عروبة الإخباري- دعا مسؤولون وخبراء إلى أهمية الاستفادة من إنشاء مجلس التنسيق السعودي الاردني في دعم مسيرة الاقتصاد الوطني بطرح المزايا والفرص الاستثمارية على المجلس للاستثمار بها، مشيرين إلى أن إنشاء المجلس يعد مرحلة جديدة من العمل المشترك المثمر بين البلدين.
وأول من أمس، زار جلالة الملك عبدالله الثاني الرياض وتباحث مع أخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وأكدا أن التعاون بين البلدين استراتيجي وأساسي، وأن ما يهم الأردن والسعودية واحد، وأن أمنهما مشترك.
كما أكد الخبراء والمسؤولون في حديث لـ”الغد” أهمية استعداد الحكومة بطرح مشاريع جديدة في قطاعات حيوية كالنقل والطاقة المتجددة واليورانيوم، بالإضافة إلى عدد من المشاريع الكبرى، داعين إلى ضرورة التحضير بشكل جيد.
وجاء في البيان المشترك أول من أمس بناء على توجيه الزعيمين، ورغبة من البلدين في تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بينهما في المجالات كافة، فقد تم توقيع محضر إنشاء مجلس التنسيق السعودي الأردني في مدينة الرياض أمس.
ويهدف المجلس، الذي يرأسه عن الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان وعن الجانب الأردني رئيس الوزراء عبدالله النسور، إلى تنمية وتعميق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في المجالات المشار إليها بالبيان المشترك، الصادر في 11 الشهر الحالي.
وفي 11 نيسان (ابريل) الحالي في أعقاب استقبال جلالته لسمو الأمير محمد بن سلمان في العقبة، جاء فيه “وبناء على توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، اتفق الجانبان على تعزيز التعاون القائم بينهما في المجالات التالية:(تطوير التعاون العسكري القائم بين البلدين بما يعزز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز التعاون بين البلدين في مجالات الطاقة، والتنقيب عن اليورانيوم، وإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الطاقة النووية، و التعاون في مجال التجارة، وتعزيز الجهود لزيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وفتح المزيد من الفرص أمام الصادرات الأردنية إلى السوق السعودية، وتعزيز دور رجال الأعمال في مجال التعاون التجاري بين البلدين، و تعزيز الاستثمارات المشتركة في المشاريع التنموية والاستثمارية، التي يمكن تنفيذها مع القطاع الخاص، و توقيع مذكرة تفاهم بخصوص تأسيس صندوق استثماري مشترك بين البلدين، و التعاون في مجال النقل، خصوصا فيما يتعلق بنقل البضائع بين البلدين ووضع الخطط المناسبة لتحقيق ذلك)”.
من جهته قال وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور إبراهيم سيف ان قطاع الطاقة يحظى باهتمام سعودي وأولوية للاستثمار في مجالاته المتعددة في المملكة، وبين سيف في حديث لـ “الغد “امس ان آفاق التعاون في مجال الطاقة مع السعودية تشمل عدة مجالات تغطي التوليد التقليدي للكهرباء، اضافة إلى الطاقة المتجددة والطاقة النووية، مضيفا ان من المشاريع التي سيتم دراستها مع السعودية الربط الكهربائي ومنها إلى باقي دول الخليج.
كما قال سيف إن الحكومة ستحدد احتياجاتها المستقبلية في مجال الطاقة وأهم المشاريع التي يجب ان تنفذ في هذا الخصوص، وبناء على ضوء ذلك سيتم وضع اطر واضحة للشراكة مع السعودية في هذا المجال.
وأكد أن السعودية تعد حاليا من اهم الشركاء على صعيد الطاقة، إذ ان استثمارتها في قطاع التوليد من خلال شركة “اكواباور” يعتبر من اهم الاستثمارات العاملة حاليا في قطاع الطاقة في المملكة.
واستحوذت “أكوا باور” في تموز (يوليو) من العام 2011 على أكبر حصة في شركة توليد الكهرباء المركزية، وهي أكبر شركة توليد كهرباء في المملكة.
كما وقعت الحكومة مع “اكوا بور” السعودية نهاية العام الماضي اتفاقية لإعادة تأهيل محطة الحسين الحرارية باستطاعة توليدية مقدارها 485 ميجا واط وبحجم استثمار يصل الى 500 مليون دولار، اذ ستقوم الشركة السعودية بموجب الاتفاقية بإعادة تأهيل المحطة في الموقع ذاته علما بأن المشروع سيرفد النظام الكهربائي في المملكة بنحو 12 % من احتياجاته من الطاقة التقليدية.
إلى ذلك أعلنت “أكوا باور” للطاقة في وقت سابق من العام عن استحواذها على 70 % من شركة “صن رايز” للطاقة الشمسية التي تملك مشروع المحطات المستقلة للطاقة الشمسية لتوليد 50 ميجاواط في المفرق، على ان يسهم المشروع في تخفيض تكلفة انتاج الكهرباء وانبعاثات الكربون الناتجة من محطات توليد الطاقة في المملكة.
ويتوقع انجاز المشروع، وفقا للمشاركين في المؤتمر في شهر آب (أغسطس) من العام المقبل وذلك بعد ان تنهي شركة الكهرباء الوطنية محطة التحويل الخاصة بربطه على الشبكة، على ان يوفر المشروع طاقة شمسية بتعرفة تبلغ 43 فلسا لكل كيلوواط ساعة أي ما يعادل 6.13 سنت.
ومن المقرر ان تقام المحطة في منطقة الملك الحسين بن طلال التنموية في المفرق بالقرب من محطتين إضافيتين فازتا بثاني وثالث أعلى تعرفة في الجولة ذاتها لتشكل المحطات الثلاث مجمعا للطاقة الشمسية باستطاعة إجمالية تبلغ 150 ميجاواط.
كما بين الوزير أن مستوردات المملكة من النفط تتم حاليا من خلال شركة أرامكو السعودية بواقع شحنات شهرية تصل إلى المملكة عن طريق مصفاة البترول.
الى ذلك قال مصدر حكومي مسؤول في وزارة النقل، ان إنشاء مجلس للتنسيق السعودي الأردني سينعكس إيجابا على مختلف القطاعات الاقتصادية في الأردن بشكل عام وقطاع النقل بشكل خاص.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، “انه وفي حال تمكن الاردن من تسويق مشاريع حيوية في قطاع النقل من خلال ذلك المجلس، سيؤدي ذلك إلى فتح آفاق التعاون للارتقاء بالقطاع وتحسين مستوى خدماته”.
وأكد المصدر أن التركيز سينصب على مشاريع البنية التحتية في القطاع خاصة في ظل التزايد السكاني وارتفاع الطلب على المواصلات وتزايد اعداد السيارات التي فرضتها مشاكل النقل الموجودة.
ولفت المصدر الى إن قلة فرص التمويل للمشاريع التي يتم طرحها في قطاع النقل بمختلف إنماطه يتسبب بإعاقة وعرقلة إقامة العديد منها، مبينا أن آلية مواجهة التحديات تكمن في فتح باب الاستثمار في هذا القطاع، وشمول مشاريع النقل العام بقانون تشجيع الاستثمار.
ويواجه قطاع النقل في المملكة بعض التحديات على رأسها ضعف موازنة النقل العام وندرة الإقبال على الاستثمار في مجال النقل العام.
يأتي ذلك في الوقت الذي تسعى الحكومة لتنفيذ العديد من المشاريع العالقة في قطاع النقل، ومن بينها حافلات سريعة التردد التي تربط عمان بالزرقاء، إضافة الى مشروع السكك الحديدية الوطنية.
الى ذلك، أكد رئيس هيئة الاستثمار ثابت الور ان الهئية على استعداد لتقديم حوافز واعفاءات اضافية للمشاريع التي تثبق عن مجلس التنسيق السعودي الاردني، وذلك استنادا للمادة 8 من قانون الاستثمار رقم 30 لسنة 2014 الذي يشمل قطاعات اقتصادية واسعة.
وتنص المادة 8 من قانون الاستثمار على ما يلي “لمجلس الوزراء بتنسيب من مجلس الاستثمار منح مزايا وحوافز وإعفاءات إضافية لأي من الانشطة الاقتصادية، بما في ذلك الانشطة الصغيرة والمتوسطة أو اي أنشطة اقتصادية في مناطق جغرافية محددة في المملكة على أن يحدد القرار شروط منحها وإجراءاتها وأن ينشر بالجريدة الرسمية”.
وقال الور ان انشاء مجلس التسيق السعودي الاردني من شأنه ان يسهم في دعم مسيرة الاقتصاد الوطني من خلال المشاريع التي ستقام من خلاله، والتي سيكون لها دور في توفير فرص عمل للأردنيين وتحقيق التنمية.
وبين الور ان العلاقات الأردنية السعودية تعد نموذجا فريداً وحياً للتكامل الاستراتيجي في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتي يتمتع برعاية كريمة من قيادتي البلدين الشقيقين.
وأوضح ان السعودية تتبوأ موقعا متقدما في قائمة المستثمرين في الاردن، مع حجم استثمار فاق العشرة مليارات دولار في قطاعات النقل والبنية التحتية والطاقة والقطاع المالي والتجاري وقطاع الإنشاءات السياحية.
وبين الور ان المملكة العربية السعودية تعد الشريك الاقتصادي الاول للأردن بحجم تبادل تجاري بين البلدين تجاوز 5.3 مليار دولار خلال العام 2014، حيث شكلت نسبة الصادرات الأردنية إلى المملكة العربية السعودية حوالي 14 % من إجمالي الصادرات الأردنية، فيما شكلت المستوردات الأردنية من المملكة العربية السعودية ما نسبته 20 % من إجمالي المستوردات من دول العالم.
من جهته قال، الخبير الاقتصادي مفلح عقل “يجب على الحكومة التحضير للمشاريع التي تريدها وأن تكون بطريقة أفضل مما كان عليه في تنفيذ المنحة الخليجية”، مشيرا الى ان الإنفاق وصل الى نحو 3750 مليون دولار إلا ان المواطنين لم يلمسوا ذلك بشكل مباشر.
وأشار عقل ضرورة بعد توقيع إنشاء مجلس التنسيق السعودي الأردني الى أهمية استقطاب الاستثمارات السعودية، مبينا أن رؤية السعودية 2030 والتي رسمت أهدافها الاقتصادية للأعوام الـ15 المقبلة، تضع جدول أعمال موسعا لتحقيقها حيث تسعى لتقليل الاعتماد على النفط، وبالتالي لها مشاريع ضخمة يمكن أن تستفيد المملكة بحجم النمو الذي تريده مما يشكل فرصة للأردن في زيادة حجم التبادل وتحقيق معدلات نمو أعلى من التي حققها الاقتصاد الوطني في السنوات الماضية.