بينما تنهمك النخب السياسية في مقاربة هوية المجلس النيابي الجديد في ضوء الخريطة الانتخابية، لا يغيب السؤال عن مصير حكومة د. هاني الملقي بعد الانتخابات؛ هل ترحل الحكومة، أم يعود الملقي بتكليف جديد؟
ليس ثمة عائق دستوري يحول دون استمرار حكومة الملقي بعد الانتخابات النيابية، شرط التقدم ببيان وزاري لنيل ثقة النواب. لكن في العرف السائد والمستقر في المملكة، تستقيل الحكومة بعد ظهور نتائج الانتخابات بأيام، وتكلف شخصية سياسية بتشكيل حكومة جديدة، أو يعاد تكليف رئيس الوزراء المستقيل بتشكيل الحكومة.
الرئيس الملقي كان تلقى إشارة قوية عند تكليفه بتشكيل الحكومة، تفيد باستمراره رئيسا للوزراء لمرحلة ما بعد الانتخابات. وتمسك الملقي بقوة بما ورد في كتاب التكليف، من أن حكومته ليست مؤقتة، بل دائمة.
وعلى هذا الأساس صاغ برنامج عمل شاملا، يتطلب تنفيذه أربع سنوات على الأقل. وخلال الأشهر القليلة الماضية، حرص على إظهار ديمومة حكومته، عبر حزمة من المشاريع والخطط التي تبنتها وشرعت في تنفيذها.
حتى اللحظة، لم تظهر على السطح أسماء تنافس الملقي على رئاسة الحكومة الجديدة. وحسب تقديرات مراقبين، فإن الملقي هو المرشح الوحيد حاليا لتشكيل حكومة ما بعد الانتخابات.
لن تكون حكومة برلمانية؛ هذا أمر محسوم تقريبا. ونصف وزراء الحكومة الحالية على الأقل، لن يكون لهم نصيب في التشكيلة المقبلة. والتغيير، على ما يعتقد بعض المراقبين، سيطال رموزا أساسية في حكومة الملقي.
ما هي الآلية التي ستُتبع في تشكيل الحكومة الجديدة؟
يستبعد كثيرون اتباع الآلية نفسها التي تشكلت على أساسها حكومة الدكتور عبدالله النسور الثانية؛ آلية المشاروات النيابية وترشيحات الكتل. المرجح أن يكلف رئيس الوزراء حسب الأصول الدستورية، ليتولى بعد ذلك التشاور مع الكتل النيابية على التشكيلة الوزارية.
ربما يواجه هذا الخيار باعتراض من كتل في البرلمان الجديد، خاصة كتلة “جبهة العمل الإسلامي” التي تطمح إلى دور فاعل في تشكيل الحكومة، والمضي في مسار أبعد من مسار المشاورات النيابية الذي اعتمد سابقا. لكن الخيار المعدل سيلقى دعم أوساط واسعة في البرلمان، بما يكفل مروره من دون إشكاليات أو معوقات.
رغم هذا، ستواجه الحكومة الجديدة صعوبات كبيرة في البرلمان. وعبور حاجز الثقة يتطلب عملا حثيثا، وبرنامج عمل خلاقا. البرلمان في دورته الأولى عادة ما يكون نديا للحكومة، ويحرص النواب على تبني مواقف معارضة إرضاء لقواعدهم. وبوجود معارضة منظمة، لن تكون مهمة الحكومة في الحصول على الثقة سهلة.
وعلى أجندة النواب الجدد أسئلة صعبة، تتعلق بالمسار الاقتصادي للبلاد، وخطط النهوض في ظل مديونية فلكية وشح بالمساعدات وظروف إقليمية غاية في التعقيد، وشعور متنامٍ بعجز الإدارات الحكومية عن الاستجابة للتحديات الماثلة على أكثر من صعيد.
الأشهر القليلة الماضية كانت عبارة عن مباراة ودية بالنسبة لرئيس الوزراء. بعد الانتخابات، سيبدأ الدوري الحقيقي؛ هذا إذا صحت التوقعات بخصوص الملقي.
يبقى سؤال أخير عن هوية رئيس البرلمان، الذي سيكون له دور مهم في تسليك الحكومة. التوقعات في هذا الشأن ممكنة، لكن من المبكر المغامرة بطرح الاسم.