بعد ترقب، أطلت علينا الرؤية السعودية الجديدة بملامحها الحسنة، لتبشر بحملها لجنين تحوّل وطني، سيكتمل نموه مع عام ٢٠٣٠ لتُولد بنية اقتصادية ومجتمعية جديدة، كاملة النضج، سليمة البناء لوطن يستحق.
من خلال حديث ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نستشرف مستقبلاً اقتصادياً سيضمن لنا كسعوديين بعون الله، ليس فقط محافظة اقتصادنا على مكانته المرموقة كنظام مالي ذي سيادة في منظومة الاقتصاد العالمي، بل إن البنية المستقبلية ستكون إعادة ترميم لوضعنا في سوق القوة المالية العالمية على أسس أكثر قدرة ومتانة من اعتمادنا الأساسي على البترول الذي بدأت أعمدته تتصدع لدرجة أن أصبحت المراهنة على قدرته على حمل هيبتنا الاقتصادية في عالم المال والأعمال العالمي كاقتصاد متين مشكوكاً بأمرها، وهنا كان لا بد للسياسة الشابة الحكيمة أن تعبّد الطريق لمسار اقتصادي آخر، لتضمن لنا استمرارية الانطلاق بيسر وسلاسة، وهذا ما حدث.
وعود وولي ولي العهد كانت تفاؤلاً جدّدت في روح المواطن الأمل بغد أكثر أماناً لمستقبل أكثر ازدهاراً. الحديث عن الرؤى الاقتصادية المستقبلية كان واضحاً مفصلاً دقيقاً لا لبس فيه، ولا مجال للخلط بين تباين الفهم وتقبل الطرح.
ولأن كلاً منا يأخذه تفكيره نحو مجال تخصصه وتذهب ميوله جهة رغباته وأمانيه الخاصة، أفكر أنا وغيري ممن يرى في المجتمع بجماعاته وأفراده ومشكلاته وحلولها جانباً مهماً يجب أن تكون له رؤية مستقبلية وبرنامج تحول اجتماعي يوازي بقوته برنامج التحول الاقتصادي، لأن نجاح الثاني يعتمد على تحويل فكر المجتمع، ليتقبل التغير ويسهم به بشكل فعال، خصوصاً أن وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل فكر المواطن بسرعة ألياف ضوئية بقيادة مركبة الكلمة على لوح حاسوب أو هاتف ذكي، مهترئ المكابح متهور الحذر، فالمتابع لهذه البرامج يرى بوضوح أية عقلية رافضة للتغير ما زالت مسيطرة على فئة كبيرة من الناس، وأي نوايا مشككة تطلق سهام القذف والتشكيك والاتهام على تجديد نحاول أن نلين به صلابة موروثات اجتماعية، وليست دينية، تكلست فعاليتها، حتى أصبحت قسوتها عائقاً في وجه أية بادرة لمحاولة إعادة المرونة إليها، لتتقبل نمط التغير العام الذي تفرضه طبيعة الزمان والمكان على خريطة التحول العالمي الشامل.
نعم.. نحتاج لملاحقة أشباح المعارضة الذين يرتكبون جرائم القذف والتشكيك والتحريض بأسماء صريحة أو مستعارة من خلف شاشاتهم التي تفوقهم ذكاءً، نحتاج لتثقيفهم وإعادة تأهيلهم لتقبل الرأي الآخر، وإن اختلفنا معه، ولإشاعة السلام وليس شن الحرب على من يختار طريقاً مخالفاً لما يعتقدون، من يكفينا شره فأهلاً به عضواً فعالاً في التغير أو شاهداً صامتاً له كل التقدير، ولتوجهاته الفكرية كل الاحترام ما دامت لا تحيد به عن طريق التصالح مع نفسه ومن حوله ومع مجتمعه الأكبر، أما من تأخذه العزة بالإثم فيعاند، فالعزم الحازم عن طريق ملاحقتهم وردعهم قانونياً هو ما يستحقونه، كي لا يكونون حجر عثرة في طريق التحول .
ولأن آمالنا الكبيرة استوعبتها رؤية قيادة حكيمة، فلا بد أن أتطرق بعد الحديث عن تغير النمط الفكري للشعب إلى التحدث عن المرأة وملفها الشائك في مجتمع من خوفه عليها ومنها وضعها داخل دائرة الحماية والوصاية، وجعل حركتها مكبلة بمئة قيد وقيد، ومع كل هذا نرى إشراقات أسماء كثيرة لنساء وطني، ونسمع بوضوح أصداء إنجازاتهن في مجالات عدة أخبرت العالم بأسره أن المواطن السعودي بشكل عام، ونساءه بشكل خاص، جدير بالتقدير والاحترام .
الأمير محمد بن سلمان وعد بقرارات حازمة تفعل، نصف المجتمع، شبه المعطل باسم حمايته، لأن القيادة الحكيمة تدرك تماماً أن أخلاقيات المرأة السعودية فوق الشبهات، وأنها جديرة بالدعم، لإيمانهم بكفاءتها وجزل عطائها، ما تحتاجه المرأة السعودية في المرحلة المقبلة هو رؤية واضحة تسلط الضوء على عتمة مشكلات المطلقات والأرامل ومشكلات أبناء المطلقة بعد الانفصال وإعادة النظر في ولاية الأمر بحسب الأهلية لا صلة القرابة وعوائق سفرها المشروط الذي يتجاهل تجاوزها لسن معينة أو ظروف عمل واجبة، نحتاج كنساء إلى تغير مسار نحو الطريق الصحيح مستمد من الرؤية الحكيمة، ليكتمل المجتمع بنسائه ويكتملن هن به.. “واستبشروا خيراً”، ونحن بالله ثم بقيادتنا الحكيمة ورؤيتها الجديدة نستبشر.