عروبة الإخباري- كتب هيثم حسّان- لم تخفَ غبطة المراقب العام السابق/ والمطرود من جماعة الإخوان المسلمين عبدالمجيد ذنيبات بإغلاق المقر الرئيسي للجماعة، معتبرا أن المقر “بقالة غير مرخصة”.
لكن المفارقة، أن الذنيبات شغل موقع المراقب العام “للبقالة غير المرخصة” لنحو 10 سنوات!!، ما يعني أن المحامي والقانوني الأبرز كان يرتكب مخالفة قانونية طوال عقد كامل، ناهيك عن عضويته في مجلس إدارة تلك البقالة خلال عقود طويلة!!.
لكن براغماتية هذا الرجل، مكنته في لحظة تاريخية مواتية من التقاط الفرصة، وتأسيس بديل عن الجماعة الأم “الراشدة”، رغم ان هذه الأخيرة مارست مهامها دون ترخيص بمزاولة المهنة، لنحو 70 عاما.
التساؤلات هنا تتطاير، لماذا لم تصوّب هذه الجماعة وضعها القانوني طوال 7 عقود، ولماذا لم تتنبه للترخيص خلال السنوات الأخيرة التي شهدت فيها العلاقة بينها وبين الدولة حالة الجذب والشد، بل إلى حد القطيعة في اوقات معينة؟.
والسؤال الأهم، أين الدولة عن تلك السنوات السبعين التي كانت فيها “الجماعة” تمارس السياسة وغير السياسة بلاحسيب ولارقيب؟.
الدولة، صاحبة السلطة، قد تجيب عن ذلك بقدر كبير من الاسترخاء: أغمضنا عيوننا عن الجماعة طوال تلك السنوات، والآن فتحناها!، ومن يملك حق التصريح يملك حق المنع، وفي أي وقت!!، بكل بساطة.
والحقيقة، أن الدولة أخذت تدرس ملف الإخوان المسلمين منذ سنوات، لاسيما بعد بروز طموحاتهم السياسية، وتصريحاتهم العلنية احيانا، والتي كانوا فيها “يزاودون” على عمر الدولة الأردنية، من خلال قولهم أن عمر الجماعة أكبر من عمر الدولة!!، وما يعنيه ذلك من مرامي وأهداف، ومطالبتهم بدور في السلطة التنفيذية، إلى غير ذلك من التصريحات الفجّة.
وكانت لحظة النشوة الإخوانية في عمان، عند فوز الرئيس (المخلوع) محمد مرسي بمنصب الرئاسة في مصر.. تلك اللحظة كان الشيطان يراودهم، ورأوا ان اللحظة مواتية لاستنساخ مايجري هناك على الأردن.
أحلام الإخوان لم تستمر ليال كثيرة، فبينما كان الاخوان في عمان يحلمون، كان الإخوان في مصر يديرون الدولة برعونة وسذاجة وكثير من الأخطاء، بل الخطايا، ثم سرعان ما حدث الإنقلاب العسكري على التجربة الإخوانية المراهقة!!.
لم يصدق الإخوان هنا ما جرى في القاهرة، ولم يكونوا يريدون تصديق “الكابوس”، ولمّا ايقنوا حقيقة الأمر الواقع صار حالهم كحال عبدالله الصغير في الأندلس عندما قالت له أمه:
إبك مثل النساء ملكا مضاعا لم تحافظ عليه مثل الرجال
وبعد حين ادرك بعض قيادات الإخوان أن حالهم لايختلف عما قال ابن زريق البغدادي:
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وهكذا لقي الأخوان أنفسهم في حال أسوأ مما كان قبل توليهم الحكم في مصر، وإضاعتهم له، بسبب عدم قدرتهم على إدارة الأنظمة والدول، لان حسابات الحقل لم تتطابق مع حسابات البيدر.
الآن، يواجه الإخوان لحظة الحقيقة، وهي انهم تنظيم أقيم على اساس الماء، بلا سند أو أساس قانوني لوجود الجماعة.
والحقيقة انه لامخرج للجماعة إلا من خلال حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع الحزبي لهم لممارسة العمل السياسي.
أما تنظيم الذنيبات الجديد، فهو بالمقاييس التجارية لا يُعد سوى “بسطة” في الشارع ذاته الذي يوجد فيه “دكان الإخوان غير المرخص” من حيث الوزن والتأثير والقوة التنظيمية والشعبية.