عروبة الإخباري – ياسر محمد رشاد، مدرس مصري حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى مسابقة “المراجعة البيئية”، أثار تكريمه من قبل وزارة التربية والتعليم جدلاً واسعاً.. فالمكافأة كانت 30 جنيهاً مصرياً فقط (نحو 3 دولارات)!
ياسر من أسرة متوسطة بإحدى قرى محافظة الشرقية (الوجه البحري)، لم يتم تعينه مدرسًا بالتعليم إلا بعد تخطيه سن الأربعين.
مدرس الدراسات الاجتماعية علّم طلابه تبادل الاحترام والأخلاق، “لكم مني الاحترام والتكريم والعلم، ولي عندكم الالتزام وطاعة الأمر”، جملة يقولها ياسر في أول أيام الدراسة لطلابه كل عام.
المعلم بمدرسة كفر سليمان موسى الابتدائية التابعة لإدارة غرب الزقازيق عاصمة محافظة الشرقية، يكشف مفاجأة جديدة قائلاً إنه “لم يتم تكريمه من وزير التربية والتعليم، بل إن الوزير لم يحضر الاحتفالية حتى”.
بداية القصة
يقول ياسر إنه تم إبلاغه من مديرية التعليم بمحافظته الشرقية بفوزه على مستوى الجمهورية في مسابقة “المراجعة البيئية”، وإن وزير التربية والتعليم الهلالي الشربيني سيلتقي بكل المتقدمين ويكرمهم عبر “فيديو كونفراس” للاحتفال وإعلان الفائز.
ويضيف المعلم الحاصل على ليسانس آداب أنه توجه إلى قاعة المديرية وجلس هو والعديد من زملائه أمام “فيديو كونفرانس”، وأن الذي كان موجوداً قيادات من الوزارة ليس بينهم الوزير بعكس ما أشاعت وسائل الإعلام، وكان أحد الموجودين يلقي محاضرة تتحدث عن التنمية المستدامة.
ويشير المعلم إلى أنه فوجئ بأحد الموظفين جاء بالقرب منهم وسأل بصوت هامس لأن المحاضرة كانت مستمرة من منكم بـ”منطقة غرب” فأجابت إحدى المدرسات التي حضرت معه لتشاهد التكريم نحن، مشيرة إلى مجموعته، فقال لها الموظف: “لكم أوراق على أحدكم أن يأتي لتسلمها”.
يتابع ياسر “بعدها جاءت المدرسة زميلتنا لتعطيني شهادة، قالت بصوت هادئ: الموظف أرسل لك هذه الشهادة هدية تكريمك”، مستطردًا: “بعد النظر إليها فوجئت بأنها شهادة استثمار بقيمة 30 جنيهاً تصرف بعد 20 سنة”، دون ظرف أساساً وغير مرفقة بشهادة تقدير.
وأوضح المدرس أن الصورة التي تتداولها وسائل الإعلام على أنها من قبل الوزارة خلال تكريمه تُدووِلت بشكل خاطئ، موضحاً أنها أخذت من على صفحته الشخصية فيسبوك، خلال تكريمه عام 2014 بمناسبة حصوله على لقب المعلم المثالي بإدارة غرب الزقازيق.
وعن أسباب فوزه بالجائرة – يستكمل ياسر – أنه “نتيجة لاجتهادي والعديد من زملائي، وبمساعدة الطلاب، من خلال تكثيف الأنشطة المدرسة، وبالجهود الذاتية، فقد غيّرنا شكل المدرسة باستخدام دهانات ولوحات إرشادية ولافتات وزينة، وغيرها من الأعمال التجميلية التي غيرت المدرسة للأفضل بشكل كلي”.
ويؤكد المدرس أنه لم يطمع في تكريم مادي، لكنه كان يتمنى الحصول على تكريم معنوي بـ”شهادة تقدير”، وهو ما لم يحدث.
ليست هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها المدرس مثل هذا المقابل على تكريمه، ففي شهر فبراير/شباط 2016 تم تكريمه لحصوله على المركز الأول على مستوى المديرية في مسابقة الأبحاث، وكانت شهادة استثمار بــــ 30 جنيهاً أيضًا.
الوزارة شهّرت بنفسها دون أن تدري
بعد التكريم الأخير من الوزارة فوجئ ياسر بمسؤول من مديرة التعليم بمحافظته يخبره بأنه يوجد صحفي بإحدى الجرائد الخاصة المصرية يريد الحديث معه عن تكريمه.
ويوضح المدرس أنه تحدث مع الصحفي عن التكريم من الوزارة، وحين أخبره بتكريم شهادة الاستثمار ونشر الخبر أذيع الموضوع وكانت تلك النتيجة.
وأشار إلى أنه بعد ذلك، “طلبت منه الوزارة عدم الحديث في وسائل الإعلام لعدم التشهير بهم”.
مشوار ياسر التعليمي
يقول المعلم ياسر إنه بعد تخرجه في الجامعة تقدم للدراسة بمعهد خطوط عربية لمدة 6 سنوات، ولم يتم تعينه بالتربية والتعليم سوى من 4 أعوام فقط.
حصل المعلم خلال تلك الـ4 أعوام منذ تعيينه على مركز أول على محافظة الشرقية، وتم تكريمه من وزير التعليم الأسبق لحصوله على المركز الـسابع في أول معرض للخط العربي على مستوى الجمهورية، وكذلك حصل على المركز الثالث على مستوى الجمهورية في الخط العربي.
وفاز ياسر – كما يقول – بلقب المعلم المثالي على مستوى إدارة غرب بالمحافظة، والأول في مسابقة الأبحاث على مستوى المديرية، والأول على الجمهورية في مسابقة المراجعة البيئية، غير حصوله على المركز الأول سنويًا في مدرسته.
ياسر، الذي رزقه الله بـثلاثة أبناء: كريم في الصف الثالث الثانوي، ومحمد في الصف الثاني الإعدادي، وإسراء في الصف الخامس الابتدائي، يوضح أن أسلوب تعامله مع الطلبه يكون بكل رقي واحترام قائلًا: “الطالب جاء للمدرسة لتحصيل الأخلاق والعلم، والتعامل بالعصا لا يزيده إلا كرهاً في المدرسين، لذا لا يهين أي طالب نهائياً، ويعلمهم الحب والاحترام وتبادل الواجبات والحقوق”.
يروي ياسر أحد المواقف قائلًا: “جاءته مدرسة أولى لغة عربية، فترة مسائية في مدرسته، صباح ذات يوم وسألته: ماذا فعلت بابنتي لتحب مادة الدراسات الاجتماعية هكذا؟ البنت لا يوجد في عقلها شيء سوى تلك المادة ومذاكرتها”.
ويقول في موقف آخر: “فوجئت في أحد الأيام بأكثر من 50 من أولياء أمور الطلاب يقيمون حفلاً لي في المدرسة، مع تكريمي بشهادة تقدير موقعة من الأهالي، نتيجة حب أبنائهم لي”. قائلًا: “وهي ما لم يعطها لي الوزير أثناء التكريم”.
ويوضح أنه يعمل في مجال الأدوات الصحية بعد انتهاء اليوم الدراسي للحصول على دخل إضافي يكفي معيشته وأسرته، وبعدها يعود للبيت الساعة الـحادية عشرة مساًء للنوم لكي يستيقظ في السادسة صباحًا للذهاب للمدرسة.
قصة تعيينه
ياسر قبل تعينه بخمسة أعوام كان يعمل مدرساً بالحصة بمعهد أحمد عرابي الثانوي (غير معين بل يتلقى أجره وفقاً للحصص التي يدرسها)، وبعدها جاء قرار من الوزارة أن كل من يعمل بالحصة يتم تعيينه رسميًا.
وفي أحد الأيام وأثناء تواجده في الإدارة التعليمية لاستكمال أوراق التعيين ليكون مدرسًا للخط العربي، سألته الموظفة: هل أنت حاصل على ليسانس آداب؟ فأجاب بنعم، فقالت: “سوف أعمل فيك معروفا وأعينك بشهادة كليتك وستكون مدرس دراسات اجتماعية”، كما يروي المعلم.