عروبة الإخباري – أكد رئيس الوزراء الاسبق العين سمير الرفاعي أن ‘لا مكان ولا حاضنة للإرهاب وللإجرام في الأردن’، مبرهناً كلامه بـ’وقفة أهالي البقعة’ لإدانة ‘العمل الجبان، والوقوف مع أخوانهم وأهلهم الذين فجعتهم اليد الغادرة بزهرة شبابهم وأبنائهم، جنود الوطن وحماته الذين نالوا شرف الشهادة، ليلاقوا وجه ربهم الكريم فجر أول أيام شهر رمضان الفضيل’.
وتحدث الرفاعي في السياق عن ‘الدرس الذي يعطيه الأردن’، وقال ‘إذا كانت الاستهدافات تكشف في البلدان والمجتمعات الأخرى عن نقاط الضعف، فإنها في الأردن تكشف عن عناصر القوة وتبرهن وعي الأردنيين وتعطي الصورة الحقيقية عن التفافنا حول قيادتنا ودولتنا وتمسكنا بالمبادئ والمثل التي نشأنا عليها جميعا’.
جاء ذلك في كلمة للعين الرفاعي خلال رعايته مساء الخميس الافطار والحفل الخيري لفتيان ايتام نادي البقعة وتكريم ذوي شهداء الحق الذين ارتقوا اول ايام رمضان، الذي أقيم في نادي البقعة.. وتالياً الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والتسليم، على النبي العربي الهاشمي الأمين سيدنا محمد بن عبدالله
وعلى آل بيته وصحبه أجمعين
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة،
الحضور الكريم،
الأبناء الأعزاء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
فأتشرف اليوم أن أكون مع الأخوة والأصدقاء وهذه الوجوه الكريمة، ونحن نلتقي معا على الخير والتكافل والتضامن، في وطن الخير، نشارك هذه الثلة من أبناء الدولة الأردنية وأبناء مجتمعنا الواحد المتكافل، حفل الإفطار هذا، ونشعر بالاعتزاز والأمل الكبير بهؤلاء الأبناء الذين لم يحرمهم فقدان الأب أو الأم من حافز الإبداع والتفوق. وإنما شكل لديهم الدافع للتميز الأدبي والعلمي، قدوتهم وقدوتنا سيد البشرية الرسول اليتيم المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، المبعوث رحمة للعالمين.
إن أبناءنا هؤلاء، الذين نجتمع اليوم على شرفهم، وتكريما لهم، يشقون طريقهم بثقة ويقين نحو المستقبل الأفضل، ليكونوا جنودا مخلصين لهذا الحمى الهاشمي وفي كافة مواقع العطاء والإخلاص.. وهم يحظون دائما باهتمام ورعاية الأب الحاني جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يقدم المبادرات المستمرة، ويوجه الحكومات ومؤسسات الدولة وكافة قطاعاتها الرسمية والأهلية للقيام بواجباتها لخدمة هؤلاء الأبناء، ومساندتهم في بناء مستقبلهم المشرق بإذن الله، مستقبل يضمن لهم أحسن تعليم وفرص عمل دائمة ومحترمة، وخدمات تليق بهم، وعدل ومساواة وتكافؤ الفرص، وأمل في المستقبل لهم ولأولادهم من بعدهم.
الأخوة الحضور،
في كثير من الحالات تعمل الجمعيات والهيئات المتخصصة على إقامة مثل هذه المناسبات الخيرية في الفنادق الفاخرة، على اعتقاد أنها بذلك تكرم الأبناء الأيتام.
ومع تقديري لمشاعر الخير وللنوايا الحسنة، فإنني لا أعتقد أن هذا هو الصواب.
واسمحوا لي أن أشكر الأخوة القائمين على هذا اللقاء، لاستجابتهم الفورية، وإقامتهم هذا الحفل في هذا المكان بالذات، وبالابتعاد عن المظاهر التي يجدر بمن يسعى لتكريس قيم التكافل أن يبتعد عنها، بحيث لا يكون الاندماج مع آمال وطموحات الأبناء الأيتام موسميا ولغايات احتفالية وحسب.. وإنما بأن يكون نهجا قائما على أساس الكفالة، والرعاية الدائمة، والوعي العميق بحق هؤلاء الأعزاء بالمتابعة والدعم وبكل جهد صادق لتحسين مستوى حياتهم وتوفير البيئة الأفضل لهم للتعليم والتدريب والتأهيل وبأن يكونوا أبناء لنا جميعا، في كل زمان وفي كل مكان..
لقد حرصت أن نلتقي اليوم، على شرف أبنائنا الأعزاء، في هذا المكان بالذات، في مخيم البقعة، الذي كان منذ أيام قليلة محط أنظار العالم بأسره عندما ارتقى شهداؤنا البررة، وأبناؤنا وزهرة شبابنا الشهيد البطل الرقيب أول لؤي محمد فرج الزيود، والشهيد البطل العريف هاني سليم موسى القعايدة، والشهيد البطل العريف عمر أحمد الفالح الحياري، والشهيد البطل الجندي أول أحمد عبدالكريم محمد الحراحشة، والشهيد البطل الجندي محمود خلف عبدالرزاق العواملة، على يد آثمة ضالة تشبعت بفكر الظلام وبروح الغدر والخيانة.. وقد ترك بعض من هؤلاء الشهداء البررة، وراءهم أطفالا، أكرمهم الله بأن صاروا أبناء شهداء، وهو أعظم شرف يناله الإنسان، بعد شرف الشهادة نفسها.
لقد كان الدرس الأردني بليغا، فهذا المكان الشاهد على التمسك بحق العودة المقدس وعلى عزيمة وصدق انتماء الأردنيين من كل فئاتهم وخلفياتهم، وقف أبناؤه جميعهم وقفة وطنية صادقة على قلب رجل واحد، وبلسان واحد يبادرون عفويا وجماعيا، لإدانة العمل الجبان، والوقوف مع أخوانهم وأهلهم الذين فجعتهم اليد الغادرة بزهرة شبابهم وأبنائهم، جنود الوطن وحماته الذين نالوا شرف الشهادة، ليلاقوا وجه ربهم الكريم فجر أول أيام شهر رمضان الفضيل.
لقد كانت وقفة أهالي البقعة تأكيدا بأن الأردنيين هم نموذج حي للمؤمنين الصادقين المتآلفين جسدا واحدا، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.. وأن لا مكان ولا حاضنة للإرهاب وللإجرام في الأردن، ولا يواجه هذا الفعل الشائن إلا الإدانة والرفض والموقف الصلب العصي على أي اختراق، والرافض لأي تبرير. فكان الألم واحدا والجرح واحدا والغضب واحدا.
ولقد برهن ذوو الشهداء البررة، أنهم نعم الأهل ونعم الأمهات والآباء، وأنهم أهل التضحية والوعي. وقد أعدوا أبناءهم للشهادة وفداء لاستقرار هذا الحمى ولصون جبهته الداخلية ونسيجه الواحد.
وكانت كل كلمة تصدر عن كل واحد منهم بمثابة الدرس البليغ، وهم يؤكدون أن أمن الأردن الذي ارتقى أبناؤهم شهداء في سبيل الله ودفاعا عنه، هو أمانة في أعناقنا جميعا، وأنهم لن يسمحوا ليد غادرة ولفكر أسود ولقوى الظلام أن تمس هذا النسيج الفريد والمتين بتاريخ من النضال والتضحيات والتآخي الصادق، وكما جاء موقف أهلنا النشامى من أبناء عشيرة العدوان ليؤكد هذه الدروس وليؤكد أيضا بأن كل أردني هو رديف لقواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية، حيث العيون الساهرة والشجاعة المعروفة عنهم، وحيث التمسك بسيادة القانون، وبالشهامة وبدولة المؤسسات..
واسمحوا لي أن أذكر أمامكم، هذه القصة، التي تحمل من الدلالات ما يكفي لاختصار كل ما يمكن أن يقال، لدى زيارتي ابننا البطل أحمد محمد يوسف العدوان، منذ أيام حيث يتماثل على سرير الشفاء. وكنت، أثناء رئاستي للوزراء قبل ست سنوات، قد تشرفت بأن أكون بمعية سيدي ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله، لزيارة البطل نفسه في المستشفى، بعد أن أصيب آنذاك بحادث اعتداء إرهابي في مدينة العقبة، فقلت له مواسيا وسائلا المولى له الشفاء العاجل، إنني أزورك أيها البطل للمرة الثانية في المستشفى وقد أصبت في كلتا المرتين وأنت تدافع عن الوطن وأمنه.. وارجو ألا ازورك مصابا أو جريحا مرة ثالثة.. فما كان من هذا الشاب البطل، وبحضور والده وأهله، إلا أن أجابني بكل عفوية: بل لتكن هناك مرة ثالثة ورابعة وخامسة ولتكن الشهادة، إذا استدعى ذلك الدفاع عن الأردن، وفداء لأمنه ولجلالة سيدنا.
نعم، أيها الأخوة، هؤلاء هم الأردنيون، وهذا هو الدرس الذي يعطيه الأردن. وإذا كانت الاستهدافات تكشف في البلدان والمجتمعات الأخرى عن نقاط الضعف، فإنها في الأردن تكشف عن عناصر القوة وتبرهن وعي الأردنيين وتعطي الصورة الحقيقية عن التفافنا حول قيادتنا ودولتنا وتمسكنا بالمبادئ والمثل التي نشأنا عليها جميعا.. فهذه الشيم هي رأسمالنا الحقيقي، وهي مصدر قوة هذا البلد وصموده في وجه التحديات والاستهدافات، وعلى مر العقود..
وسنواصل مسيرة الخير والبناء والعمل خلف قيادتنا الهاشمية الشجاعة، جنودا في كافة مواقعنا، وسندا ورديفا للساهرين على أمننا واستقرارنا، أبنائنا وإخواننا أبطال الجيش العربي والمؤسسات الأمنية.
أكرر الشكر للأخوة القائمين على هذا اللقاء، وللحضور الكريم، تقبل الله طاعتكم وجزاكم الله خيرا على كل ما تقدموه لوطنا، واليوم ما تقدموه لأبنائنا الأيتام ونقول لهم ‘أبناءنا الأيتام إننا عائلة واحدة ونحن آبائكم وأخوانكم ومعكم ، ليس فقط اليوم ولكن في كل يوم فخورين بكم ومقسمين أن نكون لكم دائما’. وحفظ الله الأردن وطنا للخير وللتكافل والعطاء، جسدا واحدا وقلبا واحدا، في ظل ملك الخير، قائدنا ورائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وولي عهده الأمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته