1- الأقصى
صادف هذا الاسبوع مرور الذكرى السابعة والاربعين لحادثة احراق الاقصى التي قام بها المتطرف الصهيوني «دنيس مايكل» الاسترالي، والذي تبين فيما بعد أنه لم يكن وحيداً بقرار اشعال النار التي التهمت ثلث المسجد )1450 مترا مربعا( وما فيه، و إنما شاركته دوائر حكومية و استيطانية متعصبة. ولذا سارعت الحكومة الاسرائيلية انذاك، لانهاء محاكمته بسرعة، والتغطية عليه، ومن ثم اعادته الى استراليا بحجة ان لديه اختلال عقلي.
وحقيقة الامر انه من ذلك التاريخ غيرت اسرائيل من اسلوبها الفظ المكشوف تجاه الأماكن المقدسة القائم على الحرق والتدمير المباشر،إلى التحفير و التضييق و القضم التدريجي للاحياء و المساحات المحيطة بالاقصى. اضافة الى الحفريات الضخمة تحت الاقصى والتي بلغ طولها 580 متراً حتى يكون عرضة للانهيار في أي لحظة يقع فيها اهتزاز شديد ،سواء كان طبيعيا ام مفتعلا. ودأبت اسرائيل يوما بعد يوم على زيادة جرعة التهجم على الاماكن المقدسة اسلامية كانت أم مسيحية وفي مقدمتها ايذاء الاقصى لاعتقادها الراسخ أن الجانب العربي سيكتفي بالشجب و الإستنكار. و كذلك تفعل في طول فلسطين و عرضها. لقد قالت جولدا مائير بعد حريق الاقصى عام 1969 «لم انم تلك الليلة، لأني خشيت ان اصحو وأجد جموع العرب و المسلمين تزحف علينا من كل مكان… وجاء الصباح، وكل شيء اعتيادي. فأدركت أنهم «نائمون»، ونستطيع الاستمرار في برامجنا كما نريد».
و إذا تأملنا ما تقوم به اسرائيل تجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة،يوميا ، من قتل و اعتقال و تدمير و حصار و هدم للبيوت و مصادرة للأراضي و إقامة للمستعمرات الإحتلالية ندرك أن «المشروع الإسرائيلي المتمثل بابتلاع فلسطين بكاملها ،و أجزاء من الأقطار المجاورة»،يجري العمل عليه بشتى الوسائل،و أن مسألة السلام في عقل الدولة الإسرائيلية ما هو إلا شراء للوقت و انتهاز للفرص .فهل يدرك العرب وفي مقدمتهم القيادة الفلسطينية خطورة و تبعات ذلك ؟ و متطلبات احباط هذاالجشع الإستعماري المتوحش؟ الغريب في الامر ان الحماسة الدينية، والانتصار للاسلام لا يظهر الا في المواقف المظهرية والكلامية.فالأجواء العربية تزدحم بمقولات التطرف و التكفير.فهذا رسم رسما، وذاك تلفظ كلمة، وثالث اومأ ،ورابع قصد..ألخ أما حين يتطلب الأمر العمل والجد من أجل الوطن و من أجل النهوض العربي ،و من أجل إنقاذ الأقصى، ويستدعي الدعم للأخوة و الأهل في فلسطين، و يستلزم التضحية الحكيمة العاقلة طويلة الأمد من أجل القدس و بيت لحم و الناصرة، فالجميع غائبون منشغلون.
2- التغيير والثورة
في محاضرته القيمة التي قدمها في مؤسسة عبد الحميد شومان، عرّف السياسي والمفكر المصري الدكتور أسامة الغزالي حرب ،الثورة بأنها حركة التغيير السريع في الحالة المجتمعية، والتي تقع نتيجة لفشل الادارات، والاحساس الشعبي بالظلم، وعجز الدولة عن مواجهة الاستحقاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وكان هناك توافق على ان العصر الذي نحن فيه بعد الثورة العلمية وثورة المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا، هو عصر التواصل الاجتماعي الذي قد يصلح كبيئة محفزة لإطلاق الشرارة، ولكنه لا يؤدي بالضرورة الى نتيجة ايجابية يمكن البناء عليها.
ان طريق «التغيير الحقيقي لم يعد مجديا من خلال «الثورة بالمفهوم التقليدي»، لافتقار الثورات الى القيادات والبرامج، والخبرة في الادارة، واستخراج أفضل ما لدى المجتمع من ميزات وامكانات.
ولذا فإن الثورة المطلوبة الآن ربما في مختلف الأقطار العربية،هي «ثورة العقل والتفكيرو العلم و الإدارة باتجاه الاصلاح و التحديث و البناء، ووضع البرامج والقدرة على تنفيذها». فالتغيير الجذري الذي شهدته سنغافورة منذ عام 1960، او ماليزيا عام 1970 او كوريا منذ عام 1975، او الصين بعد عام 1980 و غيرها الكثير مثل ايرلندا و اسبانيا و البرازيل الخ. وانتقال هذه الدول من حالة التخلف الكامل الى النهوض المتميز، والقدرة على منافسة بل والتفوق في بعض الجوانب على الدول الصناعية المتقدمة، هذا التغيير هو ثورة اجتماعية اقتصادية علمية تعليمية ادارية بكل معنى الكلمة. ثورة في العقل و الرؤية قادتها الدولة من خلال زعماء سياسيين مستنيرين ،ولم يتمرد أو يخرج احد على الدولة ليجبرها على ذلك. لقد كانت الحالة في تلك الأقطار ثورة ليس على الدولة و مؤسساتها و إنما فيها و منها، وليس على القانون و إنما من خلاله،و ثورة على الفقروالبطالة و الجهل والتخلف، وثورة على التواكل و الإعتماد على الآخرين .انها من أجل المستقبل.و قد نجحت تلك الدول في بناء مستقبلها.
3- المخدرات
اشارت تقارير الجهات المختصة انه تم ضبط اكثر من (13) ألف شخص خلال الاشهر الستة الماضية يروجون أو يتاجرون أو يهربون المخدرات. والرقم هائل لأن معنى ذلك ان 0.136% من السكان صغيرا كبيرا في الاردن متورطون في المخدرات.
وقبل 6 أيام تم ضبط كميات هائلة من المخدرات مهربة بثلاجات الفاكهة. إذن فالمسألة أكبر من ان ينظر اليها باستهانة. فمؤشر المخدرات في الاردن هو (0.2) في حين اعلى رقم في العالم افغانستان (2.6). والقول ان الاردن بلد عبور فيه شيء كثير من التبسيط.و لا شك أن الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية هي محل كل تقدير و ثناء. و الواجب الوطني يقتضي أن نساعد هذه الأجهزة من خلال التشريعات المناسبة.
و لذا ،يتساءل المواطن: ما هي العقوبات التي يفرضها القانون على المتورطين؟ بالتأكيد انها ليست عقوبات رادعة ،بدليل هذه الاعداد الضخمة منهم . وهذا يتطلب اعادة النظر باسرع فرصة ممكنة في العقوبات الخاصة بالمخدرات، وتغليظ هذه العقوبات الى اعلى حد ممكن، بما في ذلك الاعدام ،كما فعلت الصين في فترة من الفترات، ومصادرة اموال وممتلكات المتاجرين كاملة. وفي خلاف ذلك سيدخل المجتمع وخاصة الشباب في نفق مظلم.
وعلينا ان نتذكر ان لدينا في الاردن 30% من السكان هم وافدون، لا احد يعرف تفاصيل حياتهم اليومية ولا علاقات بعضهم بالمجموعات المهربة والمروجة للمخدرات.
ان نسبة انتشار المخدرات لدى الشباب تزيد عن 1% ،وهذه ارقام تتصاعد بمعدلات مرتفعة. ولابد من وضع تصور صحيح وفعال للمواجهة. في خلاف ذلك سنجد خلال سنوات ان المخدرات اصبحت آفة اجتماعية غير قابلة للاصلاح على غرار ما نرى في بعض الدول القريبة .