عروبة الإخباري- يؤكد الصحافيان في صحيفة “زودويتشه” اليومية الألمانية واللذان نشرا “أوراق بنما” أنهما “فوجئا” بالضجة الناجمة عن التسريبات التي تزعزع حالياً عدة حكومات، كاشفين عن معلومات جديدة ستكون مدوية، بحسب قولهما.
ويوضح أحدهما باستيان اوبرماير (38 عاماً) في مقابلة مع وكالة “فرانس برس” في مقر صحيفته في ميونيخ (جنوب): “لم اكن اتخيل قط هذا القدر من ردود الفعل، وان يتم تناول الموضوع بشكل واسع في التلفزيونات، وان نتلقى طلبات من إعلام العالم أجمع”.
ويضيف زميله فريدريك أوبرماير (32 عاماً): “بالكاد وصلنا الى نصف التسريبات المتوافرة”، مشيراً الى أنه “في الأيام المقبلة ستنشر مواضيع تعني الكثير من الدول وستتصدر العناوين”.
تدمير بالمطرقة
يتحدث باستيان أوبرماير عن المعلومات الضخمة المرسلة الى الصحيفة التي تأسست غداة الحرب العالمية الثانية، قائلاً “نرى مختلف أنواع الجرائم، نرى كيف تبيض كارتيلات المخدرات الأموال، نرى أن تجار السلاح متورطون، وأن العقوبات (الاقتصادية) يتم تجاوزها (كحال سوريا) ونرى التهرب الضريبي”.
ويرى انه “ان كان السياسيون يريدون فعلاً إنهاء ذلك فعليهم التحرك الآن”، متابعاً: “نحتاج حقاً الى تدمير نظام شركات الأوفشور بالمطرقة” لأن “سياسة الخطى الصغيرة لا تكفي.. فنحن نرى عبر هذه البيانات أنها تتكيف وتبتكر الأفكار” لتحويل الأموال في اتجاه ملاذات ضريبية عند اتخاذ اجراءات وطنية.
لكن زميله فريدريك أوبرماير بدا أكثر تحفظاً، قائلاً “اعتقد أن الجميع يكثر في الكلام، لكن ما سينفذ في النهاية مختلف”.
في ما يتعلق بهوية مصدر السبق يؤكد أنه يجهل “اسم” الشخص الذي سرب البيانات حول شركات “أوفشور” “قبل اكثر من عام”.
ويقول: “لا أدري إن كان رجلاً أو إمرأة أو مجموعة. أجهل هوية هذا الشخص” رغم “أننا تعارفنا قليلاً في غضون عام”.
ولحماية مصدره يرفض فريدريك الافصاح ان كان على علاقة مستمرة معه، أو كيف بدا رد فعله بعد صدور أولى التسريبات.
لكن دوافعه واضحة و”أخلاقية” بحسب الصحافي الاستقصائي. فمصدره “يريد كشف هذه الجرائم. يبدو أن مصدرنا اطلع على كميات ضخمة من هذه البيانات فقرر انه ينبغي نشرها”.
يضيف زميله باستيان أن المصدر “يريد أن يوقف (مكتب المحاماة البنمي) موساك فونيسكا انشطته”.
التعاون مستقبل الصحافة
يوضح باستيان، الذي كان متلقي الرسالة الإلكترونية الأولى من المصدر الذي عرض عليه معلومات من دون توضيحات إضافية: “لا يسعنا التكهن بأسباب الاتصال بنا نحن” عوضاً عن أي صحيفة أخرى.
بعد مرحلة “تشكيك” أولى، أدرك الصحافيان أن الوثائق الأولى التي بلغتهما أصلية، وقررا لاحقاً تقاسم المعلومات مع صحافيين من العالم أجمع. ويعتبر باستيان أن “مستقبل الصحافة (بالنسبة الى تسريبات بهذا الحجم) يكمن في التعاون الدولي”، لأننا “أقوى دائماً معاً”.
وحصلت الصحيفة، الثانية في ألمانيا من حيث الانتشار، على أكثر من 11 مليون وثيقة تخص مكتب “موساك فونسيكا” البنمي للمحاماة، سربها مصدر مجهول الإسم، تكشف الأسرار المالية لكثير من أصحاب المال والسلطة في العالم.
وتقاسمت الصحيفة الليبرالية اليسارية ثروة المعلومات هذه مع “المجمع الدولي للصحافيين الاستقصائيين”. وأدى الكشف، الأحد، عما سمي “أوراق بنما” حتى الآن، الى الاطاحة برئيس وزراء ايسلندا واستقالة مسؤول في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ووضع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الارجنتيني ماوريسيو ماكري في موقع حرج.
وتعتبر “زودويتشه تسايتونغ” التي تأسست في ميونيخ في العام 1945 احدى الصحيفتين المرجعيتين الكبريين في البلاد الى جانب صحيفة “فرانكفورتر الغيمينه”. وهي تبيع يومياً 368 الف نسخة، وتأتي ثانية في المبيعات في المانيا بعد صحيفة “بيلد”.
شعبية كاميرون
وفي سياق متصل، تراجعت شعبية رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الى أدنى مستوياتها، خلال ثلاث سنوات، بعد كشف معلومات حول صندوق “أوفشور” اداره والده في جزر البهاماس، بحسب استطلاع نشرته مؤسسة “يوغوف”، اليوم الجمعة.
ولم تتجاوز نسبة مؤيدي كاميرون 34 في المئة مقابل 58 في المئة من المعارضين، في أدنى مستويات منذ تموز، بحسب مؤسسة “يوغوف” التي لفتت النظر إلى أن رئيس “حزب العمل” جيريمي كوربن المثير للجدل، بات يحرز نتائج أفضل (52 في المئة) من رئيس الوزراء على صعيد تأييد الرأي العام.
وأجري الاستطلاع الاربعاء والخميس، بعد كشف تسريبات “اوراق بنما” الأحد الماضي، عن صندوق استثماري “أوفشور” اداره ايان كاميرون والد رئيس الوزراء الذي توفي في العام 2010.
وبعد ضغوط استمرت أياماً، أقر كاميرون، خلال مقابلة تلفزيونية مساء الخميس، بأنه امتلك حتى 2010 حصصاً في صندوق ائتماني لوالده كان مسجلاً في بنما.
ولم يعرب أكثر من 23 في المئة من البريطانيين عن الثقة في رئيس الوزراء المحافظ على صعيد ضبط مشكلة التهرب الضريبي، فيما بدا وزير ماليته جورج اوزبورن اسوأ حالا (17 في المئة).
كما كانت نتائج كاميرون واوزبورن اقل بكثير من كوربن (39 في المئة) وكذلك رئيس بلدية لندن بوريس جونسون (25 في المئة) المؤيد لخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي والمنافس لكاميرون.
الى ذلك، اشتكت فرنسا للجزائر من قرار برفض منح تأشيرة دخول لمراسل لصحيفة “لوموند” لتغطية زيارة يقوم بها رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الى الجزائر، بعدما تحدثت الصحيفة عن تورط مسؤولين جزائريين في “أوراق بنما”.
وذكرت “لوموند”، استناداً الى الوثائق التي سربت من شركة “موساك فونسيكا” القانونية في بنما، أن وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب قد أنشأ شركة للمعاملات الخارجية في بنما في نيسان 2015.
ونشرت “لوموند” أيضاً صورة في صفحتها الأولى للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بين زعماء قالت إن أسماءهم وردت في المستندات التي تعرض بالتفصيل الطريقة التي يخفي بها أثرياء وشخصيات بارزة ثرواتهم في حسابات سرية.
واستدعت الجزائر السفير الفرنسي، يوم الأربعاء الماضي، احتجاجاً على التقارير الإعلامية الفرنسية في هذا الشأن واعتبرتها حملة خبيثة.
وقال مصدر ديبلوماسي فرنسي “تم إبلاغنا بالنية لعدم إصدار تأشيرة دخول”.
وأضاف المصدر أن رئيس الوزراء الفرنسي تحدث لنظيره الجزائري عبد المالك سلال للتعبير عن عدم رضاه من القرار.(وكالات)