تصويت البريطانيين للخروج من الاتحاد الاوروبي، يعني امرا واحدا اساسيا، اذ إن خارطة القوى الغربية اوروبا واميركا ،في طريقها لتغيير جذر ي كبير، تغيير سيترك اثره على كل العالم.
بريطانيا، تعد ركنا اساسيا، في منظومة القوة الغربية، بما تعنيه من حيث القيم والارث والتفاهمات والجانب ين العسكري والاقتصادي، ولا يمكن ان تتم قراءة قرارالخروج، من زاوية الممارسة الديمقراطية واحترام لندن لقرار شعبها وحسب، او اشهار رئيس الحكومة البريطانية نيته بالاستقالة بعد نتائج الاستفتاء،اذا نال اعجاب بهذه القيم، امر سائد في الشرق الاوسط، لكنه في بريطانيا، امر عادي جدا، واستحقاق يتم تنفيذه بشكل اعتيادي جدا، من باب الحقوق.
في الاغلب سيؤدي الخروج الى نتيجتين، الاولى على مستوى القوة الغربية ،واعادة تشكيل اوروبا واميركا معا،والتحليلات هنا كثيرة، بعضها يتحدث عن وراثة المانيا للقوة الغربية، وتحليلات اخرى تتحدث عن انهيار كلي في المنظومة الاوروبية، خصوصا، اذا صوتت دول اخرى على الخروج مثل فرنسا وهولندا،فالتفكيك هنا،للمنظومة الغربية عموما، على ذات طريقة تفكيك الاتحاد السوفياتي ، وباليات مختلفة، بطبيعة الحال، لكننا في كل الاحوال،نحن اصبحنا امام اوروبا اكثر ضعفا،على مستويات مختلفة، واقل توحدا، مهما حاولت بعض الدول، تعويض خروج بريطانيا، ببدائل من داخل اوروبا، او اوروبا- اميركا، وكل هذا يأتي في سياق ات انهيارات اقتصادية ومصاعب في القارة العجوز، والولايات المتحدة، ليبقى السؤال عمن سيرث القوة في الغرب،واذا ماكان هناك قدرة اساسا على تعويض خروج بريطانيا.
هذا مشهد سوف يترك اثرا على كل خارطة القوى في العالم الذي يتغير بطريقة متسارعة، سقوط انظمة ونشوء انظمة، تراجع قوى وبروز اخرى،وعواصف اقتصادية تزلزل الدول، وورثة يستعدون لاحتلال موقعهم عبر خارطة التغيرات في كل العالم، وهومخاض سيحتاج الى سنين حتى تكتمل فصوله.
الجانب الثاني يتعلق بذات المملكة المتحدة، التي سوف تخضع الى تأثيرات سلبية للغاية على مستوى بنيتها الداخلية المحملة برغبات الانفصال عند الاسكتلنديين والايرلنديين،وقد نرى خلال فترة وجيرة عودة للمطالبات بالانفصال عن لندن، من جانب الاسكتلنديين والايرلنديين، عبر استفتاءات شبيهة، سوف تتأثر بهذا المناخ،وقدشهدنا سابقا رفض الاسكتلنديين للانفصال عن المملكة المتحدة، لكن لا احد يعرف مالذي سوف يجري الان،فذات بنية المملكة المتحدة ،معرضة لتوابع ارتدادية لهذا الزلزال، اضافة الى التأثيرات الاقتصادية الحادة التي سوف تظهر تباعا في بريطانيا نتيجة الانفصال عن الاتحاد الاوروبي.
التقليل من تاثيرات خروج بريطانيا،على بنيتها الداخلية، اوالمعسكر الغربي، اوحتى العالم،امر ينم عن سطحية،والواضح ان خارطة العالم كلها تخضع لتغيرات بنيوية واقتصادية وسياسية، وهي تغيرات تحدث اساسا في العالم،كل فترة زمنية، وتؤدي الى خروج قوى وبروز قوى اخرى، ودائما كانت الحروب اوالظروف السياسية، مجرد اليات لتوليد عالم جديد، من صلب عالم انتهت قوة تأثيره، بفعل التدافعات الانسانية الطبيعية.
سيكتشف العالم، ان عشرات ملايين البريطانيين، كانوا سببا في اعادة صياغة خارطة اوروبا- اميركا، وتركوا اثرا على بقية بنية الدول القريبة والبعيدة، من باب تتابع التداعيات.
ثم يبقى السؤال: من المستفيد الاو ل والاخير من هذه التغيرات؟!