كانت استراتيجيتنا على حدود الفوضى والإرهاب في سوريا والعراق، ابعاد هذه المجموعات عن وحدات قوات حماية الحدود، وقرانا ومدننا القريبة، وفعلاً كانت داعش بعيدة أكثر من سبعين كيلومتراً على حدودنا مع العراق، وكانت أبعد من شمال درعا، وحدود القنيطرة.
.. الآن ونتيجة الضغوط على داعش واخواتها في العراق وسوريا، بدأت الأحوال على حدودنا تتغيّر. ودخلت المخابرات الإيرانية على الخط. فقصة محاربة إيران الشيعية لداعش السنيّة صارت قصة قديمة.. فلا ثوابت في عقيدة، وفكر، واستراتيجيات الصراع.. بعد انكشاف علاقة القاعدة بإيران، وانكشاف تسليم المالكي رجل إيران في العراق أسلحة فرق ثلاث من الجيش العراقي إلى داعش في محافظة الموصل (نينوى) وذلك تنفيذاً لخطة تقسيم العراق بين شيعة توالي إيران، وكرد، وسنّة في المحافظات الغربية.
ويصل التداخل إلى أعلى مستوياته بتصريحات نجل الزعيم الكردي مسعود البرزاني الأخيرة عن «حلّ» المأزق السياسي العراقي بهذا التقسيم الذي يرضي داعش، وأنصار إيران والحلم الكردي بتأسيس الجزء العراقي من دولة كردستان الكبرى.
..المهم، هو ما يجري على حدودنا، وما يجري في الداخل، وهو الحفاظ على كياننا الوطني ونظامنا السياسي مستقراً ثابتاً.. ومزدهراً. وهذا، مع كل الاحترام لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، لا يعفينا كمواطنين من مسؤولياتنا الوطنية وأهمها: وقف هذا الدلع الذي يمارسه تجار السياسة في دكاكينهم المخملية، ووقف هوايات بعض اليسار المهزوم من داخله، ووقف تحايل مجموعات الإسلام السياسي التي تنخر في وحدتنا الوطنية، وتكفر، وتشوه وجه الوطن بالاشاعات والأكاذيب.
هناك قوى سالبة لم نتنبه إليها بعد رغم انها أوجدت لنفسها تكتلات باسم المجتمع المدني، والصحافة الإلكترونية، وهيئات حماية المرأة والطفل والصحافة.. وغيرها وغيرها الكثير. فهذه القوى السالبة تتحرك في اللحظة التي لا نتوقعها. ولعل تجربة مصر، وقبلها تجربة تونس تضع أصابعنا على تحالف هذه القوى مع القوى الدولية التي لها رؤية لمستقبل العرب وكياناتهم السياسية، تتخالف مع قناعاتنا الوطنية والقومية.
فالتغيير لا يكون باستغفال قوى الاحتجاج – وهي قوى لا علاقة لها بالثورة ووضع البلد في يد الفوضى، أو جماعات الإسلام السياسي، أو تدميرها كما يجري في سوريا والعراق واليمن وليبيا.. حيث لم تعد هذه الدول دولاً حقيقية إلا بالعلم والنشيد.. والمندوب في الأمم المتحدة.