“قد يشعر “داعش” بالارتباك في الرقة بعد رؤيته لتحركات المليشيات التي تقترب منه شيئاً فشيئاً، حتى إن بعض المناطق المحيطة بالمدينة لم تعد تحت سيطرة التنظيم الآن” (شبكة “سي. إن. إن” الإخبارية الأميركية).
الطريف؛ أنه على الموقع الإخباري نفسه (CNN)، يقول المحلل السياسي جوشوا رامو، إن “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام أو ما يُعرف بـ”داعش”، فهم معنى ما وصفه بـ”الحاسة السابعة”، واستخدمها في حملاته”. ويضيف الخبير قائلاً “بالنظر إلى داعش قبل عامين، تمكنوا من فهم أن قطع رؤوس 12 شخصا، وتسجيل ذلك بمقطع فيديو، سيمنحهم قوة فيروسية في عالم التواصل الإلكتروني، وهو الأمر الذي يصعب إلحاق الهزيمة به حتى عبر الأسطول السادس الأميركي”.
“داعش” لن يُهزم، كما ترى صحيفة “الإندبندنت” البريطانية، وهو لا يختلف عن الفصائل الشيعية المتطرفة، ما يجعل من معركة “تأهيل” العراقيين جميعاً بعد “داعش”، في حال انتهى التنظيم، أهم من المعركة العسكرية مع التنظيم!
هل الحال تختلف عند السوريين؛ الذين يفرون من دلف “داعش” إلى مزراب “مليشيات النظام” السوري، ليجد الناس أنفسهم بين القصف الجوي و”داعش” والأكفان؟!
التنظيم الذي تمّ طرده من مدينة تدمر الأثرية وريف حمص الشرقي قبل أسابيع، وأقام الروس احتفالاً موسيقياً في “المدينة المحرّرة”، عاد اليوم ليحقق انتصارات ويحاصر المدينة نفسها!
في الوقت نفسه، يضرب التنظيم قلب بغداد بعشرات العمليات الانتحارية، ويدخل إلى مستشفى دير الزور ويقتل عشرات من جنود النظام فيه، ويذبح (كما تقول مصادر النظام السوري) عشرات الأطباء والممرضين، ولا يخسر سوى 6 من مقاتليه!
ثم، النظام السوري يتّهم “داعش” باستخدام سلاح كيماوي في هجومه على مطار دير الزور. وينجح أعضاء التنظيم في مهاجمة معمل في بغداد، ويقتلون العشرات. ويقارع التنظيم في محافظة نينوى ويصمد طويلاً في الفلوجة، وما يزال في الأنبار، ويهاجم تكريت، وهو في ريف حلب وفي محافظة الرقة، ويسيطر على الموصل، وفي ريف حمص، ويناوش في درعا!
كل ذلك وأعضاؤه تحت قصف الطيران الروسي والأميركي 24 ساعة، ويتعرضون منذ أكثر من عام ونصف العام لآلاف الغارات الجوية، ويواجهون الجيش العراقي والجيش السوري ومليشيات الحشد الشعبي، وحزب الله، والفصائل السنية المعارضة، والصحوات، وحتى جبهة النصرة، والأكراد. واليوم، دخل في معركة مع تركيا، والدول الغربية مجتمعة تعمل ضده، وما يزال يسيطر على هذه المساحات الواسعة وقادر على أخذ زمام المبادرة!
في الأثناء، يعلن البنتاغون أنّ كلفة الحرب على “داعش” وصلت إلى قرابة 7 مليارات دولار أميركي، فيما كلّفت العراق عشرات المليارات. هذا إذا لم نتحدث عن تمدد “داعش” أيديولوجياً وتنظيمياً إلى الخارج؛ “بوكو حرام” أصبحت فرعاً، وكذلك “أنصار بيت المقدس” في سيناء، وكذلك في ليبيا، وله فروع وخلايا في عشرات الدول في العالم، حتى في قلب أوروبا!
لا يوجد موضوع يحتل الإعلام والدراسات الأعلى مبيعاً أكثر من “داعش”! فيما تزداد حالة الغموض والجدالات حول قدرات التنظيم العسكرية والدعائية، وصموده الطويل في مواجهة أعتى آلات الحرب، بينما الجيوش العربية خسرت حرب 1967 في ساعات قليلة، وتبخّر الجيش العراقي في حرب 2003 خلال 24 ساعة تحت تلك الضربات!
هل “داعش”، حقّاً، أسطورة؟! أم أنّه، للمرة المليون، نتاج طبيعي للعفن السياسي والثقافي، ولفساد الأنظمة والنخب، ولاستهتار المجتمع الدولي، وللمصالح الإقليمية والدولية المتضاربة؟
هل سينتهي “داعش” عسكرياً وأيديولوجيا في غضون 5 أعوام؟!
من المفيد قراءة روايتين تضعاننا أمام القراءة العميقة لداعش؛ الأولى “فرانكشتاين في بغداد” لأحمد السعداوي، والثانية “حكاية العربي الأخير 2084” لواسيني الأعرج.