الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا حول العالم للاستماع إلى رئيسهم يتحدث عن ديبلوماسية فرنسا يطرح السؤال: من سيكون على رأس فرنسا في هذه الفترة من السنة المقبلة لقيادة هذه الديبلوماسية وكيف ستكون ديبلوماسيته؟ ومن سيقود الولايات المتحدة وكيف سيكون تأثير ذلك على العلاقة مع فرنسا وأوروبا؟ شعبية الرئيس الفرنسي منخفضة جداً لأن الوضع الاقتصادي في البلد سيء والبطالة لم تزل مثلما توقع هولاند في بداية عهده. ولكن موقفه من القضايا الدولية خصوصاً بالنسبة إلى سورية ولبنان والعالم العربي موقف جيد. فهو منذ بداية الصراع السوري يطالب بحل سياسي ويدين إجرام النظام السوري وحلفائه. فكيف سيكون وجه الديبلوماسية الفرنسية مع الرئيس الجديد في السنة المقبلة إذا لم يعد هولاند حسب توقعات شعبيته المتدنية؟ فالفائز في الانتخابات الأولية لحزب الجمهوريين (اليمين المعتدل) قد يكون لديه الحظ الأكبر في الوصول إلى الرئاسة. والمتنافسان الأكثر شعبية في حزب الجمهوريين هما رئيس الوزراء السابق ألان جوبيه الذي تولى حقيبة الخارجية مرتين في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا ميتران وفي عهد نيكولا ساركوزي والآخر ساركوزي، علماً أن حزب «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) التي تترأسه مارين لوبن يحظى بشعبية متزايدة. وإذا عاد ساركوزي إلى الرئاسة على رغم أن كثيرين في اليمين لا يتمنون عودته، فإنه لن يغير في تعامله مع النظام السوري كونه هو الذي سحب البعثة الديبلوماسية الفرنسية من دمشق ومنع التعامل مع النظام، علماً أنه كان دعا بشار الأسد إلى باريس مرتين واستقبله بحفاوة ولكنه سرعان ما أدرك أن النظام كاذب ولم يلتزم يوماً بما تم الاتفاق عليه. ولكن ساركوزي ينتقد هولاند على سياسته مع روسيا وتجاهل هذا البلد الكبير. إلا أن بوتين يعتبر أن ساركوزي خدعه في ليبيا عندما اتخذ قرار مجلس الأمن ذريعة لتغطية إزالة نظام القذافي. أما جوبيه وهو اليوم في استطلاعات الرأي الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات الأولية، فسيكون إذا وصل إلى الرئاسة أقرب إلى توجهات هولاند في سورية ولكن مع تغيير في الأسلوب والنهج والتعامل بإرادة أقوى وحزم أكبر وسرعة في اتخاذ القرار.
إن الإرهاب سيكون المشكلة الأساسية التي يواجهها الرئيس الفرنسي الجديد لأن الحرب مع الإرهابيين طويلة وقاسية. وأي من المرشحين لقيادة فرنسا سيستمر في الحرب ضد «داعش» وفي ملاحقة ومراقبة الجهاديين في فرنسا مثلما تقوم به الحكومة الحالية. ولا يملك أي من المرشحين وصفة سحرية لإزالة هذه الكارثة للدولة. ولا شك أيضاً أن التغيير في الولايات المتحدة سيؤثر على فرنسا. فإذا فازت هيلاري كلينتون قد تتغير أمور عدة في الشرق الأوسط خصوصاً بالنسبة للصراع السوري، لأنها استاءت مرات عدة من موقف أوباما إزاء التراجع بالنسبة لسورية. أما بالنسبة إلى الحل السياسي في سورية فهذا غير ممكن على ضوء ما يجري على الأرض.
فالصراع السوري مستمر منذ خمس سنوات وقد يستمر أكثر خصوصاً إذا تم تغيير القيادات الغربية التي بإمكانها إذا كانت أكثر حزماً مع روسيا أن تقنعها بضرورة الحل السياسي في سورية وإلا أصبحت مستنقعاً لها وللميليشيا اللبنانية «حزب الله». إن تغيير القيادات المقبل في الولايات المتحدة وفرنسا وربما ألمانيا وبعد تسلم تيريزا ماي رئاسة الحكومة في بريطانيا، يطرح مسائل عدة إزاء حل الصراع السوري وما إذا كانت هذه الدول مستعدة لبقاء الأسد والعودة إلى التحدث معه.
هناك في اليمين الفرنسي رئيس حكومة سابق في عهد ساركوزي هو فرانسوا فيون الذي يتنافس مع ساركوزي وجوبيه في الانتخابات الأولية ولكنه أقل حظوظاً وهو يدعو إلى العودة للتحدث مع الأسد بحجة حماية مسيحيي الشرق وكأن مسيحيي الشرق لهم مستقبل في بلد دمره الأسد. فالأسئلة عديدة عن مصير المفاوضات لحل سياسي في سورية مع كل هذه التغييرات الآتية في الغرب والوقت الذي ستحتاجه لتقوم بعملها. وفي هذه الأثناء يستمر القصف الوحشي السوري والروسي على شعب ليس لديه أي حل في وجه هذه الوحشية.