لا تبعث قائمة المرشحين لموقع رئيس الجامعة الأردنية، التي تسرّبت للإعلام، طمأنينة لدى كثيرين فيمن سيتولى موقع رئيس الجامعة.
وهذا ليس انتقاصاً من الأسماء، وقد يكون بينها بعض الأسماء الجيّدة؛ لكنّ الانطباع العام أنّنا لا نجد ضمنها تلك الأسماء الكبيرة، ذات الخبرة المتميزة في إدارة الجامعات. فهناك كثير من الأسماء المطروحة لا تمتلك الشخصية القيادية ولا الكاريزما المطلوبة لموقع الرئاسة الذي أصبحت له أهمية اعتبارية وأدبية. فضلاً عن أنّ المطلوب اليوم هو رئيس صاحب مشروع، ينقذ الجامعة من مراحل التخبط والتراجع التي مرّت بها خلال فترات سابقة، قبل أن تبدأ مشوار التعافي، وصولاً إلى إنجازات لا يمكن إنكارها تحققت خلال حقبة الدكتور خليف الطراونة، بالرغم من الصراع مع الوضع المالي.
لا أريد العودة هنا إلى موضوع عدم التجديد للدكتور خليف الطراونة، الذي أثار جدلاً واسعاً قبل أسابيع، وكانت له ارتداداته على علاقة رئيس الوزراء برئيس مجلس النواب؛ كما أثار تساؤلات عن المعايير الحقيقية في اختيار رئيس الجامعة أو تقييم عمله، بعد أن كان تقرير مجلس أمناء الجامعة إيجابياً بحق د. الطراونة.
لست في مقام تقييم عمل رئيس الجامعة السابق، وأحترم المؤسسية في التعليم العالي، لكن الأمور لم تكن واضحة ولا شفافة، والمعايير مطّاطة. فالمعطيات كانت تشير إلى توجه الجامعة إلى التعافي من أزمتها المالية، والوصول إلى مرحلة فيها رؤية القادم أكثر وضوحاً، وضبط العنف الجامعي، والأهم من هذا وذاك قدر أكبر من استقلالية الجامعة واستقرار الأمور الإدارية والرؤى.
عدم التجديد أصبح أمراً واقعاً. لكن كمتابعين ومراقبين ومهتمين، نطالب وزير التعليم العالي واللجنة المعينة للاختيار من بين المرشحين أن يقدموا لنا بديلاً مقنعاً لخليف الطراونة. وكنت شخصياً أتمنى أن يكون من بين الأسماء المرشّحة قيادات معروفة في الأوساط الأكاديمية، مثل الدكتور محمد عدنان البخيت والدكتور كامل العجلوني والدكتور وليد المعاني، والدكتور وليد عبدالحي، والدكتور محمد أبو قديس؛ ممن يحملون مشروعات ويملكون رؤى وتصورات، ولهم تجارب إدارية ناجحة، وفي الوقت نفسه أصبحت لهم درجة من الاعتبارية الرمزية في الأوساط الأكاديمية والسياسية بما يليق بتاريخ الجامعة وسمعتها والتفكير في المرحلة المقبلة.
لا نصادر مسبقاً على جميع الأسماء المرشّحة، ولا نريد أن نظلم أيّاً من أصحابها، فبعضهم له سيرة أكاديمية وإدارية جيدة، وبعضهم مجرد التفكير في وصوله إلى هذا الموقع كارثة حقيقية بحدّ ذاتها! لكن ما هو أهم من هذا وذاك أنّ الخشية من أن يؤدي هذا الاستسهال في تغيير موقع الرئيس إلى حالة تخبط وغياب رؤية وغلبة الطابع المزاجي للرؤساء الجدد والتقطّع في المشروعات الاستراتيجية المطروحة لمستقبل الجامعة!
شاهدنا خلال الرؤساء السابقين كيف أنّ أولوياتهم اختلفت وتباينت، وكلّ منهم كان يريد أن يأخذ الجامعة في اتجاه يراه مناسباً أكثر لها، وهذا أمر طبيعي لو كانت هناك مؤسسية راسخة في الجامعة وفي تقاليدها الإدارية، وكان الموقع فقط اعتبارياً أو إدارياً، لكن الواقع غير ذلك تماماً، فالجامعة بحاجة إلى إعادة ترميم التقاليد الإدارية وإلى الاستقرار في موقع الرئاسة قليلاً، وترسيخ قيم وأسس عميقة، وإلى حين ذلك نحتاج إلى رئيس له خبرة حقيقية وسمعة ورؤية.
أوساط عليا مرتاحة لما أنجزه رئيس الجامعة الهاشمية، كمال الدين بني هاني. ووفق متابعين، فإنه نجح في تخطي الأزمة المالية بجدارة، وتوفير دعم للجامعة وشراكات إقليمية أدخلتها في طور جديد صاعد. وهذا جيّد. نريد قبل أن نتورط في رئيس جامعة جديد معرفة فيما إذا كان لديه مشروع مقنع فعلاً لمستقبل الجامعة، ورؤية عميقة للتحديات التي تواجهها!