عروبة الإخباري- تعكس القمة الاردنية الفلسطينية، التي عقدت أول أمس في عمان، بحسّب مراقبين، “تطوراً ايجابياً في عودة الدفء إلى العلاقة الثنائية القوية والمتينة”، وتأكيداً على “حرص الطرفين على حيويّة التنسيق والتشاور في ظل المرحلة الحالية الحرجة”.
واعتبروا أن اللقاء، الذي غاب عن مشهد العلاقة الثنائية لفترة ليست قليلة، وعقد مؤخراً بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الفلسطيني محمود عباس، بحضور سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ، يؤشر إلى “غلبة العلاقة الأخوية والاستراتيجية بين الطرفين، على ملاحظات وتكدّرات شابت صفو خط عمان – رام الله مؤخراً لصالح تبديدها”، وفق رأيهم.
وقال الوزير والعين السابق، نبيل الشريف، إن “هناك غيوماً قد تلبدّت لفترة في فضاء العلاقة الأردنية – الفلسطينية، نظير ملاحظات أردنية حول بعض الملفات والتصرفات، المقصودة أو غير المقصودة، المحسوبة على إناس مقربيّن من السلطة، مما أدى إلى تعكير صفو العلاقة الثنائية”.
وأضاف، لـ”الغد”، إن “اللقاء الذي عقد عقب غياب دام لفترة بعدما كان الرئيس عباس زائراً دائماً في عمان، يعكسّ عودة الدفء إلى العلاقة الثنائية، مثلما يشكل تطوراً إيجابياً، وفرصة لطرح الملاحظات بكل شفافية وصراحة.
وأوضح بأن “العلاقة الثنائية ما تزال على قوتها وصلابتها رغم بعض التحديات التي مرّت بها في الأشهر الأخيرة، حيث يدرك الأردن بأنه ليس من مصلحة أحد إضعاف السلطة الفلسطينية، لما يصبّ في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي، والحكومة اليمينية الإسرائيلية المتطرفة”.
ولفت إلى “انطلاق الأردن من إدراكه العميق بمركزية القضية الفلسطينية بالنسبة إليه وللأمة العربية الإسلامية كلها، حيث لم يترك منبراً وازناً إلا وتحدث من خلاله عنها، ولعله الصوت الوحيد الذي حافظ على أولوية القضية، في الوقت الذي انشغلت فيه دول المنطقة عنها وأوشكت على أن تضيع بين ثنايا المشهد الإقليمي العربي المضطربّ”.
وبيّن الشريف بأن “لقاء جلالة الملك والرئيس عباس مهم، ومن مصلحة الطرفين أن يقوم اللقاء على المكاشفة والشفافية والصراحة، إزاء طبيعة العلاقة القوية التي تربط بينهما، وفي ظل المرحلة الحرجة”.
ونوه إلى “مؤشرات استعداد الاحتلال لمواجهات جديدة مع الفلسطينيين، قد تأخذ أشكالاً مختلفة ومنها احتمال شن حرب على غزة، في ضوء تسلم افيغدور ليبرمان حقيبة وزارة الحرب الإسرائيلية، والتي لن تكون مجردّ نزهة وإنما استهدافاً لخطط معينة تطال الفلسطينيين”.
ورأى أنه “ليس من مصلحة الفلسطينيين توسيع دائرة المتخاصمين أو المعاتبين عليهم”، معرباً عن أمله في أن يكون اللقاء الثنائي “قد اسهم في تبديد الغيوم العالقة”.
واستبعد الشريف طرح موضوع “الكونفدرالية” للنقاش خلال لقاء الملك- عباس؛ معتبراً أنه حديث “سابق لأوانه، إحالة إلى الموقف الأردني الجليّ والمعلن، ويعفي الاحتلال من التزاماته، بينما يجب تركه للتطورات ولخيار الشعبين، غداة دراسة مستفيضة من كلا الطرفين وفقما يتناسب مع مصالح كليهما العليا”.
وأعرب عن الخشية من “طرح غير ناضج ولا مكتمل الأركان للكونفدرالية، في ظل أشخاص يتصّيدون الأنباء المتعلقة به، من دون أن يدركون أن ذلك يخدم الجانب الإسرائيلي لجهة تخفيف الضغط عليه”.
وأكد أن “هناك استحقاقات لا بد من إتمامها أولاً، تجاه إنهاء الاحتلال، ومن ثم يصبح الحديث في هذا الموضوع منطقياً ومعقولاً”.
وفي تلك الجزئية؛ أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن “الحديث عن “الكونفدرالية” لا يستقيم أمام واقع الاحتلال الإسرائيلي، بما سيساعد ألأخير ويصبّ في خدمته عند إعفائه من مسؤولياته والتزاماته الموقعة مع الجانب الفلسطيني”.
وقال، لـ”الغد” من فلسطين المحتلة، “أمام انغلاق الأفق السياسي، يتم البحث عن حلول لا تصبّ في جهة إنهاء الاحتلال أولاً”، مؤكداً ضرورة “إنهاء الاحتلال عن الأراضي المحتلة وفق قرارات الشرعية الدولية، وتحقيق حقوق التحرير وتقرير المصير وحق العودة”. من جانبه، قال خبير القانون الدولي، أنيس قاسم، أنه “ليس للأردن كما للسلطة مصلحة في إثارة الإشكالات الثنائية بينهما”، معتبراً أن لقاء الملك – عباس “بروتوكولياً ضمن سياق علاقة استراتيجية ثابتة ومستمرة”.
وأضاف، لـ”الغد”، إن “العلاقة بين الطرفين لا تنقطع، فقد ترتفع وتيرتها تارة ومن ثم تنخفض طوراً، طبقاً لمعايير أو تصريحات ما، ولكنها تظل علاقة استراتيجية مستمرة، إذ لا تستطيع السلطة تجاهل الأردن التي تعد الرئة الوحيدة للفلسطينيين، فهو مبدأ استراتيجي يجب أن يكون ماثلاً في أذهان القيادة الفلسطينية”.
ورأى أن “زيارة الرئيس عباس للأردن تصبّ في إطار المجاملة لإعطاء الانطباع بأن هناك تحركاً فلسطينياً كثيفاً، رغم أنه تحرك بلا محتوى”.
واستبعد أن تكون “الكونفدرالية” محور المباحثات الثنائية؛ لافتاً إلى أن “ما أشيع مؤخراً عن ترتيبات أردنية في الضفة الغربية، سبقها تلميحات وتمهيدات عبر زيارة رئيس الوزراء الأسبق عبد السلام المجالي، لا تخرج عن كونها صناعة السلطة” على حد رايه.
وقال إن “السلطة لا تملك حالياً أي اقتراحات أو حلول لتحريك العملية السياسية وتحسين الأوضاع المتدهورة في الأراضي المحتلة لكي تقدمها للمواطنين الفلسطينيين، تماثلاً مع المبادرة الفرنسية التي فشلت رغم هزالها وفراغة مضمونها”.
ورأى أن “السلطة الفلسطينية تعاني من عبء الوضع القائم، وتسعى للتخلص من العبء الإداري، من خلال عودة الأردن لكي يمارس دوره في الضفة الغربية، إلا أن الأردن ليس من الوارد أنه معني بذلك”.
بدوره؛ رأى الكاتب والمحلل السياسي، لبيب قمحاوي، أن “المرحلة الحالية حرجة وتدخل في منعطف خطير، إزاء الفشل المتناميّ للسلطة الفلسطينية في القيام بواجباتها من منظور الجانب الإسرائيلي، وذلك قياساً بالسنة الأخيرة التي شهدت نمواً ملحوظاً للمقاومة الفلسطينية ضدّ عدوان الاحتلال”.
وقال، لـ”الغد”، إن ثمة “غياباً واضحاً لقدرة السلطة على حماية أمن الاحتلال، من المنظور الإسرائيلي طبعاً”، لافتاً إلى “حديث دائر في الأوساط السياسية الأمريكية والإسرائيلية حول ضرورة إيجاد بديل للسلطة، يمتلك القدرة الكافية على ضبط الأمن”.(الغد)