ها هو الغرب يقر بخطأ احتلال العراق وتدميره بعد ثلاثة عشر عاما من جريمته البشعة بحق بلد آمن كان يشكل صمام أمان المنطقة ضد المشروع الارهابي الطائفي والمذهبي التفكيكي للعالم العربي .
وفق التقرير البريطاني الصادر عن لجنة التحقيق حول الدور البريطاني خلال الحرب في العراق ” لجنة شيلكوت ” فان الحرب على العراق واحتلاله كان قرارا خاطئا كون العراق لم يكن يشكل خطرا على العالم المتمدن ، اذ بين التقرير ان توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، كان يكذب ويضلل الشعب البريطاني ، حيث اعتذر حزب العمال البريطاني من شعبه عن هذا الخطأ ( الجريمة بحق الانسانية ) .
وقبله كان رئيس فريق التفتيش الدولي للطاقة الذرية هانز بليكس وصف امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل بالكذبة الكبيرة ووجه انتقادات لغزو العراق ، حيث اعتبر ان مبرر العملية العسكرية “استيراد اليورانيوم من النيجر ” فضيحة.
كما ان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول ، الذي سلطت عليه كاميرات الفضائيات أثناء تقديمه تقريراً لمجلس الأمن الدولي لاقناع المجلس بتواجد أسلحة الدمار الشامل في العراق، اعترف بعد ذلك بأن ما قدمه لمجلس الأمن اعتمد على معلومات استخبارية كاذبة، و ان ذلك يشكل له نقطة عار في حياته المهنية.
كل تلك المعطيات توضح لعموم الشعب العربي الآليات التي يسخرها الغرب ويجيش لها أعتى امبراطوريات الاعلام والمال والأدوات العربية غب الطلب لتمرير المشروعات التي تخدم مصالحه بين الفترة والأخرى في العالم العربي .
فبالرغم من الحقائق والأدلة التي تبين استهداف المشروع الغربي الصهيوني للعالم العربي وتفكيكه وتجزئة الدول الى كانتونات منفصلة وميليشيات مسلحة ، من خلال تبني دعوات حق يراد بها باطل ، مثل الترويج لقيم الحرية ومبادىء العدالة والمساواة والديمقراطية ، الا ان شرائح كبيرة من الجمهور العربي الساذج تغض الطرف عن كل الحقائق وتأبى الا أن تنساق في تيار المشروع الغربي التدميري .
وقد اتضحت معالم المؤامرة الغربية الصهيونية اثر بدء ما اصطلح على تسميته ب ” الربيع العربي ” في تونس ، فيما تجلى في أخبث صوره التدميرية في ليبيا التي تم ضربها من قوات التحالف بمشاركة عربية ، وتم رسم صورة مظلمة للدولة الليبية ،بحيث لا تقوم لها قائمة لعقود ، وذلك لضمان استغلال النفط والغاز وتوزيع الحصص بما يناسب شراهة الدول الاستعمارية وشراسة قوتها التدميرية .
وتبعا لذلك أضحت ليبيا دولة ميليشيات وعصابات متناحرة ، بحيث لا يكاد المرء يعرف لماذا الجماعة تلك تطلق النار على الجماعات الأخرى، ولا يكاد المرء يميز بين كل تلك الجماعات المسلحة ، لتعدد ولاءاتها وتبعيتها لأجهزة المخابرات العالمية .
المخططات والآليات نفسها هي التي تعمل منذ خمس سنوات لتدمير الدولة السورية ، وباستخدام نفس الاسطوانة الاعلامية المشروخة التي تعمل ليل نهار لشيطنة النظام السوري ، من أجل تحقيق الأهداف المنشودة في تفكيك سوريا وتفعيل الصراعات الطائفية والمذهبية وجعل الأراضي السورية ساحة اعداد دائم لانطلاق الارهاب وتنفيذ العمليات الاجرامية الغادرة والجبانة لارهاب الدول والضغط عليها بين فترة وأخرى .
يعتبر الأردن من أكثر الدول التي تضررت جراء العدوان الغربي والارهابي على سوريا ،حيث استقبل نحو المليون ونصف لاجىء سوري على أراضيه، يعيش أزيد من 85 بالمائة منهم خارج المخيمات ، وما يشكله ذلك من ضغط لتوفير الخدمات لهم ،وعليه فان فشل المشروع الغربي الصهيوني في سوريا وعودة الاستقرار ينعكس ايجابيا على الأردن .
واهم من يظن ان القضاء على النظام السوري واسقاط بشار الأسد عن سدة الرئاسة سيعيد الأمن والاستقرار للدولة السورية ، حيث ان غزو العراق وتدميره واسقاط صدام حسين وتدمير النظام البعثي منذ ثلاثة عشر عاما زاد الأمور خرابا في العراق ، حيث ان الاحتلال أنبت الطائفية والمذهبية والارهاب وأفقر الدولة الأغني بالنفط ، والأمر ينسحب كذلك على الدول التي دخلها ” الحريق الغربي الصهيوني ” الذي حمل اسم ” الربيع العربي ” .
ما يجري في المنطقة العربية بحاجة الى صحوة للعقل العربي ، بحيث لا يعود منساقا للترهات والأكاذيب والمؤامرات التي يسوق لها الغرب من خلال الأدوات التي أصبحت معروفة للقاصي والداني ، فهل من يتعظ ؟