسمو الأميرة سلمى بنت عبدالله الثاني والوفد المرافق، وحضرها عدد من كبار المسؤولين اليابانيين.
وحول أهمية الزيارة الملكية إلى اليابان، قال السفير الياباني في عمان، شوئيتسي ساكوراي، إنه “منذ أن تولى جلالة الملك العرش في عام 1999، عمل جلالته على تعزيز العلاقات بين البلدين سنة بعد أخرى في مختلف المجالات”.
وأضاف في مقابلة مع وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، ان زيارة جلالة الملك ستدعم علاقات التعاون والروابط بين البلدين الصديقين، مؤكدا عزم بلاده على مواصلة دعم الأردن، الذي يلعب دورا مميزا في حفظ الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا من ناحية، ومواصلة عملية الاصلاح بقيادة وحكمة جلالته من ناحية أخرى، لافتا إلى أهمية مذكرات التفاهم التي تم توقيعها اليوم في تعزيز التعاون في المجالات الدفاعية بين البلدين.
(بترا)
الملك: التطرف لا يستثني أحدا
21
المقالة السابقة