أوامر ملكية انتهى بها الأسبوع الماضي، لتكون خطوة بداية عملية لخطة تحول وطني طويلة المدى.
التغيير الوزاري والدمج والإلغاء هو تجديد لاستراتيجية حكومية أدت دورها على أكمل وجه لسنوات طوال، إلا أن عجلة الوقت دارت فأصبحت كلاسيكيتها غير صالحة لهذا الزمان. ولأن خطة التحويل والتطوير تلبس نظارة الشباب، فإن العيوب لتقليدية لتلك الوزارات والإدارات الحكومية أصبحت بحاجة إلى ترميم تصدعاتها والعمل على إنشاء قطاعات أخرى، تعبّد الطرق الوعرة للوصول إلى الهدف المطلوب، ليكتمل البناء ونقص شريط الافتتاح لتحول وطني شامل في ٢٠٣٠.
حتماً هناك حكمة صائبة من إلغاء بعض الوزارات أو دمجها أو تغيير مسماها، ولكن الحديث عنها ليس بأهمية الحديث عن التوأمين الجديدين حديثي الولادة، هما هيئتا الثقافة والترفيه، اللتان لم تتضح إلى الآن ملامح دورهما، إلا أن ولادتهما بشرى لتحولات جذرية في النمط الثقافي والاجتماعي والفكري الشامل في المجتمع، وإلى أن تتضح معالم دورهما فنحن نكتب ما تتطلع إليه آمالنا، ليكون للثقافة والترفيه دور فعال في التحول الذي نعمل بجد للوصول إليه.
الثقافة التي أصبحت عند أصحاب القرار من الأهمية، بحيث أنشأوا لها هيئة مستقلة يجب أن يُحتفى بها خير احتفاء وبكل المجالات، سواء أكان ذلك أدبياً أم اجتماعياً أم علمياً.
فبالثقافة وتوسيع المدارك تبنى البنية التحتية لأخلاقيات المجتمع بشكل عام، وعلى أساسها تتحدد سماته الأساسية من مرونة وانفتاح إيجابي على الثقافات الأخرى، بالاستفادة من حسناتها وترك سلبياتها، والمرونة في تقبل بقية الأنماط الفكرية والتوجيهية في المجتمع، والتعايش معها بسلام لا يفسد للأمن ولا لمصلحة الوطن والمواطن قضية، وأشياء أخرى كثيرة لا تتسع مساحة المقالة لكتابتها كلها، تقوم على نشر ثقافة واحدة بين أفراد شعب واحد في دولة مترامية الأطراف ذات ثقافات متباينة، نتيجة اتساع رقعتها الجغرافية وتعدد المناطقية فيها.
أما الترفيه، فهو القفزة العالية في تفكير المخطط للتغير الاجتماعي، الذي أدرك ما للقفز فوق حواجز محدودية أساليب الترفيه في مجتمعنا، أو بمعنى أدق هدمها وإزالتها من أثر في تجديد روح المواطن وإبقائها قيد النشاط والانتعاش والحماسة بأنفس مقبلة على الحياة والعمل والإنجاز.
كل ما نتمناه كوننا مواطنين ألا تكون هيئة الترفيه مجرد مبنى فخم نتباهى بمعماره أكثر من أفعاله، فما نريده منه وما نحلم به من خلاله كثير، فصناعة الترفيه أصبحت علماً بحد ذاتها، لم تغفل عنه المجتمعات المتقدمة، لأهميته في وضع استراتيجيات المحافظة على البناء الاجتماعي السليم وتطوير البيئة العملية والإنجاز المجتمعي بشكل عام.
تطلعاتي بصفتي مواطنة عادية في وطن أعشقه أن توضع هذه الهيئة بين يدي شباب واعٍ مثقف مبتكر متجدد، يعرف كيف يرسم البسمة على شفاه المرهقين بمرونة بعيدة تماماً عن بيروقراطية الأنظمة والقوانين واللوائح التي خنقتنا كثيراً.
نريد ترفيهاً في متناول اللحظة التي نشعر بها أننا بحاجة إلى كسر ملل أو ضيق، أو كسل أصاب روح الحماسة، كنواد على مستوى عال من الجودة باشتراكات في متناول الجميع بمسابح وملاعب ومطاعم وكل وسائل الترفيه المتاحة بأقسام للشبان وللبنات وللعائلات، تخفف ضغط تسكع الفتيات في الأسواق بغير حاجة، وتلتقط شباناً تلقفتهم شوارع المدن وأسواقها من ملاحقة الفتيات أو الانجراف نحو أصدقاء سوء، فراغهم يجعلهم فريسة سهلة لكل ضار لا نفع فيه، أو تسحب جزءاً من وقت رب العائلة الذي يقضيه في الاستراحة مع أصدقائه، وتلك الأم التي اعتادت الخروج مع صديقاتها أو المطحونة بين مسؤوليات أسرتها، فيجمعهم بأبنائهم مكان ترفيه عائلي محترم، يقتربون فيه من بعضهم أكثر، وبذلك تسهم الهيئة في تفعيل دور الأسرة المترابطة من جديد.
نحلم أيضاً بممرات مشاة آمنة بكل حي، ترويحاً عن النفس ومحافظة على الصحة، وبحلبات سباق سيارات تحت رقابة ومعايير سلامة، تجذب شباناً هوياتهم قيادة السيارات بسرعة عالية، وبذلك تشبع هواياتهم الخطرة، بعيداً عن شوارع مزدحمة تهدد سلامة الناس.
ماذا لو أغلقت شوارع لتكون للمشاة فقط بمقاهٍ تزين أرصفتها أكشاك لبيع منتجات من صنع شباب مبدع، وبذلك ندعم مشاريعهم الصغيرة ونحن نضحك فرحاً بهم وانشراحاً بمتعة وقت نقضيه بالمرور على إبداعهم؟ وماذا بعد؟ هناك الكثير الكثير والأمل كبير، فهل سيكون العطاء بحجم الحلم؟ بالله ثم بالأمل نحيا، لذلك حتماً سيكون.