عروبة الإخباري – كيب سلطان الحطاب – رغم تقدم السن ظل منيب المصري ابو ربيح يتمتع بنفس طويل, واصرار على مواصلة العمل وتراكمه , وهو يأخذ بأسلوب النمل وخاصة في زمن الحصار ويتمثل قول الشاعر الراحل توفيق زياد في التعاطي مع المسألة الوطنية بقوله:
لأني لست كالكبريت أضيء لمرة وأموت
لأن مثل نيران المجوس أضيء ومن مهدي الى لحدي
طويل كالمدى نفسي واتقن حرفة النمل
لأن وظيفة التاريخ أن يمشي كما نملي
لديه فرح الاطفال بالانجاز, وتفاؤل القادة الكبار الذين يزرعون في شعوبهم الأمل, ولديه صدق النوايا والاصرار على الامساك بالاهداف، كما أن من فلسفته الراسخة الايمان بروح الفريق والشراكة , وهو يرى أن المشكلة في التعاطي مع القضية الوطنية كانت دائما الفردية , والابتعاد عن روح الشراكة , وتعلم افكارها وسلوكها ومعرفة جدواها..
ورغم تعدد مشاريعه ذات اللون الوطني , وما يظهر للمراقب العادي من افتراق مكوناتها , إلا أنه يجمعها خيط واحد وهو هدف الوصول بالشعب الفلسطيني الى التميّز ليستطيع نيل حقوقه والخروج من دائرة ارتهان انكار الحقوق الذي ظلت اسرائيل تمارسه, وتفرض على العالم ان يتفهم سياساتها في ممارسة الانكار.
فمن “منتدى فلسطين” اطار العمل الذي أسسه منيب المصري ليصب فيه جهود المستقلين, ويسترجع لهم دورهم الذي كان مؤثرا مع بداية الصراع ونشوء القضية الفلسطينية , الى جهود المصالحة التي بذلها لإعادة لم شمل العمل السياسي الفلسطيني , وتوحيد مكوناته، وخاصة ان الانشقاق او الانقسام في رأيه ظل يلحق أبشع الاضرار بالقضية , وقد يكون السبب في القضاء عليها أكثر مما قام به الاحتلال أو مارسه .
ومن معطيات التعامل اليومي السريع مع القضية ومستجداتها السياسية الى العمل الذي يحتاج الى هدوء وتراكم وعمق حيث بناء “وقفية القدس وصندوقها” لإدامة صمودها في وجه سياسات الآسرلة والتهويد إلى بناء مجتمع أكاديمي فاعل في الجامعات الفلسطينية وتشبيك ذلك مع الجامعات الشقيقة الأردنية والعربية والعالمية , من أجل بناء تعليمي نوعي ظل المصري يراهن عليه في اعادة انتاج أجيال تقبل التحدي , وتتسلح بالمعرفة في صراع لا يحصن بالسلاح فقط أو بالانفعال أو بالادعاء بالشرعيات التناريخية أو الدينية نهج أبو ربيح هو نهج الدائم الاعتدال والمواظبة والاصرار والشراكة ومن هذا المنطلق كانت ندوة البحر الميت التي حضرتها الجامعات الفلسطينية والأردنية واللبنانية والتي عمدت الى مناقشة أوضاع البحث العلمي في الجامعات واعادة ضخ الحياة فيه وتسليحه بمواضيع الواقع وكيفية التعاطي معها لجهة علمنة السلوك واعادة عقلية الانجاز بادوات حقيقية عملية وعلمية ..
على مدار ثلاث أيام انخرطت خبرات الجامعات الفلسطينية وبعض العربية في حوارات تبادل التجارب في مواضيع الطاقة و الزراعة والاتصالات والمياه والبيئة لدفع البحث العلمي فيها والبحث عن روافع ودعم على مستوى المال وعلى مستوى القرار, ورغم الواقع المرير للبحث العلمي في جامعاتنا العربية وتلاشي الموازنات وتهميش الادوار وسوء اختيار المكونات الا أني رأيت كيف يرمي منيب المصري ومن جاءوا معه الى البحر الميت حجارة في مستنقع البحث العلمي العربي الراكد لتحريك مياهه والمطالبة بتجديدها وهذا الجهد وان بدأ متواضعاً الا أن فيه بذرة قابلة للتخصيب والإنبات والاثمار, فقد استمعت أثناء مشاركتي الى أفكار عظمية ومحاولات جادة وناجحة احتفت بها هيئات وجامعات عالمية وشاركت فيها الى جانب الباحثين الفلسطينين.
منيب المصري ومن معه من فريق أكاديمي ارادوا إحياء ليال مميزة لصالح البحث العلمي اقتطعت من ليالي رمكضان المبارك حيث المداولات من الفطور الى السحور وقد جاءت التوصيات والنتائج لخدمة التطور الذي اراده, المصري , واراد للوقفية التي تبرع شخصيا ًبجزء كبير منها وبصدد تكّون جسمها لاحقا ان تنفق في الأوجه الصحيحة وان تخدم نهجا علميا ووظيا يريد ان يقول ان جامعاتنا موجودة وأن شعبنا المتعلم موجود . وان حقوقه لا يمكن تجاوزها طالما انه يساهم في الحضارة ويبني مع الاخر ويبحث عن الحياة .