صراحة، الحكومة عندنا مثل سائر المواطنين العاديين؛ تعطي الإجازة “الطويلة” حقها. فقد استغرقت في الغياب، إلى الحد الذي جعلنا نفتقدها حقا. رئيس الوزراء كان في رحلة إيمانية امتدت عدة أيام. وكما جميع الحجاج، عاد “الحاج أبو فوزي” ليتلقى التهاني من لفيف الأصدقاء والأقارب؛ حجا مبرورا وسعيا مشكورا.
ماذا بعد؟
جلالة الملك عبدالله الثاني يتوجه مطلع هذا الأسبوع إلى نيويورك، ليلقي خطابه السنوي في الجمعية العامة للأمم المتحدة، والمشاركة في قمتين مهمتين حول اللاجئين. الأولى، دعا إليها الأمين العام للأمم المتحدة. والثانية، قمة مصغرة يعقدها الرئيس الأميركي باراك أوباما.
لا نسأل عن دور الملك في القمتين؛ فلطالما كان صوت الأردن القوي والمؤثر في الاجتماعات الأممية، بما لجلالته من مكانة دولية رفيعة.
نسأل عما في جعبة الحكومة بهذا الصدد؛ حتى الآن لم نسمع شيئا مفيدا عن الأجندة الأردنية في القمتين، فيما يخص قضية اللاجئين التي تشكل قضية رأي عام في الأردن. ولا ينبغي، بأي حال، تجاهل حق الناس ووسائل الإعلام في معرفة موقف الأردن من القضايا المطروحة على جدول أعمال المؤتمرين.
رئيس وزراء لبنان؛ الدولة المعنية بملف اللاجئين السوريين، كما الأردن تماما، اجتمع أول من أمس مع سفراء الدول الخمس الكبرى في بيروت، ومع سفير الاتحاد الأوروبي، لبحث موقف لبنان من موضوع اللاجئين في القمة الأممية. وطلب السفراء من الحكومة اللبنانية التقدم باقتراحات بناءة لعرضها في نيويورك. وفتحت وسائل الإعلام نقاشا ساخنا حول أجندة الحكومة اللبنانية، وأدلى مختصون بوجهات نظرهم، وشارك فيه المسؤولون، على نحو سمح للبنانيين بفهم ما يدور حولهم.
ممثلة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في بيروت ميراني جيرار، قالت كلاما مهماً للصحفيين بعد تلك الاجتماعات. ميراني ذكرت أن الهدف من قمة اللاجئين الأولى، البحث في خطة إعادة توزيع اللاجئين في دول الجوار السوري على دول أخرى لتخفيف العبء على الدول المضيفة.
هذا الكلام يعني الأردن بالضرورة. صحيح أن التوقعات بشأن نتائج القمتين متواضعة، لكنّ هناك أفكارا كثيرة يجري بحثها، تتعلق بتسهيل إجراءات منح تأشيرات السفر للاجئين في دول المنطقة لبلدان أجنبية كأميركا واستراليا وكندا، إضافة لملف المساعدات والمنح. وهي كلها مسائل تعني الأردن مثل لبنان، وأكثر.
من خلال متابعة وسائل الإعلام اللبنانية، تبيّن لي أن بيروت كانت في الأيام القليلة الماضية خلية عمل استعدادا لاجتماعات نيويورك؛ لقاءات مكثفة مع السفراء الغربيين، وحملة تصريحات ومؤتمرات صحفية لعرض وجهة نظر الحكومة فيما هو مطروح من أفكار بخصوص ملفات اللجوء، وتحشيد دولي لدعم مطالب لبنان.
بينما كانت عمان تغط في إجازة طويلة، وكأن الحدث في نيويورك لا يعنيها من قريب أو بعيد.
الوضع القائم خطير، ولا يعطينا الحق في أن نتصرف بتساهل مع ملف يضغط على مفاصل الدولة والمجتمع. تفيد الإحصاءات بأن هناك نحو 65 مليون لاجئ حول العالم، نصفهم يعيشون في ثماني دول من بينها الأردن. 14 % فقط منهم استقبلتهم الدول الثرية.