\
عروبة الإخباري- لا يضيف الإجراء البيروقراطي الأردني الجديد المعلن والمثير للجدل بخصوص حملة بطاقات الجسور من مواطني الأردن في الضفة الغربية أي جديد في الواقع «السياسي والسيادي».
ليس لأن الاجراء لم يتضمن الإعلان الصريح عن إلغاء دور إدارة في وزارة الداخلية اسمها المتابعة والتفتيش فقط. ولكن لأن من تنطبق عليهم معايير التسهيلات البيروقراطية الجديدة من حملة بطاقات الجسور الأردنية الصفراء هم أردنيون في الواقع القانوني والدستوري اصلا يمثلون الوضع النموذجي بالنسبة للسلطات حيث الإقامة المزدوجة في الضفتين شرعياً مما يتيح الإستثمار سياسياً وإقليمياً فيهم بكل الإتجاهات.
الجانب الوحيد الجديد في الإجراء الذي اعلنته مساء الإثنين دائرة الأحوال المدنية والجوازات بخصوص أردنيي الضفة الغربية هو «تقليص» عمل دائرة التفتيش التي اكتسبت سمعتها السلبية من التحكم الأمني في قراراتها بخصوص سحب الجنسية وتغيير القيود والعبث بألوان البطاقات ووضع قوائم تحت السحب للجنسية والحقوق القانونية.
مطلب المتضررين وممثلي المكون السياسي الفلسطيني في البرلمان كان دوماً إلغاء دائرة المتابعة والتفتيش وليس تقليص دورها فقط بسبب دورها الحيوي في الإجراءات المضادة ليس للعدالة الدستورية فقط ولكن ايضاً في مجال تقليص الاستثمار والإنعكاسات الخطرة لدورها وإجراءاتها على الإستثمار في قطاعات محددة من بينها الطب والإسكان والسوق المالي والتحويلات المالية.
في كل الأحوال واستناداً إلى التصريح الأخير لمدير إدارة الأحوال المدنية مروان قطيشات فكل أردني يحمل رقماً وطنياً «اي جنسية» وبطاقة جسور صفراء «أي حق الإقامة في الضفة الغربية» بإمكانه الآن تجديد وثائقه القانونية عبر إدارة الجوازات والأحوال المدنية فقط و»بدون مراجعة أي إدارة أخرى» وبصورة تلقائية.
عبارة «بدون مراجعة اي إدارة اخرى» هي التي تثير مبكراً الجدل السياسي في الأردن حالياً رغم انها تنطوي على «تصويب» لوضع فيه خلل أصلاً.
المقصود طبعاً الحد من «رعب بيروقراطي» يطال كل الأردنيين من ابناء الضفة الغربية ويتمثل في مطالبتهم بمراجعة دائرة المتابعة والتفتيش التي تدار بيروقراطياً أصلاً عبر ومن غرفة أمنية.
في العادة تسحب الجنسيات وتتغير القيود والوثائق القانونية وتتبدل ألوان بطاقات الجسور عند مراجعة من يحمل البطاقة الصفراء من الأردنيين لدائرة المتابعة والتفتيش.
والقرار الأخير الذي أعلنه القطيشات مباشرة بعد زيارة رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي لإدارته «يعفي» المراجعين من زيارة كانت دوماً مرعبة لتلك الدائرة بسبب «مطاطية ومرونة» تعليمات فك الإرتباط بين الضفتين التي تطبق سرياً حسب مذكرة سابقة لبعض البرلمانيين.
بمعنى ان الدولة الأردنية تلتزم علناً الآن بوقف سياسة «تمييزية» معتادة في الأروقة البيروقراطية بين الأردنيين كانت تتمثل في تحويل من يقيم في الضفة الغربية من المواطنين إلى سلك المتابعة والتفتيش.
واضح تماماً ان هذا الإلتزام اعلنه القطيشات وهو أحد ابرز البيروقراطيين الذين يعملون بصمت في الأردن طوال سنوات بعد زيارة مثيرة قام بها لدائرته وفريقه «المطبخ السياسي» في حكومة الرئيس الملقي حيث وزير الداخلية نفسه سلامه حماد ووزير الشؤون السياسية موسى المعايطة ووزير الإتصال محمد المومني.
وجود الطاقم الوزاري السياسي في زيارة إدارة القطيشات منح تعليماته الأخيرة طابعاً «سيادياً» وبصورة توحي بان الإعلان الجديد الذي لا ينطوي فعلياً على تغيير حقيقي في الواقع كان عابراً للحكومة وللمستوى البيروقراطي بمعنى توفير الغطاء السياسي الملكي لإجراء من هذا النوع ينهي رعب «المكون الفلسطيني» في المجتمع من ممارسات كانت تتم دوماً في وزارة الداخلية.
لذلك ركز قطيشات في بيانه الصحافي على ان التوجيهات صدرت عن رئيس الوزراء شخصياً وتضمنت ايضاً التعامل باحترام وبسرعة وتسهيل عمل من يحملون البطاقات الخضراء التي تتضمن جوازات سفر مؤقتة وحقوق عبور وإقامة بدون جنسية في الأردن لمجموعة من ابناء الضفة الغربية.
قطيشات نفسه وفي أكثر من مناسبة تحدث أمام «القدس العربي» عن التزام إدارته بما يصلها من توجيهات «سيادية» دوماً ووزير الداخلية الحالي سلامه حماد ابلغ «القدس العربي» مباشرة قبل عودته الأخيرة للحكومة والحكم ان جدل بطاقات الجسور والأرقام الوطنية ينبغي ان ينتهي وان المصلحة الوطنية العليا تتطلب ذلك.
اللافت ان النقاش السياسي يبتعد عن المسار المقصود وهو يحاول التعليق على الخطوات البيروقراطية الجديدة ومنحها إطاراً سياسياً له علاقة بالقضية الفلسطينية علماً بان الأمر لا يتجاوز كونه تعاملاً جزئياً مع مشكلة إدارية تسبب الكثير من المشكلات.
دوافع الجزئية المستجدة وفقاً لمقربين من الرئيس الملقي منطلقة من إلتزام الحكومة بالنص الواضح في خطاب التكليف الملكي المتعلق حصراً بإزالة كل أسباب ومعيقات الاستثمار لأن جدل سحب الجنسيات والتلاعب ببطاقات الجسور كان دوماً يؤذي الإستثمار في الأردن وبطرق وآليات عدة.
بالتالي قد لا تكون الدوافع سياسية محضة بقدر ما تتعلق بالواقع المالي والإقتصادي للدولة التي لم تعد تستطيع الاستمرار في تبرير سياسات الانقلاب البيروقراطي على حقوق المواطنين الدستورية خصوصاً أبناء الضفة الغربية.(القدس العربي)