في مثل هذا اليوم من سنة 1969 خرج الرائد نيل آرمسترونغ من العربة أبولو 11، التي هبطت على سطح القمر في الليلة السابقة، ليمشي ويقول كلمات حفظها له التاريخ هي: خطوة صغيرة لرجل، قفزة هائلة للبشرية.
آرمسترونغ قال عبارتين أخريَيْن حفرتا في ذاكرة القرن هما: هنا قاعدة الهدوء، وأيضاً: النسر هبط. مقر قيادة الرحلة في هيوستون لم يكن يتوقع هاتين العبارتين مع أنهما منطقيتان جداً، فمنطقة هبوط العربة كانت قريبة مما يُعرَف باسم بحر الهدوء (أو السكينة) على سطح القمر، واسم العربة كان «النسر».
بما أنني أكتب لقارئ عربي فربما أزيد أن هبوط العربة على القمر كان في الساعة 8:17 من مساء 20 تموز (يوليو) بتوقيت غرينتش فإذا زدنا ثلاث ساعات هي الفرق مع التوقيت الصيفي في لبنان، يكون النزول الساعة 11:17 مساء، وكذلك وفق توقيت المملكة العربية السعودية.
رواد الفضاء في أبولو 11 حملوا معهم العلم الأميركي ولافتة تقول: هنا رجال من كوكب الأرض كانوا أول مَنْ مشى على سطح القمر في تموز سنة 1969 ميلادية.
وكتِب على لافتة أخرى تركوها على سطح القمر: جئنا مسالمين نيابة عن البشرية كلها.
في حزيران (يونيو) 1985 وقفت مع الصديق الراحل كلوفيس مقصود في قاعدة كيب كانافيرال، في فلوريدا، نراقب صعود عربة الفضاء ديسكفري وعلى متنها الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز. دعونا له بالسلامة وهو عاد سالماً بعد سبعة أيام. وحضرت بعد 25 سنة احتفالاً في الرياض في ذكرى تلك الرحلة المشهودة.
سبر غور الفضاء حافل بالأخطار، وأذكر أن عربة الفضاء أبولو 13 انطلقت في الساعة الواحدة و13 دقيقة بعد الظهر في 11/4/1970، وبعد يومين والعربة على بُعد 200 ألف ميل من الأرض انفجرت قارورة أوكسجين ما عرّض الرحلة كلها لخطر السقوط من الجو، واتصل رائد الفضاء جيمس لوفيل بالقيادة في هيوستون وقال عبارة أخرى دخلت تاريخ ريادة الفضاء هي: هيوستون عندنا مشكلة. طُلـِبَ من لوفيل أن يكرر ما قال وعاد ليؤكد: هيوستون عندنا مشكلة. اتخِذت إجراءات السلامة كلها وعادت العربة سالمة إلى الأرض، مع أن الخبراء قالوا بعد ذلك أنهم اكتشفوا خللاً آخر في النظام الكهربائي للعربة المصابة.
الأمير سلطان بن سلمان صديق عزيز، وأصبحت أكثر اهتماماً بريادة الفضاء بعد رحلته الناجحة، وكان أن العربة تشالنجر انفجرت سنة 1986 وهي تصعد على رأس صاروخ متعدد المراحل من قاعدة كيب كانافيرال، وقُتـِل رواد الفضاء عليها جميعاً وكانوا سبعة.
في الذكرى الخامسة والعشرين لرحلة الأمير سلطان، وجدت أن عدداً من السعوديين أصبحوا علماء فضاء من أعلى الجامعات الأميركية. وأذكر أنه كان بينهم إبن عم الأخت نسيبة طرابزوني، أرملة الأخ هشام حافظ، أحد مؤسسي «الشرق الأوسط».
لا بد أن كثيرين من السعوديين والعرب الآخرين انضموا إلى ركب علماء الفضاء، وفي حين أنني لا أتوقع غداً صاروخاً ينطلق من بلد عربي حاملاً رواد فضاء عرباً في مركبة إلى المريخ أو غيره، فإنني أرجو أن تكون عندنا المعرفة لصنع الصواريخ وتطويرها، كما تفعل دول أخرى في المنطقة.
طموحي هذا أجده محدوداً، وطموحي الآخر أن تبدأ دول عربية قادرة، مثل مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها، برامج نووية عسكرية، رداً على ترسانة إسرائيل النووية والخطط الإيرانية في هذا المجال.
العلماء موجودون، فيبقى أن توجد النيّة لمنافسة القريب والبعيد في دخول العالم النووي.