ليس معلوما بعد إن كان نائب رئيس الوزراء الدكتور جواد العناني، قد أنجز الدراسة التي كلفه بها مجلس الوزراء، حول تأثير انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على برنامج الدعم للأردن، الذي أقره مؤتمر لندن للمانحين العام الماضي.
قبل المفاجأة غير السارة من البريطانيين، سادت موجة حذر في أوساط الرسميين حيال التزام الدول المانحة بتقديم ما تعهدت به في المؤتمر. في وقت كان الجانب البريطاني يؤكد التزامه بإدارة الملف مع الشركاء الدوليين، والوفاء بما تم الاتفاق عليه.
وقد تلقى الأردن دعما أوليا تمثل في منحة مالية مخصصة لدعم القدرات في قطاع التعليم، لكنها لا تشكل سوى نسبة ضئيلة جدا من المنح التي تعهد بها المانحون. وكان على الأردن، في المقابل، أن يستجيب للاشتراطات الخاصة بتشغيل السوريين، وإنجاز مدونة التعاملات الخاصة بالسوق الأوروبية، وهو ما شرع في إعدادها منذ أشهر، بانتظار إقرارها من الجانب الأوروبي هذا الصيف.
لكن الاستفتاء البريطاني خلط الأوراق. ويعتقد بعض المراقبين أنه لن يكون بمقدور بريطانيا، التي ستبدأ مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي، متابعة الملف الخاص بمؤتمر المانحين. وربما يكون من المناسب البحث عن شريك أوروبي آخر لتولي المهمة، أو الشروع في مفاوضات مباشرة مع مؤسسات الاتحاد في بروكسل.
ومهما كانت التوصيات الممكنة في هذا الخصوص، فالمؤكد أن التطورات الأخيرة ستؤثر بشكل سلبي على برنامج المساعدات المقررة للعام الحالي على الأقل، إلى حين بلورة تصور بديل لخطة التحرك البريطانية التي أبطلها الاستفتاء.
وهذا يعني أن العجز في موازنة اللجوء سيزيد لهذا العام، ويتجاوز التقديرات التي قامت عليها خطة الاستجابة الدولية. وسينعكس ذلك على مستوى الخدمات المقدمة للاجئين، وعلى موازنة المملكة التي تئن تحت ضغط العجز المزمن والعجز الطارئ بسبب أعباء اللجوء المتزايدة على الأردن.
التعاطي مع ملف اللاجئين السوريين على المستويين الدولي والإقليمي، يواجه حالة استعصاء. الاتفاق الأوروبي مع تركيا يواجه إشكاليات كبرى في التطبيق، قد تدفع إلى تجميده. والمنظمات الأممية لا تبدو في وضع يؤهلها لمجاراة الاحتياجات المتزايدة للاجئين والنازحين.
لكن الأردن وحده من بين دول الجوار أصبح في وضع مقلق، خاصة مع تنامي مشكلة مخيم الركبان على الجانب السوري من الحدود، وتزايد الضغوط الدولية لفتح الطريق مجددا لعبور المساعدات، وقبول الحالات الإنسانية.
حتى يوم أمس، كان المسؤولون الأردنيون يقاومون هذه الضغوط. لكن من الصعب أن نخوض معركتين في آن معا؛ معركة إنقاذ مؤتمر لندن، ومعركة إغلاق الحدود.
ينبغي التفكير بمقاربة جديدة لتخفيف الضغوط على الأردن، وتجنب التصعيد مع الجهات الدولية، بما ينعكس سلبا على برنامج المساعدات الموعودة.
الأردن لا يملك أوراق الضغط التي تملكها تركيا، وليس بوسعنا تهديد الاتحاد الأوروبي، كما يفعل الأتراك. ليس أمامنا سوى تفعيل العمل الدبلوماسي مثلما فعلنا من قبل، لكسب أكبر دعم دولي ممكن، وفي الوقت نفسه، ضبط معادلة الحدود بشكل مرن.