عروبة الإخباري – اعتبرت الأمم المتحدة والمعارضة السورية، أن الاعتداءات الدامية التي استهدفت بروكسل تذكِّر بضرورة التوصل الى حل سياسي للحرب السورية عبر المفاوضات التي تجري في جنيف.
وقال موفد الأمم المتحدة الى سوريا ستيفان دي ميستورا، أمس الثلاثاء، إن “مأساة” بروكسل تؤكد مرة جديدة ضرورة “عدم إضاعة الوقت والعمل لإخماد النار المشتعلة” في سوريا.
وتابع دي ميستورا أن “الحل اللازم لمكافحة الإرهاب يمرّ بالتوصل الى صيغة للانتقال السياسي في سوريا”.
ويُشرف دي ميستورا على مفاوضات غير مباشرة بين ممثلي النظام والمعارضة السوريين في جنيف.
وأدت الاعتداءات التي استهدفت مطار بروكسل ومحطة مترو في العاصمة البلجيكية، الثلاثاء، الى مقتل 34 شخصاً على الأقل ووقوع أكثر من 200 جريح. وتبنى تنظيم الدولة الإسلامية هذه الاعتداءات.
وزادت الحرب في سوريا من وطأة المشكلة ببلجيكا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وتبين التقديرات أن بلجيكا تعد البلد الذي صدّر عدداً من المقاتلين إلى سوريا يفوق أي دولة أخرى بأوروبا.(وفقاً لعدد السكان).
ويقول الخبراء إن عدد المقاتلين الذين سافروا إلى سوريا من بلجيكا يبلغ حوالي 450 مقاتلاً من أصل نصف مليون مسلم يعيشون في البلد الذي يبلغ تعداد سكانه 11 مليون نسمة.
ويعدّ الباحث بيتر فان أوستاين، صاحب أعلى رقم توصلت إليه تلك الأبحاث، حيث يقول إن عددهم وصل إلى 562 مقاتلاً.
ومعظم هؤلاء انضم إلى تنظيم الدولة الإسلامية، بينما فضّل بعضهم الانضمام إلى جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا.
وقد قُتل أكثر من 80 من هؤلاء، وكثير منهم قُتل في المعارك الأخيرة في سوريا.
مفاوضات أساسية
وفي موقف مشابه لموقف دي ميستورا، شددت بسمة قضماني، عضوة وفد المعارضة الى جنيف، على أنه “بات من الضروري أكثر من أي وقت مضى التوصل الى حل سياسي” للنزاع السوري الذي دخل عامه السادس متسبباً في مقتل أكثر من 270 ألف شخص.
واعتبرت في بيان، الثلاثاء، تعليقاً على هجمات بروكسل أن مفاوضات جنيف “تعد اليوم أساسية لاستعادة التوازن السياسي العام وتجنب الفوضى التي يهددنا بها المتطرفون الذين يضربون هنا في أوروبا وهناك في الشرق الأوسط”.
الأجواء تغيرت
وأضاف دي ميستورا أن “الأجواء تغيرت” منذ الجولة الأخيرة من المفاوضات التي تعثرت مطلع السنة الحالية. وقال إنه بعد نحو 10 أيام في سويسرا “لم يغادر أحد ولم يرفض أي طرف الطرف الآخر”.
إلا أن أي تقدم ملموس لم يسجل بعد في هذه المفاوضات، ولا يزال الشك سيد الموقف بين الطرفين.
وقال هشام مروة، عضو الوفد الاستشاري المرافق لوفد الهيئة العليا للمفاوضات (معارضة) الى جنيف، لوكالة فرانس برس إن مواقف وفد النظام الأخيرة “لم تكن مفاجئة، ولن تؤثر على قرارنا بالانخراط في العملية السياسية”.
وشدد على “إننا نبدي قدراً أعلى من المسؤولية والتحلي بالصبر لأننا نحاور نظاماً لا يحترم التزاماته ولا القانون الدولي أو رغبة شعبه في الانتقال السياسي”، لافتاً الى أن الوفد الحكومي “يحاول إثارة المعارضة للحصول على رد فعل منها”.
ويرفض الوفد الحكومي البحث في الانتقال السياسي رغم الضغوط التي يمارسها دي ميستورا في هذا السياق. واعتبر بشار الجعفري، رئيس الوفد المفاوض الحكومي في جنيف مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، الاثنين الماضي، أن “ما يتم الحديث عنه من قبل وفد السعودية (في إشارة الى وفد المعارضة).. حول مقام الرئاسة كلام لا يستحق الرد”، مضيفاً أن “الموضوع ليس موضع نقاش ولم يرد في أي وثيقة مستندية لهذا الحوار”، في إشارة الى مفاوضات جنيف.
انتقال سياسي من دون الأسد
وأوضح مروة أن “النظام يريد الانتقال السياسي كما يراه، أي مع بقاء الأسد، وهذا أمر مرفوض بالمطلق بالنسبة الينا”، مؤكداً أن “الانتقال السياسي يعني تشكيل سلطة جديدة تتولى كافة الصلاحيات بما فيها صلاحيات الرئاسة”.
ويشكل مستقبل الأسد نقطة خلاف جوهرية في مفاوضات جنيف، إذ تطالب الهيئة العليا للمفاوضات برحيله مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما يصر الوفد الحكومي على أن مستقبل الأسد يتقرر فقط عبر صناديق الاقتراع.
وقالت المحللة اغنيس لوفالوا، المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، لوكالة الصحافة الفرنسية إن “النظام لا يريد التنازل عن أي شيء لأنه يدرك أنه في حال الدخول في مفاوضات جديدة فستكون بداية النهاية له”.
إضاعة الوقت
وأضافت “سيستخدم كل الأساليب لإضاعة الوقت؛ لأن هذه الطريقة هي خشبة الخلاص له على أمل أن يعيل صبر دي ميستورا ويستقيل كما فعل سلفاه”، كوفي أنان عام 2012 والأخضر الإبراهيمي عام 2014.
إلا أن المحللة اعتبرت أن لدى الروس الوسائل “لليّ ذراع” النظام السوري. وستكون زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري لموسكو، الأربعاء، مناسبة لزيادة الضغوط على النظام السوري.
وقال دي ميستورا بهذا الصدد: “ننتظر الكثير من محادثات موسكو، ونأمل بأن تكون بناءة لتساعدنا على المضي في المحادثات بشكل معمق أكثر”.
من جهته قال أسعد الزعبي، رئيس الوفد السوري المعارض المنبثق عن الهيئة العليا للمفاوضات، بعد لقاء دي ميستورا بعد ظهر أمس الثلاثاء: “في هذه الجولة نلمس جدية واضحة من الأمم المتحدة في تناولها للعملية السياسية، لكننا نعول على المهمة الأساسية لمجموعة العمل لدعم سوريا خصوصاً الروس، حلفاء النظام، من أجل الضغط على النظام للانخراط في الانتقال السياسي، وهذا ما يرفضه النظام حتى الآن”.
أوراق الانتقال السياسي
وشدد الزعبي على مطالب الشعب السوري “المتمثلة في هيئة الحكم الانتقالي التي لا يمكن إطلاقاً الخروج عنها، ولا يمكن أن يكون لبشار الأسد أو لرموز حكمه في هذه الهيئة أي مكان منذ بداية المرحلة الانتقالية التي ستتولى قيادة الدفة في سوريا وصولاً الى الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية”.
واعتبر أن “كل ما يقوم به النظام الآن هو خارج الشرعية” لناحية رفضه البحث في الانتقال السياسي.
وتحدث الزعبي عن تقديم 4 أوراق الى دي ميستورا تتعلق الأولى “بالقضايا الإجرائية”، والثانية بـ”إطلاق سراح المعتقلين”، والثالثة بـ”الحصار الجديد”، داعياً النظام بهذا الصدد الى “الالتزام بما انبثق عن قرارات مجلس الأمن في ما يتعلق بالأمور الإنسانية”.
أما الورقة الرابعة فهي “مركزية، تتعلق بالمبادئ الأساسية للعملية السياسية”.
واعتبر الزعبي أخيراً أن “من البديهي ألا نجد أي نقاط التقاء” بين الورقة التي قدمها النظام الاثنين الماضي، وتلك التي سلّمتها الهيئة العليا للمفاوضات إلى دي ميستورا، مضيفاً: “نحن نتحدث بالشرعية الدولية والنظام يهرب منها، ويضرب بعرض الحائط كل قرارات الشرعية الدولية” التي تتحدث عن الانتقال السياسي.