كل النوافذ المؤهلة لأن تكون سبيلاً لتخفيف المأزق الاقتصادي الذي يعانيه الأردن، يحتاج ظهور أثرها سنوات. وهي نوافذ متعددة المستويات؛ على رأسها مخرجات مؤتمر لندن للمانحين، وجلب الاستثمار القائم على شراكات حقيقية، إضافة إلى نافذة الاستقرار الإقليمي، متمثلة في احتمالية تحقق انفراجة في الملفات السياسية والأمنية.
إذ حتى لو تمت الأمور وفقا لما نتمنى أردنيا، فإن ذلك لا يلغي أن ظهور وتبلور النتائج المرتجاة سيستغرق وقتا طويلا نسبياً؛ ما يبقي الاقتصاد في حالة تهديد دائم حتى ذلك الحين، وهو ما يستدعي طرح سؤال مصيري الآن: ما العمل؟
العمل، بصراحة، يعتمد علينا أردنيا؛ فلا يمكن أن نبقى ننتظر من الآخرين حل مشاكلنا لسنوات مقبلة، ستكون صعبة جدا. وليكون المطلوب:
1. الشروع بالحل الاستراتيجي الذي تأخر كثيرا، وهو تنظيم البيئة الاستثمارية بما يشجع تدفق الاستثمار بدلا من تنفيره وهروبه.
2. ضمن ما سبق، تبرز معاملة جميع الاستثمارات بعدالة، بحيث تلغى عبارتا “على الرغم مما ورد في أي قانون آخر” و”بموافقة مجلس الوزراء”، فمثل هذه الاستثناءات “طفشت” الاستثمار، لاسيما الوطني منه.
3. منح امتيازات لأصحاب رؤوس الأموال من جنسيات عربية؛ بتسهيل إجراءات الإقامة وغيرها من معيقات.
4. بدلا من إرهاق القطاع الخاص بمزيد من الضرائب والرسوم، لا بد من التخفيف عليه. وربما نحتاج إلى التفكير في تخفيض فوائد القروض للمشاريع، إذ إن نسبة 4.5 % تبقى مرتفعة لدرجة لا تحفز على الاقتراض بغرض تأسيس مشاريع جديدة.
5. المضي في تنفيذ مشاريع الطاقة المختلفة بوتيرة أسرع، لدورها الكبير في زيادة تنافسية الاقتصاد، وبالتالي استقطاب رؤوس الأموال.
6. تطبيق أي فكرة تساعد على تبديد حالة عدم اليقين بشأن الاقتصاد، من خلال تحسين مؤشرات الأردن في التقارير الدولية، بعد أن تراجعت كثيرا.
7. إعادة الاعتبار لأدوات ضبط السوق، للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار على المستهلكين. ومن ذلك تطبيق فكرة الأسواق الشعبية والموازية بشكل حضاري، لا على مبدأ الارتجال والفزعة.
8. تنظيم سوق العمل بشكل يساعد على إحلال العمالة الأردنية محل الوافدة.
9. ربط الامتيازات والإعفاءات الممنوحة للقطاع الخاص بتشغيل الأردنيين، لاسيما الشباب.
10. لضمان عدم اتساع رقعة الفقر، يلزم تجنب أي قرارات تضر بالشرائح الدنيا خصوصاً.
11. ضبط النفقات الحكومية. وربما تذهب الحكومة أبعد ذلك، بتقليص النفقات الجارية، وتوجيه الوفر لبنود إنتاجية تساعد في توسيع قاعدة الاقتصاد. وهنا على الحكومة الإفصاح عن النفقات التي أوقفتها لحين ميسرة، وعدم الاقتصار على التصريحات الإعلامية العامة.
12. بالاعتماد على هذا الوفر المتحقق أساساً، يتوجب على الخزينة تسديد جميع المتأخرات لقطاعات اقتصادية مختلفة، لتساعدها على الاستمرار في عملها، وبما يساعد في تحقيق النمو المطلوب.
13. تحسين الخدمات العامة، ليس بزيادة أرقام الإنفاق كما كان يحدث في الماضي، بل بتوجيه الإنفاق وجعله أكثر فعالية.
14. عدم تجاوز سقف الموازنة العامة مهما كانت الأسباب. ولنتذكر دائما أن حجم الإنفاق العام ارتفع خلال السنوات الماضية بقرابة 6 مليارات دينار؛ من 5 مليارات إلى 11 مليارا، من دون تحقيق النمو الاقتصادي المستهدف، وهو 8 %؛ إذ لا يبلغ اليوم، مع قليل من التفاؤل، سوى 3 %.
15. التخلي عن فكرة الجباية، لأنها لن تحلّ المشكلة مهما بالغت فيها الحكومات، والتي يبدو أنها لا تدرك مخاطر ذلك على الاستقرار العام، رغم أن دراساتها تثبت أن سياساتها جميعاً فشلت في تحسين المداخيل، بحيث تؤكد البيانات تحقق زيادة إجمالية بمقدار 3 دنانير خلال عدة سنوات.
16. التواصل مع الدول المانحة، وتحديدا الخليجية، لاستكمال مشاريع بدأت ضمن المنحة الخليجية ولم تستكمل.
هذه بعض الأفكار فقط؛ فلا بد أن هناك أفكارا أخرى يمكن أن تساعد على التخفيف من شدة الأزمة.