عروبة الإخباري – لم تكد مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية، هيلاري كلينتون، تخرج سليمة من أبواب وزارة العدل والتحقيقات الفيدرالية في قضية استخدامها بريدًا إلكترونيًا خاصًا في مراسلاتها المهنية حين كانت وزيرة للخارجية، حتى وجدت نفسها تدخل بابين جديين، يتعلق الأول بالمساءلة داخل وزارة الخارجية، والآخر للتشهير والمعاقبة من طرف الكونغرس.
وعلى إثر ذلك، تقول “واشنطن بوست” إن كلينتون “عليها أن تزيد جرعات المهدئ حتى تستطيع أن تنام. فما زال أمامها الكثير”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية، إنها ستعيد فتح تحقيقها الداخلي في قضية استخدام كلينتون، بريدا إلكترونيا خاصا في مراسلاتها المهنية حين كانت وزيرة للخارجية.
وقال متحدث باسم الوزارة: سنحاول العمل بأسرع ما يمكننا، ولكننا لن نضع لهذه العملية جدولا زمنيا مصطنعا”، مضيفا أنه “بات بإمكان الوزارة إنجاز هذا التحقيق الداخلي؛ لأن وزارة العدل أنجزت تحقيقاتها في هذه القضية وأغلقتها من دون أن توجه أي تهمة لكلينتون”.
وكانت وزيرة العدل لوريتا لينش، أعلنت إنهاء التحقيق في هذه القضية وعدم توجيه أي اتهام لكلينتون، عملا بتوصية الشرطة الفدرالية والمدعين العامين المعنيين بالتحقيق.
حرمانها من الاطلاع على المعلومات السرية
وفي نفس يوم الخميس طلب رئيس مجلس النواب الأمريكي بول ريان رسميا من مدير المخابرات الوطنية جيمس كلابر عدم إطلاع المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون على أي معلومات سرية خلال الحملة الانتخابية.
وقال ريان في رسالته: “حرمان كلينتون من الاطلاع على المعلومات السرية خلال حملتها الانتخابية سيكون عقابا مناسبا لتعاملها غير اللائق مع رسائل البريد الإلكترونية السرية عندما كانت وزيرة الخارجية”.
وعادة ما يطلع المرشحون للرئاسة على معلومات سرية بمجرد ترشيحهم بشكل رسمي.
الكيل بمكيالين ليس جديدا
معظم التفسيرات لبيان مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، اتفقت على أن كلينتون لم تستوف شروط توجيه تهمة تستدعي مقاضاتها قانونيا، على الرغم من سعيها لانتقاد مسلكها وطاقمها الاداري الخاص “بالاستهتار البالغ في التعامل مع بيانات شديدة الحساسية ..” لاسترضاء بعض منتقديها.
بيد أن طبيعة الخروقات و”تبرئتها” من الجرم لا يستوي أو يتطابق مع قضايا أخرى أقل حساسية وخطورة نال اصحابها عقوبات شديدة القسوة والاقصاء الاجتماعي والمهني، لعل أبرزهم تشيلسي مانينغ (ملفات ويكيليكس) وادوارد سنودن (وثائف وكالة الأمن القومي)، وهما الذين تبوءا مناصب مهنية متدنية اراد النظام معاقبتهما عن سبق اصرار وترصد.
كيل المؤسسة الحاكمة بمكيالين اضحى خارج مساحة التكهن والتحليل منذ زمن بعيد، خاصة عندما يتعلق الأمر بأفراد من الاقليات العرقية، في سياق نظام قائم على المفارقة العنصرية اصلا. لعل ابرز الشهود عليه ضابط الاستخبارات المركزية السابق، جيفري ستيرلينغ، ذو اصول افريقية والذي كافأته المؤسسة بالسجن والاقصاء لتجرؤه كشف مخططات سرية ضد ايران تعد خارج نطاق ما يسمح به القانون.
مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق، ديفيد بيترايوس، وجهت له تهم تسريب معلومات سرية الطابع لعشيقته، بولا برودويل، بوسيلة الكترونية شبية بالتهمة الموجه لكلينتون. ادين بيترايوس بجنحة لا تستدعي عقوبة السجن وغرامة مالية مقدارها 100،000 دولار.
هب جيمس كومي لانقاذ كلينتون “مع العلم ان قدرا من الدلائل تشير الى انتهاكات محتملة لمواد القانون الساري (بشأن تبادل المعلومات سرية الطابع) .. فإن توصيتنا هي عدم قناعة اي مدعي عام بشكل معقول توجيه اتهام بهذا الشأن”.
عقوبة كليهما، وفق القانون الاميركي تستوجب السجن لفترة تتراوح بين 1 – 10 سنوات، على الاقل.
بعض الامثلة الواقعية التي كان اصحابها من العامة ومارسوا قناعاتهم الذاتية وفق مقتضيات النصوص القانونية “لاعلاء المبدأ على تنفيذ المهنة،” من ضمنهم جيفري ستيرلنغ سالف الذكر:
الضابط في سلاح البحرية، كريستيان سوسيير، يواجه عقوبة بالسجن لعشر سنوات على خلفية التقاطه صورا فوتوغرافية لمقصورة المحرك الداخلي لغواصة يعتليها بواسطة هاتفه الشخصي.
وغُرم ضابط متقاعد من سلاح البحرية، برايان نيشيمورا، والذي خدم في افغانستان، 2007-2008، ونال عقوبة سنتين تحت الاختبار جراء تحميل جهاز الكتروني خاص به بيانات عسكرية مصنفة سرية.
من جانبه، تعرض توماس دريك، مسؤول رفيع سابق بوكالة الأمن القومي، لمحاكمة وفق قانون التجسس لكشفه انتهاكات وفساد مالي في اجهزة الوكالة، ومنها مناهضته تطبيق برنامج فحص البيانات الاستخباراتية عالي الكلفة، “تريل بليزر” بعدة مليارات من الدولارات، وترجيحه نظاما افضل وارخص ويحفظ خصوصية المعلومات الواردة، “ثين ثريد – الخيط الرفيع.” حُرم دريك من نيل اي منصب حكومي آخر او تجاري ضمن كفاءته المهنية، ويعمل بمتجر لشركة آبل لبيع الالكترونيات.
ترك الإدانة والتبرئة لصناديق الانتخاب
ازدواجية المعايير ليست ثمة تهمة مجردة للمؤسسة الحاكمة، بل رددها مرارا المرشح دونالد ترامب عقب قرار مكتب التحقيقات الفيدرالي بعدم توجيه اي تهمة قانونية لكلينتون.
من الجائز ان مكتب التحقيقات الفيدرالي فضل القاء المسؤولية على الناخب الاميركي لممارسة حقه ضد كلينتون، في حال فوزها سيعتبر ذلك قرارا شعبيا بتبرئتها، وحين خسارتها سيفسر الأمر على ادانتها شعبيا وسياسيا.